الفساد / محمد محمود أبي

الفساد ذلك الغول الذي يبتلع الثروات، ويبدد الطاقات،ويضعف الاقتصاد،ويقوي الاستبداد،يكثر المديونية ويقلل المردودية، يُقِّزمُ الأمة ويصغرها،يضعفها ويشتتها،يهين كرامتها ويهدد سلامتها،ويهز شأنها، يخدش حياءها وينغص سعادتها،يعدم كرامتها وينهي أمانتها، ينقضُ عروتها ويزيد من عزلتها.
الفساد مرض فتك بالشعوب وأنهى الدول وطمس الحضارات وأفنى الأمم وعذب الشعوب وأفرغ الجيوب.
الفساد جائحةٌ قتلت العباد ودمرت البلاد،قضت على الطُّموحات وكرَّست المحسوبيات، أجهزت على الأحلام وهجرت الأعلام،وضعت العوائق وأ كثرت البوائق.
الفساد وباءٌ منتشرٌ وشرٌ مستطيرٌ،لا يبقي ولا يذر،شرٌ ماحقٌ وليلٌ كافرٌ،وذئبٌ كاسرٌ.
المفسدون قومٌ يبتلعون ولا ينتفعون،يأكلون ولا يشبعون، يقتلعون ولا يغرسون،يحرقون ولا يخمدون ينهبون ولا يحاسبون،عندهم هوس في التبديد،وطمع في التخليد،عقولهم صغيرة و أطماعهم كثيرة،وأحلامهم دنيئة، وأهدافهم ركيكة،وسعيهم رذيل وعملهم وبيل .
المفسدون آلة للدمار طريق للبوار،معول للهدم،ومدية للقتل،يد خشنة للسحل وسبيل مظلم للجهل.
المفسدون أمةٌ تعتاشُ على الفتات،وتتغذى على الرُّفات،هم تماسيح الوزارات وثعالب الإدارات،دويبة الأرض لا تبقي ولا تذر ولا تبني ولا تعمر.
المفسدون أمة ملعونة على لسان المريض والفقير والجريح والكسير والأسير والقتيل والرَّاعي والسَّاعي، والعالم والجاهل،لم يرض فَعلَتَهم الأراملُ والأيتام،وتأذى من نكبتهم الأنام، فا امتلأت المشافي والمحاكم. والمنافي والمعاقل.
 المفسدون قومٌ الظلم ديدنهم والتكبر ميسمهم،والاستهتار منزعهم،لم يقدموا للوطن عملا،ولم يكونوا له أملا، ولم يجنبوه مغرما ولم يجلبوا له مغنما،ما تولوا شيئا إلا أفسدوه،ولا درهما ولا دينار إلا أخفوه، ولا مشروعا إلا ازدردوه، أثرهم في المؤسسات وخيم، وفي الإدارات شنيع،بصمهم في المسابقات خبيث، وأثرهم في الترشيحات وبيل ، وعملهم في التزكيات قبيح، يخلف فسادهم طابورا من العاطلين، وجَهَاما من المختلين، وغفيرا من المنسيين.ما سلكوا واديا إلا كانوا فيه للشيطان معلمين. ولإبليس مرشدين؛لخبثهم ومكرهم وغدرهم وخيانتهم،طريقهم طريق المنفعة ووسيلتهم المصلحة، ما وُظف موظف،ولا عُيِّن وزيرٌ ،ولا كُلِّف مُكَلَّفٌ،ولا رُقي آخرٌ، ولا قُدِّم عاملٌ، إلا أحاطوا بهم إحاطة السِّوار بالمعصم، والذئب بالغنم، وجلبوا عليهم بخيلهم ورجلهم وسمموهم بأفكارهم وشتتوهم بتنظيرهم.لا يريدون إلا مفسدا من مثلهم،ومخربا على شاكلتهم،
المفسدون أعدى من الجرب وأثقل من الكُرب، قربهم وباء، ومخالطتهم بلاء، وتوليتهم مصيبة،وتوظيفهم بلية،أغرقوا الدولة في مصائبهم، وغمروها في فضائحهم.وورطوها في مشاكلهم وكبلوها في مصائبهم،يحيلون الميزانيات إلى هباء، والتمويلات إلى فناء،بحجج واهية وحيل خافية،منها ما يتعلق بالصيانة ومنها ما يرتبط بالسَّدانة، ملحقاتهم كثيرة ونتائجهم قليلة،ومعاذيرهم كثيرة،أعمالهم سخيفة، أفعالهم دنيئة،ومنجزاتهم غريبة، وأكاذيبهم رهيبة،يصنعون من الحبة كبة ومن الكبة قبة،مردوا على مغالطة النظام،بواسطة الإعلام.
يستحقون من الدولة السجن والحبس، ومن الفرد النقد والمقت، ألا بئس ما فعلوا وقبح ما صنعوا،وجُبْن ما عملوا، ما ترى منهم إلا آشرا باطرا، يدخل إلى المؤسسة،ومنها يدلف إلى المملكة،في أول أمره و مقتبل دهره، يكون لين العريكة سهل الخليقة، فما يلبث إلا قليلا حتى يصبح فاسدا سافلا، في خلقه غرابة، وفي فكره نجاسة، كبر فرعون وجحود قارون ، يدخل الإدارة ومنها يشتري السيارة والعمارة،وينتقل من محل الحارة، إلى أهل الشَّارة.
ولو كان في عهد الفاروق لعلاه بالدرة، وسجنه في الحُرَّة،ولقال له يا هذا من أين لك هذا،السؤال على بساطته، ونباهته، يحتاج لقوة قائله، وصفاء دهره، ونقاء سريرته، ونفاذ بصيرته فهل يخفى على غبي أن من نال شيئا أي شيء كان،درهما أدينارا، مالا أو عقار ،صائحا أو صامتا، لم يرثه من أب ولم ينله من جد، ولم يحصله ببيعه وشرائه، ولا هو من كده وعنائه،ولا هو وراثة من سلالته، ولا هو رفادة من أقاربه،ولم يهبه له مالكه ولا هو نابله و لا حابله، يكون هذا المال كل شيء إلا أن يصح  أن يقال أنه حلال  
لا أكون مبالغا،ولا مجانفا، إذا قلت وأكدت، أن الواحد من هؤلاء سقط عند نفسه وأصيب بالصفاقة في عقله، بحيث أصبح هواهم هو مولاهم وزين لهم سوء أعمالهم.وبئس المصير.ِ
 لا در در المفسدين، ولا بورك سعيهم، ولا انتقش شوكهم، ولا أُقيلت عثرتهم،ولا نجحت فزعتهم،ولا ربحت تجارتهم،ولا نمت حواضرهم ولا كبرت خواصرهم. تعسوا ويئسوا ونكسوا وانتكسوا .
 

13. مايو 2020 - 2:13

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا