في محاولة جادة لقراءة ما حدث ويحدث من انتشار وباء كورونا في بلادنا لا بأس لو حاولنا تلمس جوانب من الواقع تكشف مواطن الخلل ومكامن التقصير التي لا تزال تبعاتها ماثلة مما زاد من انتشار وباء كورونا في بلادنا ، كما تميط اللثام عن أوجه الإنجاز التي تحققت على طريق احتواء هذا الوباء ابتداء، ومحاولة لجمه حاليا وقف سيرورته انتهاء.
ولكي نبرز جوانب الانجاز تحسن الإشارة إلى أن الجهات الحكومية المختصة قامت في وقت مبكر برقابة مسار هذا الوباء وهو لا يزال في طور الانتشار الأولي في الصين وقليل من دول العالم، وحاولت جاهدة وضع خطة وقائية تجنب من خلالها بلادنا ويلات هذا الوباء نظرا لمعرفة تلك الجهات بالقدرات الصحية التي تملكها بلادنا والتي هي أضعف من تحمل تبعاته في حال وصل الوباء إلى بلادنا، وكانت هذا الخطة ناجعة في بداياتها مما أسهم في احتلال بلادنا مراتب متقدمة من بين الدول الأقل تضررا من هذا الوباء.
غير أن تقصيرا تنظيميا وخللا إداريا أسهما في ظهور حالات كانت هي السبب الرئيسي في ما يحدث الآن. وتم تطويق الوضع من جديد عبر إجراءات كانت غاية في الفاعلية، لولا أن أفسدها بعض من تسللوا عبر الحدود... ذلك التسلل الذي حدث في جو من العبثية من طرف المتسللين والتسيب من طرف المواطنين والارتباك من طرف الجهات الحكومية والإهمال من طرف جهات الرقابة قد يكون سبب ذلك كله ضعف الوعي الصحي وقلة الوسائل المتاحة، فكانت الطامة الكبرى والكارثة العظمى التي ندفع ضريبتها من صحة أبناء موريتانيا الآن وما زلنا سندفعها في قادم الأيام.
لا شك أن الاستطراد في سرد تلك الوقائع المؤلمة بتفاصيلها لن يكون أمرا ذا قيمة بقدر الأهمية التي يجب أن نوليها لكيفية معالجة الواقع وتداعياته عبر احتواء هذا الوباء الذي انتشر خلال هذه الأسبوع في بلادنا بطريقة مخيفة، فمن أهم ما يجب أن نسعى إليه الآن تطبيق التعليمات الحكومية والتوجيهات الصحية فهي الوحيدة القادرة بحول الله على تجنيبنا الأسوأ، ولكي يتحقق ذلك يجب علينا السعي الجاد من أجل الاطلاع على تلك التوجيهات من مصادرها الرسمية.
الوضع صعب جدا، سواء من الناحية الصحية أو من الناحية الاقتصادية، والجهات الحكومية تدرك ذلك، وتتعامل معه وفق المتاح والممكن، وتدرك أن ظروف المواطنين الاقتصادية يستحيل معها فرض حظر كلي يشل مظاهر الحياة، ولذلك قامت وستقوم بتوفير بعض المستلزمات المالية لبعض الأسر الأشد فقرا، عساها تكون قد ساهمت في التخفيف من الآثار الاقتصادية للوباء.
علينا جميعا أن ندرك أن صحة المواطن هي ما يؤرق الجهات الحكومية الآن، وأن توجيهات صادقة وصارمة صدرت من طرف رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بضرورة المحافظة قدر الإمكان على الإصابات في حدودها الدنيا، وضرورة الإسراع في السيطرة على هذا الوباء. وأن الإدارة بكل أطقمها تسهر على تطبيق تلك التوجيهات بحذافيرها، لكن يبقى دورنا كمواطنين هو الامتثال لتلك التوجيهات والتطبيق العملي لها، لأن ذلك وحده – بعد لطف الله وعنايته- هو الكفيل باحتواء الوضع وتطويقه.