وفي النقطة الأولى من الرسالة المفتوحة، دعوت إلى الحجر المنزلي التام لمدة أسبوعين (عمر الفيروس) وذلك قبل اتخاذ القرار به. وبررت ذلك بسببين هما:
* إجماع أهل الخبرة التام على أن ذلك هو أنجع وسيلة للوقاية من هذا الوباء؛ والوقاية خير من العلاج.
* ومحدودية إمكانياتنا ووسائلنا عموما باعتبارنا بلدا ناميا لم يكن يعبأ كثيرا بالصحة قبل العقد الأخير.
وإني لأهنئ نفسي والوطن على استجابة السلطات الوطنية العاجلة لهذا الإجراء؛ إذ كلما أسرعنا به، وطبقناه بحزم كانت الفائدة منه أعظم.
ولكن هل يكفي الحجر التام وحده للوقاية من وباء كورونا؟ كلا طبعا! فالحجر لا يشكل إلا أحد تلك الشروط الضرورية للوقاية! ثم إنه يخلق أعباء لا بد من مواجهتها بحزم. فما هي إذن الشروط الضرورية الأخرى للوقاية من هذا الوباء؟ وما هي الأعباء المترتبة على الحجر التام؟
ولنبدأ بالشروط الأخرى وهي:
أولا: الصرامة المطلقة في تنفيذ الحجر والإغلاق؛ وهو شرط ثقيل وصعب التحقق في بدوي فوضوي فضولي غافل؛ خاصة أن العلاقات الاجتماعية والرشوة تلعب دورا هداما في تخريب هذا الشرط الذي لا غنى عنه! وهنا تتعين التوعية والعقاب!
ثانيا: التوعية بالأخطار وبطرق الوقاية، من نظافة (غسل اليدين الدائم بالصابون وتجنب لمس الأنف والفم والعينين) وبقاء في المنزل، ويقظة اتجاه المتسللين والغرباء وعدم الاختلاط بهم، واتجاه أعراض الإصابة، وكيفية الاتصال بالرقم الأخضر (1155).. الخ.
ثالثا: توفير الكمامات بعدد كاف؛ فقد ثبتت فائدتها. ومن الضروري الاستثمار فيها وشراؤها بكميات وافرة! لكن يجب أيضا التوجه إلى إنتاجها محليا، كما فعلت كل الشعوب! فأين شباب الحزب الحاكم، وأين منظمته النسائية، وأين التعاونيات النسائية؛ وخاصة تعاونيات خياطة الملاحف؟ وأين وزارتا الشباب والشؤون الاجتماعية؟ وأين المعارضة؟ لما ذا لا نسمع عن أية محاولة أو دعوة لإنتاج هذا السلاح الضروري البسيط الذي تمكن صناعته من الورق والقماش العادي، وقد تمكن من هم أضعف منا وأقل حيلة وأسوأ ظروفا من صنعه! ألم تكن أمهاتنا بالأمس القريب ينسجن الخيام من الصوف والوبر والقماش، ويصنعن "الفروات" (بيوت من الجلود) والفراء (أغطية من جلود الضأن) وجميع ما يحتاجه البيت الموريتاني؟ فكيف نعجز عن صناعة كمامات؟
لقد حان الوقت للاتجاه نحو الاعتماد على النفس؛ ولو قليلا، والتفكير في ولوج عالم التصنيع؛ ولو من أضيق أبوابه!
يتبع