لا يزال فيروس كورونا المستجد يخترق دول العالم متسببا بإصابات تجاوزت عتبة 380 ألف مصاب بعد نحو ثلاثة أشهر من ظهوره في مدينة " ووهان الصينية " وتصنيفه لاحقا من طرف منظمة الصحة العالمية وباء عالمايا – ، وإن كانت الإحصائيات تظهر أن عدد المتعافين منه بلغ مائة ألف وفق أحدث إحصائية. فقد كشفت أحدث إحصائية لعدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد (COVID-19 ) حول العالم أن عدد الإصابات به تجاوزت 380 ألفا حتى صباح اليوم . وأظهرت بيانات منصة "وورلد ميتر" الدولية المتخصصة في الإحصائيات أن إجمالي عدد الإصابات حول العالم تجاوز 381 ألفا حتى اليوم الثلاثاء (24 آذار/ مارس 2020) . بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 16558. حسب موقع جامعة "جون هوبكنز".
في موريتانيا كانت السلطات العليا في البلد تتابع الوضع المقلق عن بعد ، وكيف أعيى كائن مجهول أطباء العالم ، وإثارته الكثير من الرعب والهلع والخسائرالاقتصادية الهائلة ، في دول كانت تظن أنها بمنئا عن أي سيناريو قد يعجز التقدم العلمي والقوة المادية والعسكرية عن فك لغزه ، لكن قدرة الله جعلت من هذا الفيروس درسا كونيا يعيد البشرية إلى التفكير مليا في قدرة الباري سبحانه وتعالى وتصرفه المطلق في مخلوقاته .
على غرار نظيراتها في العالم بدأت الدولة الموريتانية تأخذ التدابير اللازمة تأهبا لأي طارئ ، وهو ما ترجمته في تشكيل لجنة تضم عدة قطاعات وزارية وقيادات أمنية كل يعمل في مجال اختصاصه . ففي بلادنا لم تسجل الجهات الصحية سوى حالتين وافدتين من دول ظهر فيها الوباء وتتماثلان للشفاء ، وهو ما يعني أن الوضع لا زال تحت السيطرة وأن بلدنا ناج ولله الحمد والمنة .
في هذه المقالات سأحاول تتبع خطة الحكومة وقراءة النتائج المتوقعة والوقائع المعلنة سلبا وإيجابا في مواجهة هذا الفيروس - الذي نسـأل الله أن يجنبه بلادنا وبلاد المسلمين – وكذا ما اتخذته الدولة من تدابير في هذا السياق على مستوى كل قطاع أثبت رأسه المشاركة الفعلية في أزمة " كوفيد 19 " .
مجال الصحة :
كانت وزارة الصحة الد ليل الرسمي على جدية الحكومة في التصدي لجائحة تجتاح العالم عبر مواكبتها لتطورات الوباء في دول الجوار والعالم كله ، إلى جانب تكوينها لطواقم صحية تواكب حالات الطوارئ وتعمل على وضع استيراتيجية واضحة المعالم للوقاية من الفيروس الفتاك ، وذلك من خلال العمل على وضع القادمين من البلدان الموبوءة في الحجر الصحي حتى انتهاء المدة المحددة من طرف منظمة الصحية العالمية ، ومتابعة المحجوزين وتطورات صحتهم ، وكذا الإشراف مع القطاعات المعنية على إغلاق مطار البلاد الدولي وحدودها البرية والبحرية مع دول الجوار .
إلا أن هذه الأزمة قد أزاحت الستارعن هشاشة منظومتنا الصحية وما تعانيه مستشفياتنا العمومية من إهمال وعدم رقابة جعلها لا تتوفر على الحد الأدنى من المعدات والوسائل اللوجستية الضرورية : ( أسرة إنعاش ، أجهزة تنفس اصطناعي ، تصوير طبقي ، مخطط صدى ، تصوير بالرنين ، تنبيب تنفس.....) . كما أن الأجهزة المخبرية لم تكن كافية لتحاليل أمراض غير معروفة ، الأمر الذي ألجأ البلد إلى إرسال فحوص بعض المشتبه بهم إلى إحدى دول الجوار ، إلى غير ذلك من نواقص وأخطاء تنضاف إلى عدم توفر الوزارة على خلية إعلامية تستطيع أن تواكب مثل هذه التطورات الصحية الطارئة ببيانات سليمة ، وتمد الرأي العام بالمعلومة الصحيحة على مدار الساعة قطعا للطريق على عشاق ومروجي الشائعات .
قطاع الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي :
من خلال مواكبة الأداء الحكومي على مستوى تعاطي القطاعات الوزارية مع الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا ، يلاحظ المتتبع للشأن الوطني أن وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي ، كانت يقظة في جانبها المتعلق باختصاصها ، حيث عبأت قادة المجتمع من أئمة ودعاة ومرشدين إلى تبيين الموقف الشرعي من التعاطي مع الوباء إذا حل بأرض المسلمين ، ووضع القائمين على المؤسسات الدينية أمام مسؤولياتهم ، كما أنها ظلت إلى جانب قطاع الصحة مقارنة مع الوزارات الأخرى ، تواكب التوعية والتحسيس واتخاذ التدابير اللازمة بخصوص الحد من عمل المؤسسات التابعة لها ، سواء كانت تعليمية كالمعاهد والجامعة والمحاضر، أو غيرها كالمساجد .
في كل ذلك كانت الوزارة تراعي حكمة التدرج في إصدار قرارات تتعلق بعبادة الناس وشعائرهم الإسلامية وتعاليمهم الدينية ، وإن أبانت هذه القرارات عن طبيعة العلاقة القائمة بين الوزارة وبعض الروابط التابعة لها ، حيث لوحظ فتور كبير في تعاطي أئمة المساجد مع بيانها الذي مررته عبر بوابة اتحاد الأئمة الذي يقول كثيرون منهم أنه لم يقدم لهذه المؤسسات شيئا ، بل كان حجرعثرة في طريق رسمهم خطة تربطهم بالقطاع الوصي بصفة مباشرة ، تخلص الإمام من مسؤولية القيام على المسجد وتوليه أعباءه .
هذا بالإضافة إلى غياب الموقف الشرعي " المؤسس "عبر إصدار فتوى رسمية موحدة يعدها القطاع بالتعاون مع كبار العلماء في البلد والمجلس (الاستشاري ) للفتوى والمظالم ، حتى لا يبقى المجال مفتوحا أمام الأفراد يعمل كل بما يراه ، وعلى كل فالقطاع يبقى الركيزة الأهم في حياة الناس .
قطاع التعليم
على مستوى المنظومة التعليمية كانت وزارات التعليم الثلاثة متفاوتة الأداء ، بل إن النتائج البديلة معدومة بالنسبة لوزارة التعليم الأساسي وإصلاح التهذيب ، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، فبالرغم من أن طلاب الجامعات والمعاهد التابعة لهذه الأخيرة كانوا على عتبة الامتحانات لم تكلف الوزارة نفسها عناء البحث عن بديل يمكنهم من المواصلة في الدراسة ولو بالمحاولة ، كما أنها لم تتابع أوضاع الطلاب الجامعيين والأكاديميين العالقين في بعض الدول ، والذين عاد البعض منهم عن طريق حسابه وما زال البعض منهم عالقا على الحدود السينغالية الموريتاينة ، وفي بعض الدول المربية الشقيقة .
أما وزارة التعليم الثانوي والتكوين التقني والمهني فقد بذلت جهدا لابأس به في خلق فكرة التعلُّم والتعليم عن بُعد ، من خلال تفعيل دور التلفزة المدرسية و إيصال المادة التعليميَّة إلى المُتعلِّم عبر وسائل الإعلام المرئية ، باستخدام أساليب الاتصالات التقنية المختلفة .
فالعالم أصبح يعتمد في مناهجه التربوية على منصات رقمية تجارية و مجانية ك moodle وغيرها من الوسائط المتعددة الخدمات . وإن كان استغلالها هي الأخرى يحتاج قدرا من التكوين و الخبرة والتخصص ، إلا أنها خطوات وجهود ينبغي أن تتواصل لتكون مع الوقت نواة وسلما يسلكه الطامحون إلى عالم التكنلوجيا والمدرسة الرقمية .