واقع الحال هناك يشهد أن مكونات المجتمع، فطرت على الأخوة والانسجام والمحبة والألفة.
ولقد فكرت طويلا قبل تسجيل موقف، أو عرض رأي، ليس لأن المسألة لا تستحق، أو لأنها بين يدي القضاء، فلزم السكوت.
وإنما لما نطقت به قرائن الأحوال من ألغام التعصب، وشحن العنصرية، ولما تطاير من شرور الترويع وإثارة الفوضى.
إنما هو أدعى لاستمرار استقرار المجتمع هناك وسكينته وأمانه وانسجام طيفه، أن تتحمل السلطات العمومية مسؤوليتها في حماية الناس، والدفاع عن أعراضهم وكرامتهم.
ولا تترك مجالا يتسلل منه المجرمون، فيتحينو الفرصة عبر ثغرة التراخي والمرونة أولا، وبدوافع الشحن وتمزيق حصانة البيوت ثانيا.
وإن بذل بعض النخب جهدا في التأويل لهؤلاء، واللجوء إلى غض الطرف والتفويت المتعمد.
للإعلام فإننا ومنذ بداية التسعينيات ونحن نتعايش مع إخوتنا اللاجئين من جمهورية مالي الشقيقة، بمختلف ألوانهم وأعراقهم، ولم نسجل أنهم نالوا من أحد، أو خاصموه، فضلا عن اعتداء أوكراهية.
وكانت المسالمة والتقدير والاحترام، عناوين غالبة على التعامل مع بعضنا البعض، وحتى العمالة القادمون من مالي مسالمون وطبيعيون.
في التحليل لا نحتاج مهارات محققين، لاكتشاف ما بات يعرف أنه:(نور على علم).
حقنا كمواطنين على الجهات الإدارية والأمنية استأصال شوكة الجناة، وتجريد هذه العصابة من أسلحتها ومكايدها العبثية، لنسف مخططاتهم، وإجهاض أجنداتهم المريضة، حتى لا يوقعوا بالمجتمع، فيبرر أحدنا إشهار السلاح في وجه المعتدى، دفاعا عن عرضه وشرفه.
يتعين أن نكسب حل الأزمة قبل أن تتفاقم، فما أفرزه الواقع كفيل بدق ناقوس الخطر، وإعادة النظر فى استراتيجية الدفاع عن المواطنين المساكين، وتأمين أعراضهم، والحفاظ على أنفسهم وكرامتهم.
ولا مجال للاستسلام والتفرج، وترك الحبل على الغارب لخلايا تمتهن القتل، وتروع، وتغتصب، وتفسد في الأرض، وتمعن في الاعتداء على العرض.
ومع كل هذا يحدثك مدع في نواكشوط، أو متورط خارج الحدود، بجرعة محملة بالسم الرديء، أن محاولات القتل هذه، وعمليات الخنق والتمثيل بالبشر، وحالات الاغتصاب -التي زادت على الثلاثين حالة في أقل من أسبوعين- وترويع الناس واقتحام مساكنهم، أنه هراء وخاضع لتفسير المحاباة، ومجرد اتهام عار عن الصحة، ومرتبط بجوقة الاستعباد -الممجوجة- وغير ذلك من الحجج الهزلية، التي يسوقونها بلبوس الشفقة، ولعب دور الضحية.
واستطرادا لما حدث فإن المساعي التطوعية، والحراك الشبابي، كان حاسما في تتبع العصابة، وتعريتها لدى الجهات الأمنية، لترتبط بخيط دلها حتى الآن على عناصر عديدة منها.
ثقتنا إذن كبيرة في السلطات العمومية، أن تأخذ على أيدي المجرمين، وتسهر على تصحيح هذه الانحرافات والانتهاكات.
ولا نلوم منظمات اللون والعرق واللغة، في عدم التصدي والتضامن مع تلك الصيحات والأصوات القادمة من الأعماق، فبدل أن يكونوا حربا على الجناة، لن نتفاجأ إن أصبحوا عونا لهم.
مهما تورط هؤلاء وأولئك في مسعى التشويش والتضليل، فإن سيف العدالة وسلطان الحق سيلجم نزواتهم وسفاهاتهم، وستضع الملاحقة وكشف الحقيقة حدا للالتباس والتستر.
لقد صاحب بعض الاعتداءات شحنات مكثفة من عبارات عنصرية، وأوصاف قدح جارحة، وتلك قرائن أخرى إضافية نستصحبها للمستقبل في الرد وفض الاشتباك، لوضع حد للبغض والكيد الذي طفح بحق.