البطالة ذاك الشبح المخيف الذي يؤرق الحكام / السيد ولد صمب انجاي

تشكل البطالة مصدر قلق وشبح مخيف بالنسبة للدول السائرة نحو التقدم ؛ خاصة بلادنا التى تعتبر من الدول النامية وذات الإقتصاد المضطرب ؛ ولهذا فالبطالة تمثل انتهاكا حقيقيا للفرد ومؤشرا على أن البناء الاجتماعي بانظمته المتباينة والمختلفة يعاني من اختلالات بنيوية ؛ خاصة في ظل  تغاضي الدول بمؤسساتها المعنية بالتظاهر الغير جاد لوضع آلية للتعامل مع نتائج هذه المشكلة ؛ خاصة إذا كانت هناك اعترافات ورؤى متعددة تقول  بأن البطالة هي حاضنة وموئل للإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة والهجرة السرية التى أرقت وتؤرق الحكومات. 

فما الذي نعنيه بالبطالة وما أنواعها وما الطرق الكفيلة للتعامل مع هذه الظاهرة وما آثارها الإجتماعية . ؟ أسئلة ضمن أخرى سنحاول التعرض لها من خلال حيثيات الموضوع ؛ فالبطالة يعرفها عالم الاجتماع ( أنتوني جيدنز ) بأنها تعني : " أن الفرد يقع خارج نطاق قوة العمل " ؛ ويعني العمل هنا العمل مدفوع الأجر أي المهنة ؛ في حين تعرف منظمة العمل الدولية العاطل عن العمل بأنه: " ذلك الفرد الذي يكون فوق سن معينة بلا عمل ؛ وهو قادر على العمل ويرغب فيه ويبحث عنه عند مستوى أجر لكنه لا يجده " وهكذا فالبطالة تعرف بشكل عام بأنها تعني : ( وجود جزء من العمال والراغبين في العمل دون عمل ؛ أي بقاؤهم خارج دائرة قوة العمل الفاعلة عاطلين عن العمل  ) .

فالحديث عن ظاهرة البطالة وإيجاد الحلول والمعالجات  لها ؛ يتطلب أولا بناء دولة المؤسسات وتشريع رزمة من القوانين بدء بإصلاح سوق العمل والقطاعات المستوعبة لليد العاملة على مستوى القطاعات الصناعية والزراعية وكذا القطاع الخاص ؛ وهي تعد أي البطالة مشكلا من أخطر أنواع  المشكلات والمعضلات الاجتماعية التى يترتب على وجودها آثار خطيرة ؛ فقد أكدت الدراسات وبخاصة الامبريقية ( empiriquement ) منها إلى وجود علاقة طردية بين البطالة والأزمات الاجتماعية التى تعيشها بعض البلدان وليس بلدنا بمعزل عنها ؛ وكانت وراءها أسباب عديدة نجمت عنها مخاطر جمة تحيق بالفرد والمجتمع ؛ وتؤدي إلي هدر واضح فى الإمكانيات البشرية والاقتصادية ؛ ولذا يتطلب من الحكومات تلافيا لتلك المشكلات والمعضلات أن توفر وتحشد كل الإمكانيات لمعالجة داء البطالة أو التخفيف من تداعياته على الدول ؛ وتنقسم البطالة إلى عدة أنواع منها على سبيل المثال لا الحصر : 

_ البطالة الدورية : وهي التى يتكرر حدوثها دوريا مع حدوث التقلبات والازمات الإقتصادية. 

_ البطالة الموسمية : حيث يزداد أو بنخفض مستوى الطلب على السلع والخدمات خلال السنة . 

_ البطالة الصناعية : ولا تظهر إلا عندما تكتشف آليات حديثة تستطيع أن تحل محل الإنسان في العملية الإنتاجية؛ الامر الذي يؤدي إلى تسريح أعداد كبيرة من العمال يشكلون فى نهاية المطاف جيش العاطلين عن العمل .

_ البطالة الهيكلية: حيث يتغير هيكل وبناء الإقتصاد بين فترة وأخرى؛ وحيث توجد صناعات كبيرة منعشة ويكون الطلب عليها عاليا ؛ لكن سرعان ما يتغير هيكل هذه الصناعات. 

_ البطالة المقنعة : وتعرف بالبطالة المستترة ؛ وهذا النوع من البطالة هو الأشهر لدى مفكري علماء الإجتماع والإقتصاد؛ فالبطالة المقنعة اوالمستترة ؛ هي العمل ولو كان فى كل الوقت المعتاد ؛ لكن على مستوى إنتاج منخفض أو دون الاكتفاء الذاتى لحاجات الفرد ؛ أو ضعف  الاستغلال لكامل مهاراته  ومؤهلاته  وقدراته ؛  كما تعود  أسباب  مشكل البطالة الى ارتفاع معدلات النمو الديموغرافي وسوء التسيير للموارد المالية وانكماش دور القطاعات الخصوصية وتفاقم ظاهرة الفساد الاداري والمالي في أجنحة الدولة الفتية ؛ والتدهور الامني وانعدام الاستقرار ؛ ما يؤدي بشكل أو بآخر في انتقال  الأيدي العاملة ؛ كما أن ضعف وتخبط السياسات الحكومية المتعاقبة على الأحكام  يعتبر عاملا هو الآخر من عوامل وأسباب البطالة ؛ ولا ننسى هنا أن تزايد أعداد الخريجين  يكرس وجود البطالة ؛ خاصة إذا لم يحظ هؤلاء  بتكوين مهني يساعد فى الولوج  لسوق العمل ؛ كل هذه العوامل مجتمعة لها آثار اجتماعية وثقافية وأخلاقية على الأفراد وحتى الدول ؛ فهي تعمل على اضعاف عامل الولاء للوطن والدولة ؛ وتراجع حالات الاستقطاب والتأييد للسياسات الحكومية ؛ كما تساهم بشكل أكبر فى ظاهرة الإلحاد التى عمت بها البلوى في الاونة الأخيرة ؛ فهي تعمل على حمل الأفراد لعقائد وأفكار الإلحاد الهدام والمضر بالنسيج الإجتماعي واللحمة الإجتماعية ؛ بمعنى آخر أن البطالة تشكل عاملا قويا لاندفاع الافراد الأعمى  تجاه الفكر الالحادي ؛ والى الارهاب وانتشار المخدرات وغيرها من الجرائم بغية الحصول على المال والثراء وبأية وسيلة ؛ كما أن للبطالة آثارا سلبية غلى تماسك الأسرة ؛ فهي تعمل على تدمير العلاقات الأسرية والقرابية وعزوف الشباب عن الزواج ؛ كما تساعد في هجرة الأدمغة وأصحاب الكفاءات العلمية التى يحتاجها البلد .

وكحوصلة لما قدمنا تمثل البطالة كابوسا مقلقا وحقيقيا بين السلطة والمجتمع ؛ لكونها  تشكل إحدى المشكلات  الهدامة  والمعيقة للعملية التنموية وأحد روافد ومنابع  العنف والإرهاب ؛ ولهذا يتطلب الأمر في ختام  كلامنا عن هذه الظاهرة  المخيفة  أن نقدم  مجموعة من  الاقتراحات والمعالجات  المتواضعة علها تساهم في حل المعضلة ؛ أو الحد منها  : 

1 _ وضع استراتيجية وطنية فاعلة لمعالجة البطالة .

2 _ تشجيع مشاريع الإستثمار وجذب رجالات الأعمال وليكونوا أجانب؛ لكن شريطة أن تكون اليد العاملة موريتانية.

3 _ البحث عن بديل غير الغاز لدعم القطاع الاقتصادي كتشجيع الزراعة ومكننته بالآليات والوسائل العصرية .

4 _ منح قروض ميسرة وفق آلية معينة للعاطلين عن العمل ؛ مع أن ليس كل من لا تتوفر لديه فرصة عمل يعد عاطلا عن العمل .

5 _ مراجعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لسياساتها بشأن الخريجين وتكييف البرامج لمتطلبات سوق العمل. 

6 _ تقديم الدعم للمرأة وخاصة على المستوى الرسمي والحكومي باعتبارها عنصرا فاعلا فى المجتمع ؛ فمتى سيتم التعامل بجدية مع هذه الظاهرة التى تؤرق حكام العالم الثالث المولعين والضالعين فى عملية الفساد بغية الحصول على الثراء الفاحش على حساب مواطنيهم الذين أنهكهم تخبط  السياسات العشوائية . ؟

 

اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد 

 

كيفه بتاريخ  : 02 / 03 / 2020  

 

3. مارس 2020 - 7:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا