في ذكري "إلغاء الرق"..خطوة علي الطريق الصحيح / المهدي ولد لمرابط

المهدي ولد لمرابط يحتفل العالم اليوم "باليوم الدولي لإلغاء الرق"، وهو اليوم الذي اعتمدته الأمم المتحدة في عام 2002 للاحتفال بالإلغاء الرق الذي يصادف تاريخ اتفاقية الأمم المتحدة بشأن قمع الإتجار بالأشخاص في 2 ديسمبر 1949.

ولاشك أن هذه الذكري تمر علينا اليوم في موريتانيا ونحن نعيش علي وقع إصدار قانون جديد، يعتبر ممارسة العبودية جريمة إنسانية، يعاقب مرتكبوها بحرمانهم من حقوقهم المدنية أو بالحبس والغرامة. والأكيد أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة الموريتانية تشكل انجازا هاما لنضال الحقوقيين الموريتانيين، وخاصة حركة "ايرا"، التي تنبت أشكالا جديدة من النضال لم يعرفها المجتمع الموريتاني من قبل، مرغمة الحكومة الموريتانية علي التعامل مع مشكل الرق بواقعية، بعد معارك قانونية ومراجعات فقهية، كما تعبر هذه الخطوة عن تطلعات العاملين في الحقل الحقوقي الوطني والدولي. وقد أتاح هذا القانون الجديد فرصة ذهبية سانحة للحكومة الموريتانية للتكفير عن ماضيها في التعامل السلبي مع الظاهرة من نكران وجحود، كما ستكون له نتائج مفيدة علي المدى القريب، إذا حرصت الحكومة علي تطبيقه، ورفع القضاء يده عن رعايته لممارسي العبودية. ويمكن اعتبار قانون العبودية الجديد إشارة من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلي أركان نظامه بتخليه عن ملاك العبيد، الذين سبق وان وقف إلي جانبهم بقوة حائلا بين تطبيق القانون عليهم ومدافعا عنهم بشراسة، حين نفي في تصريحات صحفية وجود العبودية في موريتانيا، مما فسح المجال أمام الجهات المعنية بتطبيق "قانون تجريم العبودية 2007" الي تعطيله، وانعكس ذلك في تعاملها مع قضايا العبودية المعروضة أمامها، خشية من مخالفة توجهات الرئيس، حيث عمدت إلي حفظ ملفات العبيد أو تحويل قضاياهم إلي استغلال قصر، إضافة إلي قمع مناهضي الرق بالسجن والترهيب. ولئن كان من المفترض أن يشكل هذا القانون تحولا مهما في السياسة الموريتانية اتجاه المنظمات المناهضة للعبودية، يعتبر أيضا رسالة ضمنية علي اعتراف ولد عبد العزيز بوجود هذه الظاهرة، وشعوره بضرورة حلحلتها من اجل القضاء عليها، وهو ما يتطلب عدة إجراءات لا بد للحكومة وان تأخذها بعين الاعتبار حتى تكون جادة. إذ أن ليس المهم هو تشريع القوانين وإنما تطبيقها علي ارض الواقع. ومن الأكيد أيضا أنه في سبيل تكفير السلطات عن ممارساتها المشينة، وازدرائها بضحايا العبودية، الذين يحملون في أجسادهم وأرواحهم آثارا لا تــمحي لعذابات الرق عبر السنين، فإننا بحاجة إلى استراتيجيات وتدابير جديدة يمكنها أن توحد جهود جميع الجهات الفاعلة المعنية من أجل القضاء على الرق، وفي حين أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الحكومة، فإن لدى المنظمات الغير حكومية العاملة في نفس المجال دورا مكملا تؤديه.  وعلي هذا الأساس، فإن الحكومة الموريتانية مطالبة باتخاذ تدابير عاجلة لعل من أهما: -    إطلاق حملة تحسيس واسعة حول قانون تجريم العبودية. -    تنظيم ورشات لضباط وأعوان القضاء، وتكوينهم علي قانون تجريم العبودية. -    ضرورة غربلة الأفهام  الخاطئة للنصوص الدينية المشرعة للعبودية المفسرة زورا، وإصدار مجلس المظالم والإفتاء فتوى بحرمتها. -    إعادة طباعة المتون الفقهية المدرسة في "المحاظر" الموريتانية، والتي تحوي فصولا عن العبودية تتنافي مع النصوص القرآنية والأحاديث النبوية. -    علي الدولة الاعتراف بجهود المبادرة الانعتاقية (ايرا) في محاربة العبودية، والسماح لها بمواصلة مسيرة نضالها دون وضع عراقيل قانونية في سبيلها.

2. ديسمبر 2012 - 9:05

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا