نفش كوفيد١٩فى عالمنا فى وقت كانت فيه البشرية تشهد حروبا إقليمية وتتقاسم أزمات من قبيل التلوث وزيادة تشقق طبقة الأوزون ،.وتذبذب الأمطار وندرة المياه وملوحتها وتقلص الأراضى الصالحة للزراعة...ناهيك عن الإرهاب والصراعات المحلية والحروب التجارية والتنازع على مناطق النفوذ فى الشرق الأوسط والقارة السمراء...!
لا نريد أن نسترسل فى المزيد لأن موضوعنا يصب فى جوانب أخرى .
كورونا ليست تحديًا عالميًا جديدًا على البشرية..فقد ظهرت أوبئة هزت المعمورة مثل الإنفلونزا الإسبانولية ،داء الكوليرا،والإيبولا...فلا تكاد تمر فترة زمنية حتى تستفيق الإنسانية على تحد من نوع جديد ..الشيء المختلف هذه المرة هو أن هذه الأزمة الكوفيدية لها مابعدها حيث حتما ستظهر تشكلات جيوسياسية وإقتصادية مختلفة ،وأنظمة فى الحكم نقيضة للمؤسسات القديمة..! فكيف سيكون عالمنا المنتظر ؟ماهي القوى القادمة التى ستهيمن على المسرح العالمي ؟وماهي الواجبات والأدوار المستلهمة بإلحاح لحياتنا المستقبلية؟هل ستغيب الولاءات المبنية على الدين والثقافة واللون والعرق؟وعلى المستوى الوطني والمحلي ..هل سنشهد طفرة فى العادات والتقاليد وتغير فى النظم الصحية والإجتماعية؟
رائدة الفضاء الأمريكية جسيكامائير كانت قد أنطلقت فى رحلة إلى المحطة الفضائية الدولية سبتمبر 2019 لتعود بعد قضاء 205يوما فى الفضاء حيث عادت يوم الجمعة من إبريل 2020م قالت مائير للصحفيين عبر مكالمة مصورة قبل هبوطها "أنه كم كان صعبا للغاية أن نصدق حدوث كل هذه التغيرات أثناء غيابنا"! الشاهد هنا أننا وإن أبينا سنعيش على أرض مختلفة وتحديات من نوع آخر ...لقد عاش سكان المعمورة كلهم عاشوا رعبا من عدو مشترك أفترس كل الفئات ،ساسة ،رؤساء ،وزراء ،أطباء ،أغنياء وفقراء ..عاث فسادًا فى الإقتصاد وأستنزف المقدرات العلمية والمنظومات الصحية العتيدة المتطورة ..وأصبحت كل دولة جاثية على حدودها الجغرافية ناسية البعد الإنساني الذي يجمع بين الشعوب وحق الآخر فى الحياة والعيش والمصير المشترك ...لاهية فى صراعها مع كوليد ١٩ حتى أن الخوف والتوجس من قادم الأيام أفقد بعض الدول رشدها فمارست القرصنة البحرية وعلى الموانئ وفى المطارات حيث صادرت آلاف الكمامات والأقنعة الطبية والمواد الكحولية القادمة من الصين إلى مختلف البقاع لينكشف بذلك وهن القانون الدولي وهشاشة الديبلوماسية العالمية وسوء المنظومة الأخلاقية بين الدول ...!الأمر الذى يفرض صياغة مقاربة قانونية مستقبلية تراعى الحاجة والإعتبارات الإنسانية الضرورية وتؤثر أصحاب الخصاصات فى أوقات القلاقل والإضطراب والأزمات وتكرس كرامة الآدمي وتجعل منه رصيدا لأخيه الإنسان.لقد أظهر كوفية ١٩ أن النظام العالمي القائم خاو ولايصلح لريادة البشرية وأن القوى المهيمنة عليه أنانية وغير مسؤولة (حالة أمريكا بعد سحب تمويلات منظمة الصحة العالمية ) فلا بد من ترتيب جديد لذلك البناء اذا كنا نريد أن تعيش بأمان وكرامة على كوكبنا الجميل.
أيها الإخوة إنه من تداعيات الجائحة ظهور دعوات بإحلال الروبوتات محل البشر ولم يعد ذلك خطرًا يهدد الإنسان حيث تتأكد من الآن إمكانية إستخدام الإنسان الآلي فى مناحي الحياة والإقتصاد المختلفة فى العقود القادمة وذلك لتجنب إحتكاك البشر وتقليل عدد الأفراد فى أماكن العمل حيث أصبحت سياسة التباعد الإجتماعي ركيزة أساسية فى أي مقاربة لتنجب أضرار الفيروس الكوروني المستجد :يقول بليك مورغان مؤلف كتاب "زبون المستقبل"يقول "إن الانتقال إلى إستخدام الآلات سيجعل حياتنا أكثر صحية وسيكافئ الزبائن الشركات التى تهتم بذلك".
أيها القارئ الكريم هذا على الأقل فى العالم المتقدم الذى أدخل التكنولوجيا وأنظمة المعلوماتية فى حياة الأفراد والمؤسسات الخدمية والصناعية...أما فى عالمنا الثالث الذي يعيش أوضاعًا مختلفة فقد كان كوفيد ١٩ بمثابة صفارة إنذار مجلجلة حيث أصبح جليًا أن الأمم التى لا تنتج متطلباتها ولا تشبع حاجياتها سيكون التحدي القائم هو كسب رهان الإنتاج الزراعي وتحفيز القدرات والموارد البشرية فى جميع المجالات ....زد على ذلك الوعي الصحي من تنظيف الأبدان والأيدى إلى تعقيم المرافق العامة والخاصة ...كما سيتنامى الوعي التنظيمي والعمل التطوعي المجتمعي والمؤسسي على مستوى الأفراد والحكومات،كما ستتمتن عقلية المواطنة والإنتماء الوطني والقطري بين كافة الشرائح حيث شعر وأحس الجميع أن العدو الأطم والمشترك الذي يتربص بهم جميعًا هو الوباء والجهل والتخلف وليس الصراعات المحلية على تقاسم كعكة الحكم والسلطة وأن البوابة الآمنةللأوطان تكمن فى الإصطفاف الداخلي فى نفس الخندق حيث أن مآلات المستقبل قد لا تكون محمودة ووحدهم الكبار من سينجون ...!
ويبقى عزاؤنا الوحيد للأمم التي فتك ومازال يفتك بها الفيروس هو أن هذا الكوفيد١٩ فرض تحديات وأزاح شبح تلوث الغلاف الجوي وفى المدن الموبوءة وتقلصت نسبة إنبعاث غاز. أول أكسيد الكربون والنتريت والغازات المدمرة لطبقة الأوزرون وأنخفضت نسبة تشقق القشرة الأرضية الناتج من تزايد النشاط الصناعي وحركة الآليات الدؤوبة على الأرض التى مافتئ هذا الإنسان يفسد حرثها ونسلها .