فايروس كورونا : ذاك الداء الذي زادنا قربا من الله وكشف زيف قوى الدول العظمي/ السيد ولد صمب انجاي

عرفت البشرية على مر التاريخ إنتشار العديد من الأوبئة القاتلة والفتاكة ؛ والتى أزهقت الكثير من أرواح البشر ؛ مثل الكوليرا والطاعون والحصباء والانفلونزا ... إلخ ؛ ويعد فايروس كورونا واحدا من تلك الأوبئة الخطيرة ؛ التى تمتاز بسرعة الإنتشار ؛ ولذا يحذر خبراء الصحة منه ؛ نظرا إلى أنه باستطاعته حصد الكثير من الأرواح فى حالة ما إذا انتشر هذا الداء ؛ ولقد كانت الحكومة بتعليمات مباشرة من رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الغزواني قد أخذت كل الإجراءات الضرورية فى الوقت المناسب للتصدي لهذا الداء ؛ من إجراءات احترازية وصحية ؛ من نظافة ومن الحد للحراك بين المواطنين وغلق  للمعابر الحدودية ؛ ومطارات  ومطاعم وأسواق ؛ إضافة الى إغلاق المدارس والجامعات وحظر ليلي لحركة المرور بدء من الساعة السادسة مساء وحتى الثامنة صباحا ؛ كل ذلك من أجل تأمين حياة المواطنين ؛ وارتباطهم بضرورة الوعي والثقافة الصحية ؛ ومن ثمة عبأت الدولة بتوجيهات سامية من فخامة رئيس الجمهورية كافة إمكانياتها المادية واللوجستية حفاظا على أرواح المواطنين من إنتشار هذا الفايروس ؛ ولهذا يتحتم على الجميع السهر على تطبيقات تلك الإجراءات الأساسية الصادرة عن السلطة العليا والسلطات الصحية ؛ كما يتطلب ذلك أيضا تضافر جهود الجميع ؛ من علماء وفقهاء وسياسيين ؛ و قادة رأي ورجال أعمال ؛  ومنظمات مجتمع مدني ؛ وصحافة ؛ واعلاميين واندية ثقافية وتوعوية ؛  وتكتلات شبابية ؛ كي نضع حدا لانتشار هذا الوباء فى بلادنا ؛ فالإسلام  وكما يعلم الجميع ؛ ينطلق فى مسألة العلاج والتداوي بصورة عامة من منطلق أن الحفاظ على النفس والبدن والعقل والفكر والمال من الضروريات الأساسية التى جاءت الشريعة الإسلامية الغراء بغية الحفاظ عليها وحمايتها وتنميتها ؛ وقد بين الإسلام للبشرية بأن ليس هنالك من داء إلا وله دواء ؛ ولكل مرض شفاء ؛  علمه من علمه وجهله من جهله ؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لم ينزل داء ؛ أو لم يخلق داء ؛ إلا أنزل أو خلق له دواء ؛ علمه من علمه وجهله من جهله إلا السام ؛ قالوا : يا رسول الله وما السام ؟ قال : الموت . ) .

ولا ريب فى صدقية هذا الحديث ؛ فهو صحيح ويعطي الأمل لكل سقيم ومريض ؛ من أنه ما من مرض ولا سقم إلا وكان الله قد أوجد له دواء ؛ عكس ما يتصوره البعض من أن هنالك بعض الأمراض ؛ التى لا علاج لها ولا شفاء منها ؛ فالمنهج الإسلامي يقوم على التزاوج بين الطب الروحي والنفسي والطب المادي معا ؛ ومما يحد من إنتشار الفايروس هو إحترام تلك الإجراءات المتخذة من لدن السلطات الصحية ; التى لا تتنافى والإسلام؛ باعتبار هذا الأخير حث عليها فى حالة ما إذا  وقع الوباء بأرض نحن فيها ؛ فلا نخرج منها فرارا منه ؛ وإذا وقع بأرض ؛ فيجب علينا ألا نطأها حتى لا ننقل العدوى ؛ فتنتشر إنتشار النار فى الهشيم ؛ فأي شخص شك بإصابته بأي مرض معد ؛ ومنه الزكام فى حالة كورونا فعليه تجنب اللقاءات العامة والتجمهر ؛ كي لا تنتشر العدوى ؛ كما يجب الامتناع عن ركوب الحافلات العامة والذهاب للمطاعم والأسواق والمدارس ؛ كل ذلك من أجل صحتنا وأمننا وتجنيب بلادنا من خطر هذا الداء ؛ فالوقاية كما يقال خير من العلاج .

وهكذا فهذا الوباء هو جند من جنود الله ؛ التى لا يعلمها إلا هو ؛ يقارع به كل ظلام وجبار ومتكبر متعال يظهر قوته ؛ وهو تحد سافر للدول العظمى التى كانت  بالأمس القريب تفتخر بتقدمها العسكري والتكنولوجي والإقتصادي ؛ والتى لا تعير أي إهتمام بالجانب الروحي الإيماني الرباني ؛ فطغى فيها الجانب المادي على حساب الجانب الأخلاقي؛  وليس لها من اله تعبده غير الماديات ؛ فسلط الله عليها جندا من جنوده التى لا تعد ولا تحصى قال تعالى  : ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) ؛ ولهذا فهذا الفيروس الفتاك له وجهان كما يقول النابلسي  :  (  الوجه الظاهر أنه بلاء ؛ والوجه الآخر أنه زادنا قربا من الله ؛ بعد ابتعادنا عنه باغواء الشيطان ؛ وعجت إليه الأصوات بصنوف اللغات ؛ كما تجلى الإيمان بالغيب واللجوء إلى من له القدرة المطلقة على دفع الضر عنا وظهر لنا مدى فقرنا ؛ فالمال والجاه عجزا عن مواجهة ودفع البلاء ؛ فتراجعت نسبة الفواحش بتعطيل أماكن الملاهي ؛ وتم انكشاف حقيقة من كنا نعتقد أنهم قوى عظمى ؛ فهي اليوم أوهن من بيت العنكبوت ؛ كما تجلت لنا صورة مصغرة من صور يوم القيامة : ( يوم يفر المرء من أخيه) ؛ واتضحت لنا قيمة النعمة المجهولة ( الصحة  ) وانكشف قدرها؛ فازداد شكرها؛ إذن كم يحبنا الله ويصبر علينا ( فالله يمهل ولا يهمل ) ويقبلنا ويرحمنا ويتوب علينا ؛ إذا عدنا إليه واخلصنا الارتباط به وتعلقت قلوبنا شوقا إليه من أجل دفع الضر عنا  ) .

وقبل الختام أرجو من العلي القدير أن يرفع غضبه ومقته عن الناس جميعا ؛ ويقي بلادنا وسائر المسلمين فى كل مكان من كل سوء وضرر وسيء الأسقام ؛ إنه على ذلك قدير وبالاجابة جدير .

اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد 

 

21. مارس 2020 - 11:39

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا