تشهد موريتانيا منذ فترة تفشي ظاهرة الانحراف بكل مستوياته فقد أنتشرت السرقة والنشل والترويع والاغتصاب والاختطاف وبات القتل مألوفا بين المراهقين والشباب وكأننا أمام مسلسل أو فيلم من افلام الرعب ماإن تنتهي حلقة حتى تأتي أخرى ففى هذا اليوم الموافق ل 23/05/2020 تمت ثلاث عمليات قتل بحسب ماقرأت فى وسائط التواصل إحداها فى لعيون وثانيها فى انواكشوط وأخراها فى انواذيبو وهنا لابد أن أن نتساءل أين الخلل هل هو بسبب أنفلات أمني أم هو بسبب عوامل التربية بدءا بالبيت وانتهاءا بالمدرسة؟
لاشك أن وراء عمليات القتل هذه دوافع قد تكون مباشرة وقد تكون غير مباشرة ومهما كانت الأسباب والدوافع فإن للتربية دورا بارزا فى تفشي هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا كما أن تقصير أجهزة الأمن أحيانا فى ضبط الشارع ومراقبة أوكار المجرمين سبب من أسباب أستمرار وانتشار هذه الظاهرة ، ولاشك أن مسؤولية أخرى لمحاربة هذه الظاهرة- بخصوص المجرمين واللصوص والقتلة الذين يُحالون إلى السجون - تقع على عاتق إدارة السجون فى تأهيل السُّجناء الذين غالبا مايتم إطلاق سراحهم دون مراعاة لتأهيلهم ودمجهم فى المجتمع والحياة العامة بطريقة تضمن عدم معاودتهم للجُرم مرة أخرى وهي الحلقة المفقودة فيُكررون نفس الفعل من قتل وسرقة ونشل وترويع .
يقول الروائي أنطون تشيخوف: «ليس السجناء وحدهم هم الذين يكتسبون خشونة وتشددًا؛ نتيجة العقاب البدني الذي يتعرضون له، ولكن أيضًا كل من شارك في تنفيذ هذا الفعل أو شاهده». وهذا مايستدعي مراعاة سلوك السجناء وتأهيلهم
وفى هذا الصدد يقول أحد أساتذة الطب النفسي أن
الغرض العقلاني الوحيد للسجن هو «كبح جماح الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم عنيفة، ومساعدتهم في الوقت ذاته على تغيير سلوكهم والعودة إلى المجتمع بعد التعافي»
إن ظاهرة الانحراف بكل ابعادها التى أصبحت تتنامى يوما بعد يوم فى وسطنا الحضري تستدعى من السلطات إيقافها والبحث فى أسبابها ووضع حلول لها وهنا لابد أن نعترف ونعرف أن للتربية دور كبير فى تفشي هذه الافعال المشينة فأغلب اللصوص هم من ضحايا التسرب المدرسي مما يجعلهم بيئة خصبة لهذه الممارسات ثم إن غياب رادع قانوني قوي لمثل هذه الجرائم وعدم إعطاء قيمة لمادة التربية الإسلامية فى المناهج التربوية تتمثل فى رفع ضاربها وكذلك غياب دور الآباء فى تربية أبنائهم بالإضافة إلى عوامل أخرى كلها عوامل قد تزيد من ترسيخ ثقافة اللصوصية والإجرام .