مفهوم الاستقلال ومدلوله ليس مغنى أو نشيد نردده.. أو يوم من أيام السنة نخلده.. أو شعار نجاهر به.. أو رفع علم نحضره. بل هي وقفة مع الذات الجمعية التحريرية..
نتذكر لعمر المختار حين قال لشانقه ".. نحن لا نهزم، نحن ننتصر أو نموت.." لم نستوعبها، لم نفهمها! لم..!. فهو أراد القول: "إن المهزوم هو من يبقى حيا دون أن ينتصر..".
كل احتفالاتنا هي توصيف بأنهم يفشلون دائما في تحقيق أهدافهم هكذا نسمع ونرى، ولم نتحدث عن: "تحقيق أهدافنا نحن" باعتبارها تجسيدا لحالة من الحالات التي نسميها استقلالا..
هكذا تمت كتابة تاريخ الاستقلال الوطني، لمجتمع ناهض من بدويته لا يتعاطى معظمه مع الثقافات الواردة الحريات المدنية وحقوق الانسان التي لم يشهد منها إلا شعارات الطبقة الحاكمة والمتلقفة لحضارة الآخر في ظل طغيان سياسي لها.
هذا الاستقلال الحاصل عن الجهل والغريزة والتعصب للحياة والمعششة بذورها بحقول هذه الكيانات شبه المستقلة (القبلية) الغارقة في بحر أمراضها المزمنة الذاتية المستعصية والتي أنتجت حالة التخبط والطيش وميوعة المواقف الوطنية التي باتت أهم إفرازات مرحلة ما بعد 1960. في بلد كموريتانيا لم تحسم فيه بعد قضايا المواطنة، والهوية.
لهذا ترك المستعمر للنخب السياسية كلمة سره "المخزن" التي تعني الحصول على منافع شخصية مقابل الولاء له، وتركت الجماهير جملة وتفصيلا بعيدة عن كل حراك عام تلقائي، بل ظلت دوما مجرد دوميات مطواعة، وخاضعة.
هكذا تعودت تغييبها وإخفاءها وراء حدود المجال الوطني. هكذا تمت كتابة تاريخ الاستقلال.
هذا الواقع الذي ذكرت من يتحمل مسؤوليته؟ هل هو ارث المستعمر؟ أم هو المؤسسة العسكرية التي قضت على حلم الدولة المدنية؟ أم مجموعة النظم والقيم الاجتماعية.
سيدي أحمد ولد أحمد عيشه
كاتب صحفي