في الحلقتين الماضيتين قدمنا مقترحات خاصة بالحكومة، وفي هذه الحلقة ـ وهي الأخيرة ـ سنقدم مقترحات خاصة بالأشخاص العاديين، سواء كانوا أغنياء أو فقراء أو من الطبقة الوسطى.
من أهم ما يمكن أن يقدمه الأشخاص العاديون للمساهمة في جهود التصدي لكورونا، هو أن يساهموا في التخفيف من الوضعية الصعبة التي يعيشها الفقراء بسبب غلق الأسواق ووقف الكثير من الأنشطة التي كانت تدر عليهم القليل من المال.
إن ديننا الإسلامي يحث كثيرا على الإنفاق على الفقراء، ويحث عليه أكثر في شهر رمضان. وفي شهر رمضان من هذا العام، والذي تزامن مع وباء كورونا، فإن الحاجة إلى الإنفاق أصبحت أكثر إلحاحا، ولذلك فسنقدم في هذه الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة مقترحات في مجال الإنفاق، وسيتم تفصيل هذه المقترحات على مقاس الجميع، فستكون هناك مقترحات خاصة بالأغنياء وأخرى خاصة بالفقراء، ودون نسيان أصحاب الدخل المتوسط.
أولا / مقترحات للفقراء (ولو بشق تمرة)
يركز هذا المقترح على الشباب والنساء، وهو يدعو إلى تشكيل مجوعات من 100 إلى 300 شخص في كل مجموعة، ويمكن أن يكون التعارف بين أعضاء هذه المجموعات من خلال العلاقات المباشرة (مجموعة تسكن في حي واحد أو تدرس في مدرسة واحدة) أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي (واتساب؛ فيسبوك ...إلخ).
تقوم كل مجموعة من هذه المجموعات برصد حالة أو حالات إنسانية صعبة في محيطها السكني : أسرة لديها مريض في حالة صعبة ولا تمتلك ما يكفي لعلاجه؛ أسرة لا تمتلك سكنا لائقا؛ أسرة يعاني كل أفرادها من البطالة؛ أسرة عليها ديون لا تستطيع سدادها، وهكذا..
بعد رصد الحالة أو الحالات الصعبة تتعهد المجموعة برفع المعاناة عن تلك الحالة.
مدة تنفيذ المشروع : شهر رمضان المبارك
آلية التنفيذ : يتعهد كل عضو من أعضاء المجموعة بالتصدق يوميا بمبلغ زهيد (100 أوقية قديمة)، وذلك طيلة أيام الشهر الكريم، أي أنه سيتصدق خلال الشهر الكريم بثلاثة آلاف أوقية قديمة تقريبا، وهو ما يعني في الحصيلة النهائية بأن كل مجوعة ستجمع خلال شهر رمضان مبلغا يتراوح ما بين 300 ألف إلى 900 ألف أوقية قديمة. هذا المبلغ يكفي لتمويل مشروع صغير، أو لتشييد سكن من غرفة واحدة، أو لعلاج مريض، أو لسداد ديون أسرة فقيرة، وبذلك فسيجد كل عضو في هذه المجموعات بأنه من المنفقين في سبيل الله، وبأنه ـ ورغم تواضع ما أنفق ـ فقد ساهم في تمويل مشروع صغير، أو في توفير سكن، أو في علاج مريض، أو في سداد ديون أسرة فقيرة.
ثانيا/ مقترحات للطبقة الوسطى
هناك عدة مقترحات يمكن تقديمها هنا، ولكن سأكتفي بواحد منها، وهو خاص بأولئك الذين كانوا يفكرون في العمرة خلال شهر رمضان لهذا العام، فالعمرة لم تعد ممكنة في رمضان بسبب الوباء، وهناك خوف من أن يصل الأمر إلى الحج.
تكلف العمرة في المتوسط مليون أوقية قديمة، ويكلف إفطار أسرة فقيرة ليوم واحد 2500 أوقية قديمة. يعني أن كلفة العمرة تكفي لتوفير إفطار يومي ل400 أسرة، وإذا كانت الأسرة الواحدة يوجد بها 3 من الصائمين، فهذا يعني بأن كلفة العمرة تكفي لإفطار 1200 صائم.
أن تأتي يوم القيامة بأجر 1200 صائم، فذلك خيرٌ عظيم.
يروى عن الإمام عبد الله بن المبارك بأنه شاهد وهو في طريقه إلى الحج امرأة تأخذ طائرا ميتا فاستغرب من ذلك المشهد فسألها عن الأمر فأجابته بأن الميتة تحل لها، فما كان منه إلا أن أعطاها الألف دينار التي كان يخصصها للحج في ذلك العام، ولم يستبق منها غير عشرين دينار لمؤونة العودة، ويروى عنه بأنه قال بأن التصدق على تلك المرأة أفضل من الحج في ذلك العام.
ثالثا/ مقترحات للأغنياء
بدءا لابد من القول بأن رجال أعمالنا لم يقصروا في التبرع لصندوق التضامن الاجتماعي، ولكن ذلك لن يحول دون مطالبتهم بالمزيد من التبرع والإنفاق في هذه الظرفية الصعبة، وفي موسم الإنفاق هذا (شهر رمضان).
فماذا لو قرر رجال أعمالنا أن يتولى كل واحد منهم فقراء حي سكني يختاره هو، فيعينهم على الصوم، من خلال تقديم سلات غذائية عن طريق بعض عماله، أو من خلال التنسيق مع إحدى الجمعيات الفاعلة في مجال إغاثة الفقراء والمحتاجين.
حفظ الله موريتانيا..