وباء كورونا والتغير في الأداء الحكومي / نعيم ولد لبات

بعد ظهوره في إقليم ووهان الصيني ديسمبر 2019 شكل فيروس كورونا تحديا للعالم وكارثة خطيرة تواجهها البشرية.
المعلومات المتوفرة عن الفيروس غير كافية من أجل وضع خطط لمواجهته ووقف إنتشاره .فالدول المتقدمة بأنظمتها الصحية تقف عاجزة عن وقف انتشار الفيروس.
كل هذه العوامل جعلت الدول تستجيب ولو بدرجات متفاوتة في وضع إجراءات للحيلولة دون انتشار الفيروس الذي صنفته منظمة الصحة العالمية كجائحة عالمية.
مع ان الإستجابة في بلادنا للتحذيرات الدولية من خطر الفيروس جائت متأخرة بعض الشيئ الا انهاكانت رائعة من حيث نوعية الإجراءات و القرارات التي بدأ تنفيذها خلال الأسابيع الماضية .
منذ تشكيلها قبل اقل من سنة اظهرت حكومة ولد الشيخ سيديا ضعفا فاجئ جميع المراقبين و حتى الداعمين للبرنامج الطموح الذي تقدم به رئيس الجمهورية والذي نال أغلبية الأصوات .
ولاشك ان ذالك الضعف الملاحظ والتباطئ في تنفيذ البرنامج الإنتخابي له أسباب موضوعية تتعلق بكثرة المشاكل المتراكمة والعالقة التي ورثتها الحكومة الحالية إضافة الى ضعف الميكانيزمات "المتهالكة" ممثلة في المصادر البشرية في القطاعات الوزارية التي كانت المسؤولة عن التراكمات و التي اوصلت البلد الى ماهو عليه من تردي الخدمات الأساسية و نسبة الفقر المرتفعة.

كل هذ العوامل المسؤولة عن الترهل في العمل الحكومي تم التغلب عليها "مرحليا" نتيجة الهبة والخوف الذي تم التعبير عنه منذ ظهور فيروس كورونا في دول الجوار .حيث شاهد الموريتانيين مناظر المأسي التي سببها الفيروس"الغامض".
لقد كان دور الإعلام بارزا في تسريع وتيرة العمل الحكومي المتعلق بمواجهة تفشي فيروس كورنا في بلادنا.فبدأت الحكومة تشكيل لجان وزارية لمحاربة تفشي الوباء وأصبحت تتفاعل مع الرأي العام مستفيدة من أراء المثقفين والإعلاميين والمدونين .ذالك التفاعل والرقابة كان لهما الدور الإيجابي في مرحلة إندفاع غير مسبوقة في تاريخ بلدنا السياسي. حيث كانت اللجان الوزارية تستمع وتقيم الأراء الإيجابية والمعلومات المتدفقة من وسائل التواصل الإجتماعي مما جعلها تتخذ إجراءات إحترازية كان لها الأثر البالغ في السيطرة على الوباء رغم تأخرها ثلاثة اشهر وبعد دخول الرحلة القادمة من فرنسا في 16مارس.
لقدكان من ابرز مراحل الإندفاع او التغير في الأداء الحكومي في مواجهة الوباء مرحلة غلق المطار امام الرحلات الجوية القادمة من الدول الموبوئة.بعد ذالك تم إتخاذ الإجراءات الإحترازية بشكل تدريجي الى ان وصلنا لمرحلة السيطرة ولله الحمد.
اعتقد ان الروح الإيجابية التي طبعت العلاقة بين الحكومة من جهة وأصحاب الرأي من جهة اخرى إضافة الى تفاعل المواطنين والمقيمين ساهمت الى حد كبير في تذليل الصعاب والتحديات التي تواجه البلد نتيجة تفشي الفيروس في بلدان الجوار.
وفي هذا الوقت الحرج الذي يتطلب" التفكير الوطني" من خلال التركيز على انقاذ البلد تظهر قوى الخير وتختفي قوى الشر .لقد برز التأزر والوحدة والتكافل والتثقيف والتعليم والتحسيس واختفى التضليل الاعلامي والتملق والنفاق ونشر ثقافة الحقد والكراهية والفرقة بين مكونات المجتمع كما اختفى الخطاب العنصري والجهوي والقبلي. لقد احس الجميع الخطر واصبح الكل في نفس المركب"in the same boat" وهيمن التعاون نتيجة الخوف من وباء كورونا.
وفي هذه الايام التي يعمل فيها الجميع حكومة وشعبا على المواجهة والتصدي لتفشي فيروس كورونا علينا ان نقف لحظة تأمل وتفكير في نتائج التضامن والعمل الجماعي ونستثمر هذه الروح الإيجابية والهبة الوطنية في التعامل مع الملفات الأخرى ان شاءالله.
بهذا يمكننا ان نساهم معا في وضع مستقبل واعد لهذا البلد وبهذا التغير في الأداء الحكومي يمكن ان نتغلب على الفقر والجهل والمرض والفساد الى غيره من معوقات التنمية.

 

 

10. أبريل 2020 - 18:50

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا