في غمرة انشغال الرأي العام بجائحة كورونا، ومتابعة الاجراءات الاحترازية، والنظر إلى عداد الإصابات والوفيات، تجري مياه كثيرة تحت جسر التفاعلات الخاصة بعمل لجنة التحقيق البرلمانية في صفقات العشرية الأخيرة بعد أن كشفت أن جائحة الفساد التي ضربت البلد خلال السنوات العشر الأخيرة كانت الأكثر فتكا وأعمق أثرا من جائحة كورونا.
فالجائحة الأخيرة قضت على حياة أربعة أشخاص فقط، وأصابت العشرات بالفيروس دون أعراض أو خضوع لعلاج سريري، أما الفساد فلا يعلم عدد من قتلهم وأمرضهم وأفقرهم وهجرهم إلا الله، ناهيك عن ضرره المستمر في تجهيل الأجيال وتعريض حياة الجميع لأخطار حوادث السير والأمراض الفتاكة والموت جوعا، والضياع بطالة.
يوما بعد يوم تتكشف خيوط مؤامرات نظام كان همه الوحيد استنزاف خيرات البلد لصالح زمرة من المفسدين العابثين بمقدراته من خلال صفقات مشبوهة فاضحة ونهب ممنهج.
لا يتسع المجال لسرد أوجه فساد نظام العشرية الأخيرة، لكن كانت هنالك صفقات مدمرة أصابت اقتصاد البلد في مقتل، وتركته يترنح بين الحياة والموت، والمسؤولون عنها يسرحون ويمرحون بين ضحاياهم، ويتمتعون بما نهبوا من خيرات شعب أنهكه الفقر وأتعبه الجوع وفتكت به الأمراض وأقعدته البطالة.
لقد كان لصفقة الصيد البحري مع شركة "بولي هونغ دونغ"، ولصفقات الطاقة المشبوهة الدور الأبرز في تبديد الثروة السمكية وإفراغ خزينة الدولة لصالح جيوب انتفخت، وحسابات بنكية خاصة امتلأت، وعمارات وأسواق شيدت، وسيارات فاخرة اقتنيت...
لقد سعى متنفذون في نظام العشرية إلى فرض توقيع اتفاقية صيد مجحفة مع الشريك الصيني غير النزيه والمتحايل على تطبيق دفتر التزاماته، فظلت سفنه تسرح في طول الشواطئ الموريتانيةوعرضها بلا رقيب وبلا رادع.
وكانت وثائق مسربة قبل ثلاث سنوات، قد كشفت عن تورط وزراء ومسؤولين في منح صفقات نقل الكهرباء من نواكشوط لشريك هندي بمبلغ 140 مليون دولار، غير أن تقريرا سريا وصل للرئيس من بعض الأطراف الفاعلة فى الشركة الوطنية للكهرباء، أبلغ عن وجود خدعة للدولة الموريتانية ستخسر بموجبها 35 مليون دولار دفعة واحدة، وهو ما قد يدفع بالرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الى إقالتهم ومحاكمة الضالعين في احدى أكبر عملية الفساد التي شهدتها البلاد.
فهل ستتم محاسبة هذه الزمرة الفاسدة لجعلها عبرة لغيرها في لاحق الأيام؟
وماذا ينتطر نظام رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني ليقيل أمثال هؤلاء ممن ثبت تورطهم في هكذا صفقات؟
وهل ستنال هذه الزمرة جزاء فعلتها في القريب العاجل؟