ادخلوا مساكنكم ! / محمد سالم حبيب

في القرآن قصص كثيرة؛ للوعظ والإرشاد وأخذ العبر.
ومن ذلك قصة نبي الله سليمان والنملة.
إذ يذكر أنه لما مرّ جيشه الكبير بوادي النمل ليجتازوه إلى مكان آخر، شاهدتهم نملة، وقالت بلسان المشفق على قومه، الحريص على مصلحتهم، والذي يتمنى لهم كل الخير والسلامة من الشّرور: يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ  [النمل: 18].
حكيمة هي تلك النملة في نصحها لأمتها، حكيمة في ندائها، وإرشادها لأن الإنسان إذا أراد التنبيه لموضوع ذي شأن، استعمل أداة النداء. 
تصرف يدعونا؛ لأخذ العبرة وفهم الدرس والرسالة من هذه النملة الصغيرة في حجمها الكبيرة في فكرها وتصرفها.
وكم غرّ المظهر أقواما قبلنا! وقديما قيل: "المظهر خداع". 
ويقول الشاعر: 
ترى الرجل النحيف فتزدريه
وفي أثوابه أسد هصور.
نعم، يجب ألا تكون هذه النملة أحرص وأرحم منا على بني جلدتها.
إن العاقل من يفكر في آلاء الله ومخلوقاته، والحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها؛ فهو أحق بها.
إن عدونا الجديد عدو خفي ويصعب الاحتراز منه؛ لكن إن اتبعنا سبل الوقاية، وهي متاحة؛ نكون حينئذ قد أسهمنا في جزء من الواجب والذي أصبح في هذه الفترة، فرض عين على الجميع.
ومن آكد تلك الاجراءات الاحترازية - في هذه الفترة - ما طلبت هذه  النملة في ندائها  لسكان قريتها؛ بضرورة لزوم أماكنهم والبقاء في المنازل، لتفادي الخطر المحدق.
إنه هنا، فيروس كورونا وخطورة انتقال عدواه من الآخرين، أو إلى الآخرين، حال خروج أي منا من مكانه، لأنه أصبح عرضة لذلك.
إجراء ثبت أنه ترياق المرحلة التي يمرّ بها هذا الوباء، وهي مرحلة حسّاسة وحاسمة، من عمر وحياة هذا الفيروس، إن نحن استطعنا تفعيل تلك الاجراءات الوقائية.
وهو ذاته ما أصبح يطلق عليه البعض بالتباعد الاجتماعي، والذي نرجو ونأمل أن يدرك الجميع  أهميته و فاعليته وضرورة الالتزام به ذاتيا.
وبذلك نكون قد قمنا بالواجب وفهمنا الدرس السابق وتفادينا المحظور في أنفسنا وغيرنا؛ بل ونكون قد جيّرنا درس النملة، لصالحنا في فترة نحن في أمس الحاجة إليه، لنتجاوز هذه المحنة - وبأقل تكلفة- إلى  بيئة ينعم فيها الجميع  بالأمن والأمان، ولتدبّ فيها الحياة من جديد، وتعود كسابق عهدها؛ حركية ونشاطا وصحة وعافية.
وما ذلك على الله بعزبز.

2. أبريل 2020 - 18:08

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا