بهؤلاء سنخسر المعركة ..فلندرها بشفافية / أحمد ولد محمدو

altراقبت بتوجس ما يمكن أن يفضى إليه الشق الإعلامي من ندوة الحوار الوطني حول الإرهاب والتطرف بعد أن اكتشفت من خلال لائحة المتحدثين أن بعض من سمتهم وسائل الإعلام التابعة للدولة في وقت لاحق خبراء في الإعلام لا هم أصحاب أقلام عرفوا بصولاتهم في ميدان الكلمة الحرة أيام العسرة، ولا هم حملة شهادات عليا يشفع لهم التخصص وجولاتهم في عالم البحث الأكاديمي .

وفي ظل اختلاط الحابل بالنابل.. انتظرت عل حدسي يكون خاطئا، لكني أدركت أن ظنوني كانت في محلها فكان السباق نحو التخوين والتجريم مما كشف عن الافلاس الفكرى للمنظرين. لقد انتظرت أن نخرج من الحوار بخلاصات تبين الأخطاء التي وقع فيها بعض إعلاميينا خلال تناولهم للمعركة التي استعرت في الشمال المالي وأن تشفع ببدائل موضوعية، لكني صدمت باللغة الخشبية التي تبارى القوم في التنطع بها، من قبيل انعدام المهنية.. والغمز واللمز في بعض وسائل إعلامنا المستقلة دون تحديد ولا تفصيل والتشكيك في وطنيتها. المنصفون في زمن الرداءة اعتبروا أن ما حدث ربما يكون عن جهل لأصول ومبادئ المهنة ولغياب تقاليد إعلامية عريقة لدى صحافتنا، بينما نحى الغلاة إرهابيو الكلمة الحرة والمتطرفون في مناصرة الأنظمة ظالمة أو مظلومة، منحى التهديد والوعيد بالعقاب بتفعيل النصوص الردعية والتكميم بحجة الدفاع عن الوطن والوطنية. تلك مجرد نماذج من فيض ما تفتقت عنه عبقرية ؤلئك المتهافتين على التعيين أو الذين يريدون الاحتفاظ بمواقع يدركون في قرارة أنفسهم أنهم نالوها من غير وجه حق. لهؤلاء و ؤلئك أقول إن الوطنية لا تقاس بمواقف لحظية، تتغير مع تغير توجه النظام، كما أن الخبرة في الإعلام لا تنال بالألقاب والتعيينات كما لا تنال بنصوص إنشائية تمجد فلان وهجاء إعلان. صحيح أن بعض وسائل أعلامنا ربما ارتكبت أخطاء في أسلوب تناولها لما حدث، وأفترض فيها حسن النية، لكن محاولة تهويل ذلك بشكل مبالغ فيه من طرف البعض يكشف عن محاولة ساذجة للتغطية على السؤول المشروع من المسؤول عن ذلك؟  طبعا نستثني من البعض السالف الذكر صيادوا الفرص الذين يعتقدون أن هذه التوجه بأمر من جهات عليا ويريدون أن يثبتوا ولاءهم من خلال المشاركة في الحملة.  إن غياب روح المبادرة، والقدرة على تحمل المسؤولية وما يترتب على ذلك، من طرف القائمين على الإعلام في الحكومة يشكل السبب الرئيسي ـ حسب اعتقادي ـ حيث عجز هذا الجهاز البيروقراطي أن يكون على مستوى الحدث لضعف المهنية لدى طواقمه التي يغلب عليها البعد من التخصص في الإعلام مما غيب لديهم الفهم العميق لدور الإعلام ومسؤولياته في المعركة، وهذا ما تجلى بشكل واضح في مداخلات بعض منتسبي هذا القطاع خلال الحوار لكن كل ذلك يهون في ظل النبرة الاستفزازية التي يتبنون في مهاجمتهم للإعلام المستقل دون أدنى فهم لدوره. إن الحديث عن الإعلام دون وضعه في موقعه الطبيعي كسلطة رابعة مطلوب منها أن تراقب مختلف السلطات الأخرى يبقى حديثا لا معنى له وهذا الدور يقتضي أن يقوم الإعلام بكشف الحقيقة كاملة من خلال نقل الأخبار دون مواربة حتى يردع بذلك باقي السلطات عن الانحراف أو الشطط في ممارسة السلطة، وفي ظل التعتيم على المعلومة أو تقديم الحقيقة مبتورة فإني أجد أنه من واجب الإعلام أن يتطرف في تقديم المعلومة عله يقدر أن يحصل على خمسها وهنا لا أجد أي حرج في أن يقدم الإعلامي أي معلومة مهما كانت، ما دام لديه مصدر يوثق بع سواء تعلقت بالسلطة التنفيذية أو التشريعية أو الجيش فالكل يجب أن يدرك بأنه مراقب ولا مجال أن يضع حول نفسه سواتر زائفة من قبيل حماية الأمن الوطني وما إلى ذلك من تعابير تابوهات تمنح الحماية من المساءلة فيرتكبوا حماقات قد يكون خطرها على الأمن الوطني أكبر من معلومة كشفها إعلامي محلي ما كانت لتبقى طي الكتمان في ظل العولمة. كنت أتمنى أن نخرج بحوارنا بتوصيات يقدم خلالها المختصون حدودا واضحة تتضمن من أين يجب أن نبدأ كإعلاميين في تناولنا لقضايا الإرهاب وأين يجب أن نقف في ظل شفافية حقيقة تتيح للمواطن والعادي والسياسي أن يعرف ما يحدث على الجبهة وداخل الثكنات من خلال إعلامه الوطني بدل أن نظل شاخصي الأعين نحو فضائيات خارجية تتسابق الجهات الرسمية على إعطائها المعلومات، وبعد نهاية المعركة تتسابق نفس الجهات لإلصاق شتى التهم بإعلامنا الوطني في محاولة يائسة للهروب من مسؤولية إدارتهم الفاشلة للمعركة الإعلامية ومحاولة تقديم هذا الإعلام كبش فداء بدلا عنها.  إن معركة تدار في ظل التعتيم والتكميم، رأس حربتها رجال منشغلون بفتح جبهة داخلية لإسكات الأصوات الحرة، والتي لدى أصحابها الشجاعة أن يعبروا بصوت عال عن أفكارهم، منشغلون بتصفية الحسابات، والتهرب من المسؤولية عن أخطائهم، بمثل هؤلاء الرجال سنخسر المعركة لا محالة، فلنزحهم عن الطريق، ولندرها شفافة.   

27. أكتوبر 2010 - 0:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا