إن الازمة الحالية التي سببها الوباء العالمي كورونا قد أزاحت الوشاح عن واقع مر نعيشه في موريتانيا. يتمثل هذا الواقع في غياب التعاملات الرقمية بين الحكومة والمواطنين وبين المواطنين أنفسهم. ففي الوقت الذي استفادت منه أغلب الشعوب مما توفره التكنولوجيا من خدمات عمومية وخصوصية في ظل الأزمة الحالية، بقي الشعب الموريتاني (ومعه حكومته) مشدوها ومحتارا بين إجبارية البقاء في المنازل وغياب الخدمات عن بعد، مما اضطر البعض لاستخدام تطبيقات كالواتساب مثلا مع ما يترتب على ذلك من كشف للخصوصيات على محدوديته.
لفد حان الوقت لتقوم الحكومة بإعداد منصة رقمية لخدمة المواطنين والتبادل معهم في هذه الظرفية الخاصة. ولذا نقترح أن تكون هذه المنصة على شكل تطبيق يتم تحميله و الولوج له مجانا من العامة ويحوي لوحة تحكم وفضاء تفاعليا يشمل جميع المصالح والخدمات والمعاملات التي قد يحتاجها المواطن من الإدارة، وإن أمكن إنجاز الخدمة أو المعاملة عن بعد فبِها ونعمة، وإلا يتم تقديم الإرشادات الضرورية للمُعامل.
يمكن أن تتكون المنصة من جزئيين:
الجزء الأول: وهو مثل البوابات الحكومية الموجودة في أغلب الدول ولا توجد في بلادنا للأسف، وهي منصة لتقديم الخدمات العمومية الاعتيادية عن بعد للمواطنين والقطاع الخاص بل حتى لأطراف الحكومة الأخرى. وهي الخدمات التي تتأكد الحاجة لها الآن في ظل الظروف الاستثنائية التي تفرض التعامل عن بعد على الجميع.
الجزء الثاني: وهو المعني بتسيير الأمور المتعلقة بالأزمة الحالية مثل:
- متابعة وتقييم المصابين وحالات الاشتباه ولوجيستيك الحجز أوالحجر.
- متابعة وتقييم وضعيات التموين والتخزين في مختلف المناطق ولمختلف المواد.
- تسيير الحالات الخاصة والجيوب الهشة وتموينها (إن تقرر الحجر الكامل وهو محتمل)
- تسيير التبرعات،
- نشر المعلومات الموثوقة عن الوباء وتطوره
قد يقول قائل إن البنى التحتية القانونية و التقنية لم تكتمل بعد في بلادنا، وها صحيح للأسف .. لكننا نقول إن "ما لا يدرك كله، لا يترك جله" وعلينا أن نوفر ما أمكن من التعاملات المتاحة والتي لا تحتاج درجة وثوقية عالية، فعلى الأقل ستكون هناك قناة اتصال معروفة وعن بعد بين المواطن والإدارة. مع اعتقادي أن ما ينقص الناحية القانونية هو مجرد مراسيم أغلبها جاهز ويمكن للحكومة إصدارها في أول اجتماع.
وقد يقول قائل آخر إن البيانات الضرورية لفعالية الجزء الثاني عن طريق استخدام الذكاء الاصطناعي غير موجودة في بلادنا.. لكننا نقول إنه لو أرادت الحكومة استخدام (ملف الحالة المدنية؛ ملفات مشتركي الاتصال وربما الملف الانتخابي لتحديد الإقامة) بالإضافة لإمكانية استخدام استفسارات بواسطة ال أس أم أس، لحصلت على كمية بيانات مهمة جدا و يمكن العمل عليها لفعل الكثير، من متابعة الإصابات وحالات الاشتباه إلى قضايا التموين وغيرها في المناطق الهشة.
إن الأمر بسيط جدا ويمكننا نوفير التطبيق عن طريق متطوعين/متبرعين لبرمجته أو افتنائه بل وتسييره لفترة لكن مشكلة البيانات لا يمكن الحصول عليها إلا عن طريق الدولة .. وبطبيعة الحال سيكون للدولة نفسها الإشراف وامتلاك التطبيق حرصا على البيانات.