حينما اقدمت الدولة على تعليق التعليم ادركنا حجم المخاوف وضخامة التحدي وخطورة الوضع فواقع التعليم بحاجة الى تركيز الجهود لتحسينه لا لتعليقه وكل الانظمة تعتبره ركيزة كل نجاح وضعفه سبب كل اخفاق فمن دون التعليم لا امل في وطن آمن قادر على مواصلة إثبات وجوده المؤثر ايجابا في حضارة البشر وتطوير اسس البقاء للجنس وللكون .
وفي ظل استمرار تعليق الدراسة بكل مستوياتها رضوخا لإكراهات الواقع المخيف وتحكم الفيروس في خططنا الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وحتى الامنية ، يحق لنا ان نتساءل عن مدى نجاعة الخطوة نفسها وعن جدوائية البدائل التي اتخذتها جهات الاختصاص حتى لا يترك الحبل على الغارب لآلاف التلاميذ والطلاب مع انتشار وسائل التسلية الالكترونية وشدة غزو برامج اللهو والمجون لمجتمعنا المفتوح على مصراعيه رغم ضعف التحصينات وسيطرة العادات والتقاليد ورغم الطفرة الكونية في انتاج وتوزيع برامج الترفيه الفردي والجماعي واجتياح الالعاب الالكترونية الجماعية المدارة عبر الإنترنت لكل المجتمعات وخاصة مجتمعنا الداخل لتوه بدهش كبير حدائق العولمة الغناء بكل جديد علينا وكل مخالف لحضارتنا وبداوتنا و بدائية وسائل تحصيننا ضد الغزو والاستلاب .
لقد اكدت الوقائع والأحداث ان قرار وقف الدراسة كان اهم خطوة استباقية أمنت اجيال الغد و حاصرت انتشار الوباء ومكنت اسرة التعليم من مواكبة الخطة الوطنية لحماية الشعب والوطن من انتشار الفيروس غير ان البدائل المقترحة لا تزال دون المؤمل منها او لعلها لم تؤتي اكلها لسبب او لآخر لأن تعقيد تطبيقها وصعوبة متابعة المستهدفين بها يتطلب التغلب عليه جهدا مضاعفا من المنظومة التربوية الوطنية عموما بدءا بالطلاب وانتهاء بأسرهم مرورا بالأسرة التربوية فمن دون تكاتف الجهود وتشديد الرقابة والمتابعة تظل أي مقاربة مجرد جهد ضائع في زمن تضييع الجهود فيه مذمة وتقاعس وانهزام فظيع في وجه اتون معركة يخوضها الجميع ضد فيروس مجهري تدخل في سياسات البشر وأوقف جلها .
إن نظام التعليم عن بعد يتطلب حضور الاسر في بيوتهم ومتابعة العملية مباشرة غير ان إكراهات توفير مستلزمات الحياة للأسر قد يعيق رغبتها الصادقة في متابعة تفاعل ابنائهم مع الخطة البديلة وأكثر المتأثرين بهذه الوضعية هم رواد التعليم النظامي نظرا للمستوى المعيشي المتدني لأغلبهم أما نظام المجموعات على وسائط التواصل الاجتماعي الذي انتهجته بعض مؤسسات التعليم الخاص فهو ايضا يعاني ضعف تحصين الخدمة نفسها فقد يسهل على الطلاب مغالطة مؤسساتهم وإيهامهم بالمتابعة والتفاعل في حين انهم يمارسون العابهم وهواياتهم كما ان توفير هواتف تتوفر على ميزة ادراج التطبيقات ستكون مكلفة لآباء التلاميذ في ظل الوضع الاقتصادي الحرج والدقيق .
لقد اضافت ظروف مواجهة الوباء عبء جديد يضاف الى اعباء قديمة ظلت تعيق تحسين التعليم وتطويره وتحديثه خدمة للوطن وللأمة إلا ان الإصرار على خلق حلول وتقديم تصور او مقاربة مدروسة سيظل البرهان الوحيد على رفض الاستسلام والإذعان لإرادة الفيروس وسيبرهن اننا فعلا امة مؤمنة متوكلة آخذة بالأسباب وأننا لا نريد أي مكسب سوى رفع التحدي وتأمين التعليم لأجيالنا مهما تزايدت اعداد الضحايا وابعاد الخطر وكسب النصر المستحق على الوباء .