لأول مرة ربما في تاريخ منهم الآن على قيد الحياة يأتي رمضان في ظروف استثنائية كهذه ولو اختلفت الأسباب.
وضع "كورونا" فرض حالة من "الانعزال" حالة من "القطاع" لكنها في الوقت ذاته حالة من "الأمن" والحيطة لا بديل عنها.
خلطة العام الأول بدون تراويح ولا رياضة ولا إفطارات جماعية ولا سهرات مديحية، بحق هي وضعية استثنائية وحالة قد تؤدي إلى نوبة.
تتابع التلفزيون فإذا بالبيت الحرام مطوق الجوانب لا زائر سوى نفر حراس وعمال نظافة وهو الذي كان يختفي في رمضان من كثر المعتمرين.
مشهد مرعب ومحزن، وكأننا وحدنا من دفعنا ثمن وضع "كورونا" ووحدنا المتضررون من بأسه والغارقون في تبعات محنته.
والعالم يعيش ما يعيش من ويلات وآلاف الأرواح تزهق والملايين تخلد لنوم قد لا تعقبه يقظة إلى يوم الدين، ومع ذلك كأننا وحدنا من وجهت لنا سهام العقاب.
هنا في بلاد المنارة والرباط إمام يتيم ومؤذن حل محل الآلاف، بإنابة ما قبلها استئذان ولا مشورة، علًنا على الأقل نسمع صوت القرءان في الفترة الزمنية المخصصة ل"التراويح" و"التهجد" بعد أن كانت المساجد تتحول إلى محشر روحاني في الأعوام الماضية.
موريتانيا بلاد الذكر وقراءة القرءان والإسلام الفطري تعيش شهر رمضان من دون ملحه المعهود، وإن كان العزاء أن اجر العبادة لا شك مكتوب لمن قدر له أن يقوم بها.
غابت مظاهر أخرى من مظاهر رمضان، ليالي رياضية ومشاهد ترفيهية لأطفال يمرحون في ساحات عمومية في انتظار ان يقضي ذووهم ساعات خارج المنزل لكسر الروتين وتغيير الجو قليلا وهو ما لم نتمكن منه هذا العام بفعل حظر التجول.
أما نحن "أهل نواكشوط" فكنا تعودنا منذ بعض السنين أن نعيش ليالي من المديح النبوي أصبحت موسما نترقبه خلال رمضان في فضاء مفتوح يذكرنا بتقاليد مجتمعنا التي لا غنى عنها وهو ما لن نتمكن منه هذا العام، فوضع "كورونا" لا يزال مشغًلا.
وثمة مشهد آخر من مشاهد رمضان المختفية "الإفطار الجماعي" في خيام خيرية مفتوحة أمام الجميع وفي قاعات حتى وفنادق كلها مشاهد لن نتمكن من رؤيتها هذا العام.
وحال موريتانيا كحال باقي دول العالم، تعيش خلطة العام الأول، وتأمل أن يكون العام الأخير بهكذا وضع وأن تعود المياه لمجاريها، والأحوال لطبيعتها وما ذلك على الله بعزيز.