سؤال يطرحه الجميع وخاصة تلاميذ هذه المدرسة ، والقانونيين ، وهو يتعلق بالسند القانوني الذي علي أساسه تمت زيادة فترة التكوين في المدرسة الوطنية للإدارة من سنتين إلي ثلاثة سنوات
وهذا السؤال أصبح اليوم مطروح بإلحاح من طرف الرأي العام الوطني في الآونة الأخيرة وهذا ما جعلني اكتب هذه السطور لكي أوضح هشاشة ، وضعف الأساس القانوني الذي استندت عليه إدارة المدرسة في زيادة التكوين في المدرسة ، وقوة الحجة التي تقول أن التكوين القانوني للتلاميذ الموظفين والقضاة سنتان .
وستتمحور مناقشتي هذه من خلال ثوابت أسياسية ، وهي ان شروط دخول المدرسة مستمدة أساسا من قانون الوظيفة العمومية والوكلاء العقدويين للدولة ، والمراسيم المطبقة له ، والقانون النظامي المتعلق بالقضاء ، والمراسيم المتعلقة بتنظيم و سير والتدريس بالمدرسة .
وبما ان المدرسة يوجد فيها فئتان فئة من تلاميذ لإدارة العامة كالإداريين المدنين والمستشارين الدبلوماسيين والإداريين الماليين والكتاب الصحفيين ، والفئة الأخرى هي تلاميذ القضاة فإن ذلك يستدعي منا الحديث عن كل فئة علي حده.
أولا : التلاميذ القضاة
من المعروف ان مدة تكوين تلاميذ القضاة المنصوص عليها في القانون النظامي رقم 012/94 المتضمن النظام الأساسي للقضاء والمعدل بالأمر القانوني رقم 016/2006 الصادر بتاريخ 12 يوليو 2006 سنتان حيث نصت المادة 21 في فقرتها السابعة يشترط في المترشح للسلك القضائي :
(( أن يتم نجاحه في مسابقة اكتتاب يتلقي بعدها تكوينا لمدة سنتين في مدرسة للتكوين القضائي منشأة أو معترف بها من طرف الدولة )).
وهذه المادة صريحة جدا وهي من قانون نظامي ، وأقوى واكبر قيمة قانونية من المادة 4 من المرسوم رقم 32/2011 المتعلق بنظام التدريس والتكوين بالمدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء الصادر بتاريخ 25 يناير 2011 ، والتي حددت التكوين بالنسبة للسلك العالي بثلاثة سنوات.
فمبدأ المشروعية الذي يعني الخضوع الجميع للقانون من الأعلى إلي الأسفل من الدستور إلي التعميمات.
وبالتالي لايمكن بأي حال من الأحوال ان نطبق مادة من مرسوم صادر عن مجلس الوزراء ونترك أخري من قانون نظامي صادر عن البرلمان.
لان هذا بكل بساطة يدعو إلي الاستغراب ، ويجب ان يدان من طرف الجميع ، وهو لم يتم العمل به في زمن الظروف الاستثنائية التي مر بها البلد فكيف يتم ذلك في عصر الحرية والديمقراطية ودولة القانون ؟
والمادة 4 من المرسوم المذكور هي الأساس استندت إدارة المدرسة عليه لزيادة فترة التكوين بسنة وهو سند ضعيف قانوني .
ثانيا : تلاميذ الإدارة العامة الموظفين
وهؤلاء يخضعون لترتيبات قانون الوظيفة العمومية رقم 09/1993 والمراسيم المطبقة له وخاصة المرسوم رقم 019/2007 المحدد للنظام الخاص لأسلاك الإدارة العامة الصادر بتاريخ 15 يناير 2007 والذي تنص مادته الأولي علي أنه :
(( طبقا لأحكام القانون رقم 09/93 الصادر بتاريخ 18 يناير 1993 والمتضمن النظام الأساسي للموظفين والوكلاء العقدوين للدولة يحدد هذا المرسوم النظام الخاص المطبق علي موظفي أسلاك الإدارة العامة المصنفة في مجالات التخصص التالية :
- الخزينة والضرائب والعقارات
- الاقتصاد والإحصاء والتخطيط
- الشباب والرياضة )).
وينص هذا المرسوم علي أن الاكتتاب الخارجي لهذه الأسلاك يشترط فيه شهادة السلك الثاني من التعليم العالي علي الأقل في القانون أو الاقتصاد أو الإدارة أو العلوم الاجتماعية بعد البالكلوريا يعززها تكوين تخصصي لمدة سنتين في المدرسة الوطنية للإدارة.
وبالتالي فإن هذا المرسوم حدد مدة التكوين في المدرسة الإدارية بسنتين وهو مرسوم تطبيقي للقانون الوظيفة العمومية الذي استندت عليه المادة 4 من المرسوم 032/2011.
وخلاصة القول أن المادة 4 من المرسوم المذكور ليست أقوى قانوني من المواد التي استندنا إليها في نقاشنا لهذا الموضوع.
والذي الهدف منه هو الوقوف علي الحقيقة التي لا مراء فيها وتبيان للرأي العام الوطني وللقائمين علي المدرسة الوطنية للإدارة ذلك .
وهم حسب علمي اطر أكفاء معروفون علي المستوى الوطني ، وقد ظهر ذلك جلي من خلال التطور الذي وصلت إليه المدرسة .
وبالتالي فإن أملنا كبير ان يدركوا ان التكوين هؤلاء الأطر مدة ثلاثة سنوات ظلم بحقهم وحق البلد والحق أحق ان يتبع.