لماذا يهتمون بنا أكثر مما نهتم بأنـفـسنا؟ / الطيب ولد سيد أحمد

نشرت المُـدرسة العراقية / حوراء حوراء السعدي على صفحة مدرسي ومدرسات اللغة العربية  في الفيسبوك منشورا جاء فيه ما يلي :

    السفيرة البريطانية / جين ماريوت قالت في تقريرها عن التعليم في العالم العربي في مجلس العموم البريطاني: النظام التعليمي في العالم العربي يؤدي إلى مفارقات مدهشة في الخريجين:

 فطلاب الدرجة الأولى من الأذكياء يذهبون إلى كليات الطب والهندسة؛ بينما خريجوا الدرجة الثانية يذهبون إلى كليات إدارة الأعمال والاقتصاد وبذلك يصبحون مدراء لخريجي الدرجة الأولى .

  في حين خريجوا الدرجة الثالثة يتجهون للسياسة فيصبحون ساسة البلد فيحكمون الدرجتين الأولى والثانية .

  أما الفاشلون في دراستهم فيلتحقون بالجيش والشرطة فيتحكمون في الساسة يطيحون بهم من مواقعهم أو يقـتلونهم إن أرادوا .

  المدهش حقا أن الذين لم يدخلوا المدارس أصلا يصبحون شيوخ قبائل يأتمر الجميع بأمرهم .

انتهي المنشور بحروفه

   بغض النظر عن صحة سند هذا المنشور من عدمها؛ ومصداقية مقاربته من عدمها؛ يبقي مبدأ تعيين سفيرة مكلفة بإعداد تقرير استخباري عن حالة التعليم في البلاد العربية أكثر من وارد؛ بل تعيين عدة سفراء لتقصي سائر شؤوننا وارد جدا فهؤلاء يهتمون بدراسة أحوالنا أكثر مما نهتم بها نحن ولهذا الغرض انشؤوا معاهد متخصصة للدراسات الاستراتيجية يُدرسون فيها تواريخ الأمم وحضاراتها ويشخصون حاضرها ليستشرفوا مستقبلها ويحضروا أنفسهم للتعامل مع كل التطورات المحتملة بما يلزم ؛ ونحن على رأس أولوياتهم ليس حبا فينا ولا شفقة علينا ولا رغبة في الخير لنا وإنما إمعانا في التحري عن أحوالنا للتربص بنا شر متربص ؛ حتى يضمنوا إحاطة تامة بأدق تفاصيل حياتنا اليومية لأغراض استعمارية بحتة.

   فهم معنيون بتحديد السقف الذي لا يريدون لنا تجاوزه؛ وكلما استشعروا قوة أو تطلعا إلى استقلال أكثر في المواقف والقرارات من أحد أنظمتنا المجزأة بمقاساتهم أصلا؛ اختلقوا له من الذرائع والمكائد ما يكسر شوكته ويحد من طموحه فقد يختلقون له عدوا من جيرانه بل أشقائه يلجؤنه به إليهم وقد يغرونه هو نفسه بمشاكسة شقيق أو جار يشغله عن أولويات تنمية بلده وهناك ما بات يعرف أمريكيا بالفوضى الخلاقة وهي إشاعة الهرج والمرج في أمة من الأمم بغرض تدميرها بأيديها وتكون سوقا لأسلحتهم.

    كل ذلك ممكن وكله مجرب ومتى لم ينفع معه شيء من ذلك سلطوا عليه من العقوبات ما يوهن قواه ويؤلب عليه رعيته وإلا لفقوا له من المكائد والافتراءات ما يسوغون به شن الحرب عليه والأمثلة كثيرة ومعلومة لدينا جميعا .

     وما قصة العراق وإيران؛ والعراق والكويت والإطاحة بصدام لاحقا وانقلاب مصر والعقوبات الراهنة على إيران منا ببعيد؛ وما هي إلا نماذج من بين أخرى لهدف واحد وهو الإصرار على عدم السماح لأي قوة عربية أو إسلامية بتجاوز الخطوط الحمراء .

   ولاشك أنهم الآن يتربصون شرا بأوردغان ؛ يتحرشون به تارة ويحرضون عليه أخرى ويغرونه هو أحيانا بغيره لعل وعسى أن تزل قدمه أو يقع في ورطة تكفيهم مؤنته .

  تلك سياسة مبدئة ممنهجة مبينة لكل من تسول له نفسه شق عصا الطاعة؛ تتواطؤ عليها الدول الاستعمارية جمعاء وتكرس لها إمكاناتها العلمية والمادية والاستخباراتية ودهاءها السياسي وتتبادل فيها المعلومات والأدوار حسب السياقات والمصالح .

  وكل ما تشهده ساحات المنطقة من اصطفافات وكراهيات وفتن داخلية وحروب بينية ليس صدفة ولا اعتباطا؛ بل هو من تدبير محكم عن دراسات معمقة ومحبوكة .

   وعليه فمن المسلم به أن يكون لا بريطانيا كما لغيرها من الدول الاستعمارية سفراء وخبراء ومؤسسات متخصصة في الاستعلام عن أوضاع العرب والمسلمين عموما وعلى رأسها التعليم الذي هو أساس التنمية ومحدد الهوية .

   ترى إذا كان هذا هو موقف هؤلاء منا؛ وهو كذلك بالفعل فماذا علينا تلقاء أنفسنا أجدى لنا من جلد ذواتنا ونتبادل الشتائم والاتهامات والتنابز بالألقاب والإمعان في المؤامرات والإحتكام في النهاية إلى الآخر وهو من أوصلنا إلى ما نحن عليه ؟ أي آمال نعلقها على هذا الواقع ؟  

19. مارس 2020 - 23:24

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا