كيفة : كورونا و العيد ! / الحسن محمد الشيخ

كيفة : تلك المدينة  المسالمة الأصيلة القابعة  بهدوء  في الشرق الموريتاني .. المدينة الحاضنة الكافلة لكل زائر غريب أو عابر سبيل .

المدينة المعروفة بسكانها الطيبين .. المجبولة بحب الناس من مقيمين ، و وافدين باحثين عن الدفء و العيش الكريم .

كيفة بوتقة ظلت "بردا وسلاما" و قد انصهرت في فرنها الدافئ أعراق و أجناس و ألوان فازدان الإنسان بالبساطة و التواضع .

كيفة واحة للتعايش بين البشر  .. جنة لأرباب الكلمة و النغم .. فضاء رحب لسبر الشعر و النثر .. سوق مربح لذوي العد و النقد .

مرآة عاكسة لوجه الوطن .... آه ! و كم كنت أتطلع  لسحنة بهية و بنية قوية لهذاك الوطن أفاخر بهما بين الأمم !؟

لكن هيهات فقد أنهك الفساد قواه و قطب الإملاق محياه ! و صار عرضة للفيروسات و الميكروبات و الجراثيم و كل الأوبئة و الأمراض.

كيفة  في هذه الأيام يطوف عليها طائف من ربك .. زائر غير مرحب به، و ذلك استثناء في تاريخها .

يطوف هذا الضيف المعادي المتعطش للأذى ، في هذا الصيف غير الاعتيادي ثقيلا على الأنفس ليفسد الألفة و يمزق اللحمة و يصدع  الانسجام و يثير الهلع و يفرق بين المرء و أخيه ..

  و لعله  حين يعلم  هشاشة الوضع و ضعف الحيلة و تقصير الحكومة  سيرحل فورا -لا محالة - و لسان حاله كأنه يقول  "اذهبوا فأنتم الطلقاء" و احتفلوا بعيدكم و كل عام و انتم بخير .

  عيد بأية حال عدت يا عيد  
بما مضى أم بأمر فيك "كوفيد"

عيد  بلا صلاة و لا زيارات و لا ملاهي و لا افراح !
عيد يخيم عليه الخوف و الحذر من كورونا .

و قد خرج ساكنة المدينة ضحى يولون الوجوه -كالعادة-  شطر الساحة المركزية للصلاة ... فأذن في الناس مؤذن ألا  يقربوها  !

تلك الساحة التي كانت مسرحا لتطبيق بعض الحدود الشرعية في سالف الأزمان على بعض المستضعفين من بني الانسان دون غيرهم .

تلك الساحة التي عرفت خطبا  مؤثرة للشيخ الطالب محمود رحمه الله في ضحى الأعياد .. و كانت متنفسا و ملهى و ملعبا للأطفال في مساءاتها .

تلك الساحة  التي تغتسل كل عيد بتلك الصلاة  من درن السياسيين الذين ألفوا الكذب و تعودوه في فضائها الرحب ، و من حلم الناخبين المغرر بهم في كل موسم .

ظهرت  -تلك الساحة- في هذا العيد جرداء غبراء معتكفة في طهر عن هؤلاء و أولئك ..... لكنها لما تزل تناجي السلطات الإدارية بهدوء كالذي يسبق العاصفة ؛ أن اعدلوا و لا تركنوا للذين أفسدوا و ضيعوا حقوق الناس .. فالعدل أساس الحكم و لتكن أياديكم نظيفة .. فكورونا ليس مطية للتربح .

25. مايو 2020 - 9:39

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا