قد لا يخْطُرُ على بالٍ أن آكلَ المالِ العام وإن شئتَ جمعتَ (آكلي المال العام) ينالُ الغفرانَ لما ارتكبَ من زلاّتٍ لا تزالُ الأمّة تعاني من أثارها وقد يُحتاج لسنين للتّعافي منها إن لم تكن لتلازمنا قرونا قادمة.
لا جدالَ في أنه قُدّرَ على فئةٍ من القوم وسيُقدَرُ علي أخرى تولّى مناصبّ يقومون بحكمها بالتكفّلِ بأمور الدّولة وترشيد أموالها كي تصْرفَ في ما ينفعُ النَاسَ ويبقى في الأرضِ.
فهل حصلَ هذا أيْ هل المالُ العامُ أخذ الوجهةَ الصّحيحة؟
رغم أني كغيري أملكُ الجوابَ فإني مفضَلٌ القيامَ ببعْضِ التحْليلِ وسرْدٍ لمعطياتٍ تساعدُ في تقبّلِ النتيجةِ التي قدْ أصلُ إليها فلا يقولُ قائلٌ بعدمِ التبْريرِ .
إن انطلقْتُ من أن مديونية الدّولة رغم ما تحوز من مقدّراتٍ تعبّر لوحدها عن مستوى الفساد أكون عندكم من المنصفين.
وإن اعتَبرْتُ أن المالَ العامَ لم يشهدْ العافية إلا فترةَ أبي الأمّة وانه بدأ بمشروعٍ أمّةٍ حفيفي اصطدمَ مع الأسفِ بعراقيلَ جمَة لا نفصّلها هنا أكون علي صوابٍ.
وقد لا أتْعِبُ نفسي ببحث مواضيعَ ملّها الجميعُ وأسالت مدادا كثيرا يشأن التحقيقات في المال العام والفساد الميزانوي و طرق منح المناقصات .
وأما الأسئلة الوجيهة فمنها:من أين لهؤلاء الموَظفين هذا الغنى المفرط والحالُ أن رواتبهم لا تسمح به.
نعلم أنهم يملكون الدّورَ والفنادق والسيارات الفاخرة ولو أنهم امسكوا عليهم أيديهم عن مال الله الذي أعطى الأمّة ما كان الذي حصلَ.
وبالرَجوع إلي الموضوع نُسجِّلُ معرفة النّاس بما يجري بل بمعرفةٍ تامةٍ بمن تولّوا كِبْرَه.
ولأنّه في كلّ حينِ ندفعُ بلجان للتّحقيقِ في الفساد ما تلبث أن تتوقّفْ من قبل أن تكون قدّمت نتائجَ من أيَ نوع يكون من الوجيه إعادة النظر والبحث عن مقاربات أنجع .
يعتقد الموريتانيون بمختلفِ ثقافاتهم أّنّ المال المنهوبَ لا يزالُ موجودا ومقدّرٌ أن يكون في البنوك والدّور والعقارات وغيره وأنه بالنظر إلى التوجه الجديدِ للنظام تجبُ متابعة المذنبين وقيام الحق من قبلِ أن تقوم *هبّاتٌ *لا تُعْلَمُ نتائجُها.
إنّ أكلَ المال العام إضافةً إلى حرمتِه عملٌ قبيحٌ يفرض على الأمّة عمل ما في الوسع لتصحيح ما سبّب من اعوجاج في السلوك العام.
ومقترحي إلى الجميع أن قدّموا ما عندكم للشّعب مباشرة لمساعدته على تخطي هذه المرحلة الصّعبة من تاريخه وإن شئتم عبر جعله في بيت المال يأكلُ منه النّاسُ أيضا غسلا للعارِ عنكم وعفوا من الأمّة تنالونه.
وعلينا أن لا نفرّقَ بين من أخذ مالا بغير وجه حق ومن أخذه بحق ولكنه صرفه في غير وجه حق ,الكلّ جانب الصّوابَ.
آن أوانُ أن يبحثَ المثقفون في البلدِ عن آليةٍ ليّنةٍ وقويَةٍ في آنٍ واحدٍ من أجل ردّ الحقوقِ مع الممكن من ضمان الكرامة للمعنيين إن أرادوا التوبة.
أقترحُ أن تأتي المبادرةُ من المعنيين أنفسهم بالتّصريح بما اغتنموا من المال بغير وجه شرعي ,يُتركُ لهم منه ما يكفيهم حياتهم والباقي يتمّ صرفه في ردّ الجائحة ذات الآثار المدمّرة على كافة الأصعدة.
آملُ أن أكون بهذا قد فتحتُ البابَ أمام مفكّري البلد وما أكثرهم لطرح تشريعٍ مناسبٍ نسترد به أموالَ الشعب المسكين دونما مساسٍ بكرامة أي فرْدٍ منه كُتِبَ عليه أنه تولى أموالا فأساء استخدامها .
أدام الله عافيته على الجميع ...