عديدة، صريحة وضمنية، بأبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية، تلك هي الرسائل التي حملتها كلمة رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني، وردوده على الأسئلة، خلال المؤتمر الصحفي الذي توج مأدبة عشاء فاخرة، وغير مسبوقة، دعا إليها في القصر الرئأسي، أجيالا من الإعلاميين الموريتانيين، وكانت في مقدمة اهتمام وسائل الإعلام الوطنية المختلفة، سحابة أسبوع كامل؛
عناوين كثيرة ذات صلة بمختلف جوانب ذلك الحدث، الفارق، شكلت موضوعات للمتابعة والقراءة والتحليل، أبرزها واقع الصحافة والإعلام، وقضايا النشر وتمييع الحقل، وأخلاقيات المهنة، ودور المؤسسات والنقابات والروابط، والضوابط المعيارية، بالإضافة إلى شواغل صغيرة، من قبيل: من حضر ومن لم يحضر، ولما ذا؟ ربما شغلت المتلقي عن الرسائل وحمولتها المنوعة..
وبين الرضى المبالغ فيه، أحيانا، والتحامل المبالغ فيه غالبا، وقف الكتاب والمحللون، من النقاط التي تطرق لها الرئيس خلال لقائه بالصحافة، تثمينا أو استدراكا، أو تصويبا، أو تحذيرا؛ وبين المبالغات حضرت ألام العشرية وعقابيلها وتبعاتها، وبالحجم نفسه حضرت آمال الفكاك منها، والقطيعة الكاملة مع تلك الممارسات.
تعلقت فاتحة رسائل السيد الرئيس التي حرص، خلال اللقاء، على رفعها للمواطنين، بإيلائه الأولوية القصوى لتوطين حالة من الأمن المستدام في البلاد، حوزة ترابية، ومواطنين ومقيمين، وأملاكا وثروات، وبرامج وخططا واستراتيجيات، ومصالح، وجوارا، وعلاقات دولية، وتلك أولوية الأولويات، فأي معنى لإطلاق الورشة الوطنية الكبرى لتعهداتي، في اتجاهاتها المختلفة، في واقع هش على مستوى الأمن والاستقرار.؟
رسالة أخرى وجهها الرئيس، همسا، ربما لتحقق الغاية منها دون جعجعة؛ يتعلق الأمر بنهاية عهد التخبط والتردد، عهد العبث بالثوابت والمقدسات، والاستعجال، في المشاريع و البرامج، والاحادية في القرارات، والمزاجية في الموقف؛ وهو ما يعني دخول عصر دراسات الأولوية والإمكنية والجدوى، وقد جاءت الرسالة في ثنايا حديث الرئيس، حين اعتبر فترة نصف العام حيزا ضيقا عن الإنجاز الملموس، لكنها كانت متسعا للإعداد والاستعداد.
محاربة الفساد، ظلت إحدى الأغنيات السمجة، التي اصمت أسطوانتها المشروخة كل الآذان، فيما كان البلد من كل اقطاره غارقا في نقيضها المستشري في كل مفاصل الدولة؛ لقد كانت مكافحة الفساد شعارا زائفا، نهبت تحت لافتته مقدرات البلد وثرواته وخيراته، وما زال أبطال السلب والنهب الممنهج، يصولون ويجولون قي قيادة مراكز حساسة، ألفها الفساد وألفته، طيلة العشرية العجفاء، ولقد كان الرئيس صريحا في الموقف من هؤلاء، حين قال: "لا مكان معنا للمفسدين، ولن نتعايش معهم"
رسالة الفصل بين السلطات، وتجديد العهد بالكف عما ألفه الناس طيلة العقود، من هيمنة التنفيذية على التشريعية والقضائية، وتسخيرهما خارج الضوابط الدستورية، لتصفية الحسابات السياسية، والزج بهما في كل ما لا يناسبهما من صغائر الامور؛ لقد وصلت رسالة الفصل بين السلطات، بل لمس الناس اثرها في وقف المتابعات وعودة المهجرين، عسفا، وفي تصدي كل من السلطتين لغول الفساد،، ومبادرتهما بالتحقيق في بعض الملفات، بعيدا عن السلطة التنفيذية.
السيد الرئيس؛ لقد وصلت رسائلكم المصممة على التصدي الآمن لركام الفساد، في هدوء، وبلا هزات طالما ألفها البلد وأهله، لتجعل من المفسد بطلا، ومن المصلح ضحية، واختلط فيها المحسن بالمسيء، والحابل بالنابل؛ صحيح أن طريق الإصلاح محفوف بالاشواك والجدر والحواجز، لكن الإرادة المصممة، والانحياز إلى الحق والعدل، كفيل بتذليل الصعاب، وتقريب الاهداف
وصلت الرسائل... نعم لقد وصلت رسائلكم.. !!