ودِدْتُ لو لم أكتبْ لأن الوقتَ للعملِ وليس للكتابة ومع أنّ الكتابةَ عملٌ إلا أنه ومع أنّ الكتابةَ عملٌ إلا أنها دادفي لحظاتٍ مماثلةٍ يَحْسُنُ في المكتوب الابتعادُ عن الثناء والإطراءِ لعلّةٍ معلومةٍ: خلْطُ الواجِبِ بالمندوبِ والمستحسَنِ ونحوهما.
صحيحٌ أن شكرَ العمل الصالحِ من أماراتِ عدمِ اللؤمِ لكن التقدمَ به إلي الأنظمة وهي تواجه مصائر وأوقات شداد فيه ما يقال .
أفضل الآن إن كان لا بدّ من نعْتِ عملِ الحكومةِ القولَ :إنهم يقومون بواجبهم .
وحيثُ أن النظامَ يقوم بعمله بشهادة الناس فلكأن التعبيَر عنه مدْحاً فيه خلطٌ لجهة تعوّد المجموعة الوطنية محاباة النظام أيا كان .
وفي نظري فإن المهم في المرحلة هو أخذُ العبرة من الوضع العام : غلق الحدود والمجالات و...
نعلم جميعا أن كورونا المستجد خلق نوعا من عدم التوحُّدِ بين الشعوب والحكوماتِ ولجأ كل بلدٍ إلي العناية بمواطنيه تنصيصا.
والعجيب هو هذا ألتوق والحنينُ للجميع إلي الديار: أ لأنّ المرضَ خطيرٌ وكلٌّ يريد القرب من الأهل فإذا ما حدث ما لا يرْتجي كان بينهم؟
أم لمعرفة أن البلْدان التي هم فيها تعطي الأولوية للبَلَدِيِينَ وعليه يُخْشي الإهمال ؟
هذه الأسئلة التي يصعب جوابُها لا تجد من يطعنُ في وجاهة طرحِها خاصة أن كلَّ حكومةٍ تسعي لاستقدامِ مواطنيها ولو كانوا في موطنٍ أجودَ من حيث الطب والحال.
إن هذا السلوكَ المُتَبَنّي من الدول أظهر أن (التعويل )علي العطْفِ العالمي الإنساني بحاجة إلي مراجعة جادة والظاهر منهم :(ما علي إلا نفسي ).
والذي ينبغي أن ننصح به القائمين علي مصالح الأمّة -رغم الاعتراف بأننا ربما دونهم- فهما للأمور لكن الحكمة تؤخذ من غير الحكيم.
أولا :حيث انغلقت كل دولة علي ترابها ورابط جيشُها علي الحدود باتفاق مع الجوار أو من دون اتفاق .
ثانيا:ترتب عنه حتما أن من يستوردُ حاجاته هو المتضرّرُ حتما ولو كان لديه المال لأن التبادلات متوقفة إن لم تكن معدومة.
وأصبح المالُ محدود الفائدة وبقي مسطَرا في حواسبَ بنوك هجرها غير الضروري من عمالِها.
نعم إنها فترة يدرك فيها المتفطَنُ انحسار الفرقَ بين الغني والفقيرِ بعد ما أغلقت المعابرُ وحُبسَ الجميعُ وانعدم التسوّق الخارجي وأصبح برج باريس مُقْفرا .
وسيكون أمام الدوّل التي بها عجزٌ في مستوي الاكتفاء الغذائي أن تفكّرَ جيدا في جواب السؤال :ما عسى أن تكون ردّة الفعل لو دام الوضعُ ؟بمعني آخر كيف سننقذُ الشعبَ وقد تم وقف الاستيراد؟
هذه الأسئلة وما تستدعي من أجوبة هي للمستقبل لا اللحظة الحالية ودون الخوض في النثرِ يتوجب علي الدولة مستقبلا استشراف التكفل بضمان اكتفاء غذائي حتى إذا ما تكّرر المشهد لا قدر الله نكون في بعض المأمن .
ويدْعمُ ذلك توفر التربة الغنية والماء واليد العاملة وكلّ شيء ’لا ينقصُ إلا القرار والحزمُ فيه .
وإذا لم يتم ذلكم فسندرّسُ مستقبلا للأبناء درسا في مادة التاريخ يذكر فيه الأستاذ أنه:
سنة كذا وعشرين تعرض العالم لوباء كورونا المستجد وكانت نتائجه كذا وكذا...وفي موريتانيا وقع كذا,وكذا.
كلما كانت المبادرة أبْكَرَ كانت أفيَدَ.
لا نريد صنع التاريخ فهو يصنع نفسه بل نريد الاستفادة من الحدث ولنصنعَ اكتفاءً في ميدان الغذاء مستعينين بجغرافيا غنية لفائدة شعب يستأهلُ.
أدام الله عافيته علي الجميع ...