النفس البشرية مفطورة على الحاجة إلى الفرح والسرور، والدين اﻹسلامي دين الفطرة ، واﻹيمان نفسه أكبر مولد للفرح ، إذاخالطت بشاشته القلوب حولتها إلي رياض من السرور والفرح ، بل له حلاوة تحول اﻷلم إلى أمل ، والترح إلى فرح ، والمحنة إلى منحة ، حين تكون هناك معرفة بالله ، وماله من حكمة
في البلاء ، توجب الرضا بقضائه ، وإيثار ما رتب من موفور الجزاء ، على ما يفوت من الحظوظ بالبلاء ،
وهناك ندرك الفرق الجوهري بين فرح المؤمن وغيره ، ففرحه فرح نابع من داخله ، منشرح به صدره ، مطمئنة به نفسه ، قريرة به عينه ،
بينما فرح غير المؤمن مستجلب من الخارج ، لتطلى به وحشة الداخل ، وألم الباطن ، فلا قرار له وﻻرسوخ ، فهو أشبه ما يكون بمهدئات اﻵﻻم ، وثياب الزور ،
وقد شرع الله للفرح مناسباته ، وربط ذالك بمقاصد الدين ، ومبادئ الشرع وضوابطه ، لتتحقق ربانية اﻹسلام في كل المناسبات وسائر اﻷحوال ،
والمسلم مطالب بالفرح بسائر نعم الله تعالى ، وذالك من إظهار النعمة المأمور به شرعا ،
ولكنه يعلم تفاوت النعم ، ويتفاوت فرحه انطلاقا من ذالك اﻹدراك ، فالفرح الحقيقي هو الفرح بالطاعة والشعور بامتثال أمر الرب جل جلاله ، ﻷنها سبب في الفرح الدائم واﻹستبشار السرمدي ،
و قد أكثر الله تعالى من تبشير عباده المؤمنين وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ؛ {وبشر المؤمنين } وسماه بشيرا
لذالك يفرح الصائم يوم العيد بتمام العبادة ، والانتصار على الشيطان و الشهوة ،
ويشعر بنشوة تحقيق اﻹنجاز ، والوصول إلى الهدف ، ويفرح بأمل تمام الفرح بلقاء من عمل له جل جلاله ، وموافاة يوم الجزاء على العمل ، وحلول قطف ثماره ،
" للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه "
والفرح بلقاء الله بالنسبة للمؤمن ﻻيقارن بأي فرح فهو فرح بلقاء المحبوب ورضاه وجزائه ؛
{ والذين آمنوا أشدحبالله }
و ينبغي أن يترجم الفرح والسرور بالتجمل واللهو المباح وإظهار سماحة الدين ويسره وفسحته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
" حتى يعلم الناس أن في ديننا فسحة "
لكنه فرح المؤمن الذي يلهج معه بتكبير الله
مستشعرا أن الفرح والسرور بالله أعظم من كل فرح ؛
{ قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون }
قال المفسرون برحمة الله أي اﻹسلام وفضله أي القرآن مقرونا بحمد الله تعالى الذي جلب الفرح وأسبابه وشرع اﻹحتفاء بها
وشعار اﻹسلام يوم الفرح
"الله أكبر ﻻ إله الله أكبر و لله الحمد"
تكبير وتهليل وتحميد مخالفا الغافلين عن الله اللاهون بما هم فيه عن ذكره وشكره
ويتصدق المسلم يوم العيد حتى يشارك المعدمون الموسرين فرحة العيد وﻻ تكدرها الحاجة وﻻ تنغصها الفاقة
"أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم"
فينبغي لأهل العلم أن يظهروا هذه اﻷسرار والحكم ويبتعدوا عن المناقض لها حتي ﻻ يحولوا العيد إلى مأتم وعلى أرباب البيوت أن يفسحوا لذويهم يوم العيد
اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي أذن باللعب الهادف في مسجده وفسح لعائشة أن تتابعه حتى ملت وصدت وهو يقول لها ؛
" أشبعت "
وعلى المفتين وطلاب العلم أن ينطلقوا من هذه المقاصد فييسروا ويبشروا وﻻيعسروا ولا ينفروا بكل وسطية واعتدال
نسأل الله أن يحسن إسلامنا ويكمل إيماننا ويزيد يقننا.