التشريع ضرورة لازمت نشوء البشرية وتطورها لارتباطه في الواقع بمجموع الاحتياجات المادية والروحية التي تعد انعاكسا لما شهدته المجتمعات من تطور وتحول في بنيتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتنظيمية ............. وحتي في شكل ونوع نظام الحكم .
وبغض النظر عن مصادر التشريع وعن الآليات والوسائل الفنية المتبعة لصياغته والدوافع و الحاجات من وراء اعداده والجهات المخولة قانونا بتهيئته واعتماده واصداره ............... يبقي استقرار التشريعات والمحافظة علي ديمومتها واستمرارها دون اللجوء الي الغائها كليا واستبدالها بتشريعات اخري امر لاغنى عنه لما يحمله من معان ترتبط في الواقع بالهوية انطلاقا مما يتعين المحافظة عليه من خصوصيات تميزالمنظومة القانونية للبلد عن غيره من البلدان الاخري وتطبع التشريع بجملة من المصطلحات واسالب الصياغة وفنيات الإعداد ......... التي تعكس في الكثيرمن جوانبها الخلفية التشريعية والثقافية والحضرية للجهة المخاطبة به ، وهو مايظهر جليا من خلال ماتتم معالجته في بعض الأحيان من قضايا وإشكالات تعد في حقيقتها انعكاسا لظاهرة التطور بمختلف ابعاده والحراك الإجتماعي بالبلد وتفرض ان يتم التعامل مع النصوص القانونية في اطارتحيين وتعديل بعض المقتضيات استجابة لماتمليه ضرورة الواقع والظروف العامة المحيطة به وطبيعة القضايا المستجدة ومايقتضيه ماتوصل اليه الفقه والقضاء من اجتهادات ، فعملية التحيين والتعديل ترتبط في الواقع بتطبيق النص القانوني وانفاذه لمدى زمني ليس بالقصير سبيلا لمعرفة ما قد يشوبه من نواقص ومايتطلبه من تعديلات وتحسينات يكتسب النص من خلالها قدرا كبيرا من التراكم التشريعي يجعله أكثر منطقية وقوة واقناع ..... ويفرض الحد المطلوب للمحافظة علي انسجام التشريعات فيمابينها وعدم تعارضها اوتناقض مقتضياتها ويسهل مهمة الهيئات المكلفة بالرقابة ويشكل آلية لاغنى عنها في وضع الحلول القانونية المناسبة للقضايا المطروحة انطلاقا من رؤية واقعية تستند علي حلول قانونية افرزتها حتمية التعامل مع اشكال يفرض نفسه بالحاح .
فاستقرار النصوص التشريعية بهذا المفهوم يعد مؤشرا علي استقرار البلد وانسيابية المعاملات بداخله ويعزز ثقة الشركاء في التنمية واصحاب الإستثمارات الوطنية والأجنبية فيما تم وضعه من اجراءات لخلق المناخ الملائم لجلب الرساميل وتحقيق التنمية ودعم وحماية المقاولات وتعزيز قدرتها التنافسية بالشكل الذي يمكن من الإنخراط الآمن والفعال فيما يجري من تحولات اقتصادية علي المستوى العالمي ويجنب ما قد ينجر عنها من مخاطر علي الاقتصاد الوطني ، ويعكس نجاعة ما تبنته المنظومة التشريعية الوطنية من قواعد وآليات لتنظيم وضبط مختلف المعاملات وحل ماقد ينشب من نزاعات ويجنب الجهات المكلفة بتطبيق القانون ماقد يحصل من ارباك نتجة للإلغاء غير المبرر للنصوص القانونية محل التطبيق ، فالحاجة الي التشريع وان كانت تفرض اعداد نص في مجال حديث لم يسبق ان نظمه المشرع فانها في الوقت نفسه تفرض عدم الاستغناء عنه واستبداله بنص آخر جديد الا لأسباب استثنائية وفي مجالات ضيقة ومحدودة جدا ، ذلك ان فكرة الإستقرار التشريعي من ضمن العديد من الافكارالتى تعد محل إجماع من طرف جميع الجهات التشريعية في العالم علي اختلاف مشاربها ورؤاها،ويكفى دليلا علي ذلك مايمكن رصده في مختلف المنظومات القانونية من تشريعات تعود في تاريخ صدورها الي قرون خلت دون الغاء يلحقها سوى ما يفرضه تسارع منحنى التطور بالعالم من تعديلات وتحسينات.
والله أعلم