لاشك أن شهر رمضان يختلف عن غيره من الأشهر اختلافا جليا لاسيما هذه السنة، ففى هذا الشهر يعكف المسلم على العبادة والتبتل صياما وقياما مرضاة للرب ورغبة فى الآجر وفى هذا الشهر تتضاعف المصاريف والتكاليف نتيجة تعدد الوجبات والأطباق خلال الإفطار والسحور وغيرهما، مما يؤثر على جيوب الفقراء وذوى الدخل المحدود لاسيما فى ظل تداعيات هذه الكارثة التى اجتاحت العالم هذه السنة (جائحة كورونا) -أعاذنا الله منها- والتى ماتزال تلقى بظلالها على حياة الناس فى مختلف دول العالم، حيث أثرت. على الاقتصاد العالمي بسبب توقف المصانع والمؤسسات خوفا من تفشى المرض. وليست بلادنا نشازا ولابدعا من دول العالم.
فرغم أن بلادنا -ولله الحمد- لم تتأثر تأثيرا كبيرا بفضل الله وفضل حزمة الإجراءات التى اتخذتها السلطات وحرصت على تطبيقها بصرامة من أجل محاصرة تفشى الفيروس. فإن إغلاق الأسواق والمحلات التجارية والورشات والابقاء على محلات المواد الغذائيه كان له تأثيره الجلى والواضح على أصحاب الدخل المحدود الذين لا مصدر لهم سوى عملهم اليدوى الذى يتقاضون عليه راتبا يوميا يؤمن لهم قوتهم اليومى. ورغم مابذلت الدولة من جهود من أجل تخفيف معاناة الفقير، حيث وزعت سلال غذائية متعددة، إلا أن تلك العملية لم تستطع التغلب على كل مخلفات الحدث المذكور سلفا (جائحة كورونا) مما يحتم علينا جميعا تكاتف الجهود قمة وقاعدة حتى نستطيع تجاوز الظرف؛ كل يمد العون والمساعدة لأخيه المحتاج مراعاة لحرمة الشهر وإحياء لخلق الإنفاق المطالب به شرعا قى أكثر من حديث وآية. ولنكثر من البذل والإنفاق سعيا لخلق تضامن وانسجام اجتماعى، واستجابة للأوامر الربانية، فإذا سعى الغنى فى بذل ماله على المحتاج الذى يبيت على الطوى حصلت الألفة والمحبة بين الغنى والفقير، و لندرك أن الهدية والتعاضد والتكافل كلها أمور تساهم فى خلق لحمة اجتماعية بين مكونات المجتمع بغض النظر عن كل الانتماءات الأخرى :فأنت أيها الغنى المال وديعة عندك فاحسن التصرف فى الوديعة فبإنفاقك ترضى خالقك وتساهم فى وحدة مجتمعك وتماسكه، ففى الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم :«المومن للمومن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا » وقال أيضا :«مثل المومنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» وأنت أيها الغنى -بقطعة رغيف- ستنشئ علاقة بينك وهذا الفقير أساسها المحبة والألفة، فإذا كانت الحيوانات تكن الاحترام والمحبة لمن يقدم لها الغذاء والشراب فترى الكلب يحرك ذليه منتشيا طربا بمقدم من يقدم له الطعام والشراب حتى وإن كان لن يقدم له شيئا فى تلك اللحظه، والقط يموء تعبيرا عن فرحه له فإذا كان هذا حال الحيوان فما بالك بالإنسان فهو أولى بأن نسعى لاحتضانه وكسب وده فعلينا أن نسعى لخلق مجتمع منفق وباذل للمال فى أوجه البذل المباح، فبالتعاضد والتعاون والإنفاق والبذل نحقق مجتمعا واحدا خاليا من التصدع والتشرذم.
وللتخفيف من معاناة الفقير خلال هذا الشهر أقترح الحلول التالية علها تكون لبنة تساهم فى نشر قيم الإنفاق والبذل والتهادى
١- مساهمة رجال الأعمال والأغنياء وذلك من خلال تقديم موائد يومية للفقراء.
٢- إنشاء صندوق تبرعات فى القرى من طرف الجماعة المحلية وكل فاعلى الخير لتقديم معونات لفقراء القرى.
٣-مساهمة الأحزاب وهيئات المجتمع المدنى للمشاركة فى العملية إلى جانب مساهمة الدولة.
فبتضافر جهودنا نضرب عصفورين بحجر واحد فنساهم فى بناء وطننا ومجتمعنا، ونسد خلة الفقير وننال رضى الخالق فنحوز بذلك الظفر فى الدنيا والآخرة وأمثلنا بذلك المثل القائل *من ملح ولم يملح جاره فكأنه لم يملح "دمتم فى اسعد الاوقات. رمضانكم مبارك.