سيدي الرئيس؛ ألست رئيسا منتخبا لهذا البلد وشعبه، بموالاته ومعارضته؟.. ألست مسئولا عن تحقيق طموحاتنا وأهدافنا وأحلامنا جميعا؟ أليس المعارضون مواطنين أيضا يستحقون أن نعرف ماذا يريدون ونعمل على تحقيقه لهم؟..
يبدو أنكم لا تأهبون لشيء من ذلك؛ سيدي الرئيس!!
- ألم يمنحك حادث الرصاصات المشئومة فرصة نادرة لتحقيق كل أو جل ما يحلم به معارضونا العظام وتعمر به قلوبهم الممتلئة عطفا وحنوا ورحمة؟
- أما كان بمقدورك على الأقل أن ترسل نداء استغاثة عاجلة لمن يسعفك ويحملك في سيارة إسعاف أو طائرة هيلوكبتر؛ حتى يقول المعارضون إنك جزعت وضعفت وجبنت؛ فتنال أجر تحقيق واحدة من أوهامهم؟
- أما كان باستطاعتك أن تأمر أن تحمل في رداء من داخل السيارة التي وصلت فيها إلى المستشفى العسكري؛ فقولون إن حالتك سيئة وإصابتك مميتة؟
- أما كان بمقدورك أن تمتنع عن الحديث لوسائل الإعلام الوطنية صبيحة الرابع عشر من أكتوبر؛ فيقولون إنك أصبحت في حال موت سريري؟
- ولما فضلت الكلام حبا في الشعب الذي انتخبك؛ أما كان باستطاعتك (سيدي الرئيس) أن تقول إنك رحت ضحية محاولة اغتيال مدبرة؛ فيقولون: "قلناها لكم.. الرجل لا يحبه أحد..!".
- لما عرفت أنك ستقضي أزيد من شهر خارج البلاد للنقاهة والعلاج؛ أما كان بمقدورك أن تعطي الأمر لقادة مؤسستنا العسكرية كي ينقلبوا عليك، حتى تتحقق أماني معارضتنا في أن يكون ضباطنا وجنودنا وقادتنا العسكريون مجرد "مافيات" سلطة ومال؛ لا أمان ولا وفاء ولا أخلاق لهم..
- أما كان باستطاعتك (على الأقل) أن تلزم الحكومة بالتوقف عن تقديم الخدمات للمواطنين وتسيير الشئون العامة؛ حتى يقول معارضوك: "قلناها لكم، الرجل مستبد وهو المتحكم في كل شيء؛ وكل المصالح سوف تتعطل حتى يعود؛ لأن دولة المؤسسات غير موجودة إنما هي دولة الحاكم الفرد المتفرد"!.
- ولما أنعم الله عليك بالشفاء وقررت العودة لبلدك وشعبك ومسئولياتك الجسام؛ واستقر رأيك على الظهور الإعلامي والإعلان عن تاريخ عودتك.. أما كان باستطاعتك أن يكون ظهورك الإعلامي الأول عبر التلفزيون الوطني؛ حتى يقول المعارضون: "من يصدق؟.. إنها فبركة ومونتاج فيلم من "مسرحيات" ولد إبراهيم اخليل، أو مدير الديوان، أو المدير ولد بونا.. لن نصدق هذا، ونقسم بالله إنه مجرد "فوتوشوب فيديو"، ولو كان الرئيس بصحة جيدة لظهر أمام وسيلة إعلام أجنبية؛ فإنها لن تجامله ولن تتستر عليه.. لكنه لا يستطيع؛ لأنه يخفي حقيقة وضعه الصحي عن مواطنيه!...
- لماذا قبلت –سيدي الرئيس- أن تنهي فترة العلاج والنقاهة قبل أن تطلب من الأطباء الفرنسيين المتخصصين أن يسعفوك بحقنة مسببة للشلل؛ حتى لا تحرج رموز معارضتك، أو تظهرهم أمام المجتمع بمظهر الكاذب المخادع، والمصاب بالشلل الفكري والعقلي والأخلاقي.. إنهم في النهاية مواطنون!!..
- سيدي الرئيس؛ لما استقبلتك واحدة من القوى العظمى في العالم، وتعالجت في مصحاتها المتطورة، وكنتم تعلمون جيدا أنها مشغولة حتى النخاع بالتحضير لشن حرب مجنونة في شمال مالي، وأنها مارست وتمارس ضغوطا رهيبة على أكثر من دولة إفريقية لإجبارها على المشاركة في تلك الحرب..
لما كنتم تدركون كل ذلك، لما أصررتم على أن تظلوا قائدا جلدا أسدا، وتظلوا ثابتين (حتى داخل الأليزيه وبين يدي سيدها هولاند نفسه) على مواقفكم المبدئية المصرة على جعل مصالح موريتانيا فوق كل اعتبار، وقبل كل اعتبار.. رغم أن إعلانكم من قصر الأليزيه استعدادكم وقبولكم وتحمسكم للمشاركة في تلك الحرب سيكون كافيا للتنفيس عن بعض مواطنيكم المعارضين، ومنحهم ورقة دعاية واحدة صحيحة ضدكم؛ فتنالون أجر التنفيس عن بعض كرب الإحباط والفشل والتخبط التي لا نتمنى لأصحابها إلا الشفاء العاجل منها، والعودة سالمين غانمين إلى عقولهم التي هجروها في إجازة مفتوحة لا ندري إن كان يلوح في الأفق أمل في انتهائها!!
سيدي الرئيس؛ لو أن المبادئ والقيم والأخلاق الكبيرة التي تحكمكم سمحت لكم بمحاولة تحقيق واحدة من أحلام العصافير المعشعشة في أدمغة بعض معارضيكم لنلتم أجر الإسهام في محاولة علاج حالة نفسية ومرضية تكاد تعصف بقيمة ومصداقية وسمعة نخبة لا نرجوا لها غير الهداية والصلاح.
لكن؛ لا عليكم.. فقد آذوكم سليما وسقيما.. فليتم الله لك العافية والشفاء، ولقد علمنا يقينا أن قوة الزعماء والقادة الحقيقيين ليست في أبدانهم ولا أجسادهم؛ ولكنها في عقولهم، وقلوبهم، وأفئدتهم.. ويشهد الله ويشهد هذا المجتمع أننا ما عرفنا قائدا أكبر منك قلبا، ولا أنور منك عقلا، ولا أربط جأشا أو أصفى سريرة.. فشفاك الله وعافاك.. وحفظ هذا البلد وأهله، ونخبته: موالاته ومعارضته..