عامل الجباية  أو الجبائى / محمد الحافظ ولد الديمان

نعيش هذه الأيام في شهر مايو كل سنة ذكري عيد العمال وما يرافقها من تذكر لدور العامل و ظروفه و دعاوي لتحسينها ومنحه حقوقه وإبراز أهمية المهنة بعينها ودورها التنموي في بناء المجتمعات و الدول وإنصاف ممتهنيها ، علي هذا الأساس أردنا من هذا المقال تسليط الضوء علي مهنة من أقدم المهن وأكثرها أهمية و حساسية علي مر التاريخ وهي مهنة عامل الجباية أو المحصل لها أو جابي الزكاة أو عامل بيت المال المحصل لحقوقه وهدفنا هو التعريف بهذه المهنة و دورها وأهميتها و التعريف بالمخاطر المتعلقة بها والجدل المرتبط بها كذالك .

من هو عامل الجباية ؟

هو الشخص الذي يتولي جمع وتحصيل حقوق عينية أو مادية لصالح جهة تنظيمية معينة في مجتمع معين وفق قواعد سنها هذا المجتمع واتفق عليها بهدف معين.

فعبر تاريخ تطور المجتمعات في كل تركيبة معينة لا بد من جهة مسؤولة عن الجباية والية معتمدة للتحصيل لتلك الجباية وطبعا أوجه إنفاق محددة لما يترتب عن أداء تلك المهمة و بالتالي فهي مهنة أصيلة متجذرة وقد شهدت تتطور هي الاخري سنتعرض له لاحقا.

ما هو دورها ؟

ارتبطت الجباية عبر التاريخ في المجتمعات الدينية بجمع وتحصيل الإتاوات و القرابين من طرف الكهنة و خدام المعابد وفي عهد الإسلام عندما أسس بيت المال كان هناك جباة للصدقة و للزكاة و الخراج ، كما ترتبط الجباية بالنظام المنشئ لها و الوظيفة المراد منها وهي غالبا ما تكون سيادية كضمان مهمة الدفاع و تجهيز الجيوش و مهام اجتماعية جلبا للمصالح المختلفة والتي لها طابع عام ولا يقدر الأفراد علي القيام بها، وترتبط أكثر بالحاكم أو القائد الذي في الغالب هو من ينشئها ويفرضها علي عامة أفراد المجتمع هذا تاريخيا أما في وقتنا الحالي فقد أصبحت الجباية جزء لا يتجزأ من كيان الدولة الحديثة وله أهمية بالغة و وظائف الدولة كلها مرتبط  بنجاعة وفعالية نظامها الجبائى ومهنية موظفيه وتفعيل الأجهزة الرقابية عليه.

في وقتنا الراهن تعتمد الدولة في سياساتها المختلفة وإدارتها للشأن العام علي مواردها المختلفة الجبائية وغير الجبائية ويعهد لمصالح معينة  مهمة تحصيل وجباية تلك الموارد ضمانا لاستمرار الدولة وخدماتها حيث تعتبر وزارة المالية هي الوصية علي هذا القطاع و تعهد تنفيذه أساسا بالنسبة للجباية إدارة عامة للضرائب وأخري للجمارك وهاتين الإدارتين هم من يمكن أن نسقط علي موظفيهم اليوم عمال جباية أو جباة علي اختلاف رتبهم (وكيل،مراقب،مفتش ومفتش رئيس) وأيضا اختلاف وظائفهم ( رئيس قسم،رئيس مصلحة،مدير ومدير عام) يوحدهم هدف مشترك ومهمة واحدة هي تغذية وتموين صندوق الدولة و خزينتها العامة بالإيرادات الضرورية للدولة  لضمان استمرار مصالحها وتسديد نفقاتها من رواتب ومعاشات و مشاريع تنموية مختلفة ..... الخ.

تشكل مهمة هذا الصنف من العمال أو الموظفين رافعة لكل باقي القطاعات و توصف بالمهمة الإستراتيجية ف بانقطاعها أو تعثرها تؤثر سلبا في تنفيذ التزامات الدولة وميزانيتها .

وبالتالي نخلص لكون هذه المهنة حساسة جدا و تتضمن مخاطرة معتبرة و وتكتسي أهمية بالغة ويجب أن تعطي أولوية خاصة من حيث الظروف الموفرة لمهنييها ماديا و لوجستيا وتحسين خبرة كما يجب اختيارهم علي أساس الأمانة والكفاءة و النزاهة.

تجدر الإشارة إلي أن موظف الجباية (ضرائب أو جمارك) حيث هو موضع شبهة دائما واتهام نتيجة طبيعة عمله في خط التماس مع المال ونتيجة النظرة السطحية لدي العامة والموقف من القطاعين حيث في أذهان العامة عدم جواز الضرائب والجمارك شرعا وطبعا نتيجة ممارسة قلة من الوكلاء في القطاعيين الغير مهنية و ظهور بعض حالات الثراء السريع لدي قلة منهم أيضا وعليه فمن الضروري التأكيد علي وجود سواد أعظم في القطاعيين يتحدون كل الإغراءات ويقومون بالعمل بمهنية عالية و نظافة يد يواصلون ليلهم بنهارهم لتعبئة الموارد و محاربة المتهربين والمتحايلين وللعلم طبيعة هذه المهنة فنية بحته فهو تعامل مع نصوص قانونية واضحة ترسم أي خطوة يمكن أن تتخذ ضد أي مواطن فمن خصوصية الضريبة أنها لا تنفذ إلا بنص قانون أخذ الإجراءات الكامل حتى تم إصداره: ( وعاء ونسبة وإجراءات ) وعليه فالإشكالية هنا هي  وعي و مدنية و مسؤولية.

ختاما لهذا المقال من المناسب اقتراح خطوات إجرائية علي صعيد العنصر البشري لهذين القطاعين والذي يشكل حجر الزاوية لأي إصلاح يرجي منه الفعالية و تحقيق الأهداف التنموية المرجوة  :

علي صعيد الجمهور

ü      تفعيل الرقابة الشعبية والتبليغ عن حالات الرشوة و الابتزاز بأي شكل وعدم الرضوخ لأي مطالب غير قانونية

ü      اللجوء للإدارة العامة أو القضاء للولوج لحقوق يعتقد أنها ضاعت نتيجة ممارسة غير مهنية أو مشبوهة

ü      حملات توعية ضريبية واسعة تستهدف الجمهور مبسطة و موضحة وشارحة للنصوص وما يترتب علي الإخلال بها وما يجب القيام به من واجبات.

علي الصعيد الإداري

ü      ضمان عدم ولوج غير الأكفاء مهنيا لهذه المهنة الحساسة وصياغة معايير معتمدة لذالك

ü      امتيازات خاصة و معتبرة لمهني هذا القطاع مقابل الإغراءات الكبيرة والتي قد تؤثر علي حسن الأداء وتكريم المستحقين منهم.

ü      نظام خاص للترقية و التقدمات والتعيين معتمد يضمن الاستقرار و يكون علي أساس المهنية حسن الأداء والأقدمية يعد بشكل تشاركي.

ü      فرض التصريح بالممتلكات مع أداء اليمين لمهني هذا القطاع و تفعيل الرقابة والتفتيش الدوريين مع سن عقوبات رادعة وقوية تصل للفصل و السجن إن تطلب الأمر.

ü      إبعاد القطاع قدر الإمكان عن تجاذبات السياسة وإكراهاتها وسن آلية إشراك المواطن  في الرقابة علي القطاع والتسيير حتى.

ü      الشفافية المطلقة والانفتاح و إعداد ميثاق شرف و سلوكيات معتمدة لمهني القطاع تحكم التعاملات العامة مع الإدارة ومع الخواص

ü      التكوين المستمر وتحسين الخبرات والاستفادة من تجارب في بلدان أخري قاريا وعالميا.

علي صعيد مهنيي القطاع

ü      خلق إطار جامع وموحد لمهني القطاع من الجبائيين من خلاله يعملون علي التعريف بالمهنة و تطويرها وتبادل الخبرات والتعاون.

ü      التحلي بالمهنية و استشعار الأمانة والإخلاص في العمل. 

5. مايو 2020 - 13:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا