ملاحظات على هامش الجدل المثار حول حصانة الرئيس الموريتاني السباق / ديدي ولد السالك

أثار إستدعاء اللجنة البرلمانية؛ المكلفة بالتحقيق في بعض ملفات الفساد؛ خلال عشرية حكم محمد ولد عبد العزيز؛ الكثير من الجدل السياسي والقانوني؛ ومدى أحقية تلك اللجنة البرلمانية من الناحية القانونية؛ استدعاء رئيس سابق؛ ورغم أني لست من أساتذة القانون الدستوري واحترم التخصص كثيرا؛ انطلاقا قوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وأن العصر عصر تخصص؛ فإني سأدلي بالملاظات التالية؛ تماشيا مع العقل والمنطق ومقتضيات فلسفة القانون:
1- أن اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في بعض ملفات الفساد؛ خلال عشرية حكم محمد ولد عبد العزيز؛ لجنة تحقيق؛ وليست جهة قضائية تتهم وتصدر الأحكام بالإدانة أو بالبراءة؛ ومن أجل استكمال عملها؛ يحق لها إستدعاء أي شخص؛ مهما كان موقعه؛ بصفته شاهدا.
2- أن الهدف من الحصانة أصلا؛ هو عدم تقييد البرلمان لعمل الرئيس؛ لحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقه؛ انطلاقا من بعض التجارب؛ خاصة التجربة الفرنسية التي أدت إلى ظهور دستور الجمهورية الخامسة.
3 - أن الحصانة التي أعطى الدستور الموريتاني الحالي؛ خاصة بفترة تسيير
الرئيس للدولة خلال مدة الرئاسة وليست حصانة مطلقة أو أبدية؛ حسب نص المادة 93 من الدستور؛ الذي جاء فيه؛
" لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى. "
الواضح من نص المادة اعلاه، أن الحصانة هنا مقيدة بفترة ممارسة الرئيس لسلطاته أثناء الحكم؛ وليست مطلقة.
مع الملاحظة؛ أن النص باللغة العربية يتخلف في مضمونه عن النص باللغة الفرنسية؛ والذي ينبغي أن يعتمد في هذه الحالة هو النص باللغة العربية؛ بوصفها اللغة الرسمية لموريتانيا.
4- أن مفهوم الخيانة العظمى؛ مفهوما مطاطا وغير محدد؛ والرئيس اقسم على حماية الدولة الموريتانية ومصالح شعبها؛ وأي مساس جوهري بتلك المصالح؛ يمكن تكيفه بأنه خيانة عظمى؛ ولا أعتقد أن فيه إضرار بالشعب الموريتاني أكبر من نهب ثرواته وقتله بالجوع والمرض والجهل .
5- أنه من غير المنطقي؛ لا عقلا ولا قانونا ولا أخلاقا؛ أن ينص دستور أو قانون مهما كان؛ بالسماح بسرق المال العام ونهب ثروات شعب من الشعوب؛ لأن القوانين أصلا وضعت لحماية مصالح الشعوب؛ مهما كان نوعية تلك المصالح.
6- أن القوانين وضعت لتحديد المسؤوليات؛ ومن أخل بتلك المسؤوليات؛ عليه أن ينال العقوبات؛ التي يستحق كما حددها القانون.
7-أنه ليس من العدالة ولا الإنصاف؛ أن يكون القانون يعاقب بعض المسؤولين على سرقة المال العام؛ ويحصن البعض من تلك العقوبات؛ في حين أن العقوبة من المفروض أن تتناسب مع المسؤولية.
وما دام الرئيس هو المسؤول الأول عن إحترام القانون؛ فإنه إذا أخل بتلك المسؤولية؛ فعليه أن ينال عقوبة تتناسب مع حجم مسؤوليته.
خلاصة القول:
إذا لم تتم محاسبة من نهب ثروات الشعب الموريتاني خلال العشرية الماضية وحكم عليه بالبقاء في مؤخر الأمم يعيش في بؤس معم؛ فإنه لن تقوم للدولة الموريتانية قائمة في الأفق المنظور.

15. أبريل 2020 - 23:06

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا