هنيئا لموريتانيا المستقرة لأول مرة / الخليفة ولد حداد

altفترة الأربعين يوما التي قضاها الرئيس يتعالج في فرنسا من جراء إطلاق الرصاصة الخطأ,أثبتت ـ ولأول مرة ـ ولوج موريتانياإلى الإستقرارالسياسي من خلال تماسك المؤسسات الدستورية,وقيام الجيش والأمن بالأدوار المنوطة بهما في حفظ الأمن والسكينة..ولكن أيضا في الإبتعاد عن الإنقلابات والإستيلاء بالقوة على السلطة.

ورغم أن البعض ـ مع الأسف ـ حاول عن قصد أو غيرقصد خلق مناخ مشجع على الإنحراف عن سبيل الديمقراطية,فإن التجارب الموريتانية المرة في هذا المجال,ربما فضلت الرسو على شاطئ الهدوء والإستفادة من فرص الإستقرار,باعتباره مفتاح الإستثمار,ومطلب البناء والنماء.

لقد تعاطت المؤسستان المدنية والعسكرية مع الشأن العام طيلة وجود الرئيس في الخارج,حيث ضبط الأمن,وظلت الرواتب تسدد بانتظام,والنفقات تصرف بمقاديرها,والأنشطة الحكومية تتواصل معلنة وجود دولة المؤسسات,التي بمقدورها تسيير الحياة العامة,على عكس ماكان يعتقد لدى البعض من هلامية هذه المؤسسات,وارتباطها بشخص الرئيس ونظام الأحادية..وقد يتساءل المرء ما السر وراء هذه السابقة الموريتانية الألى من نوعها في تاريخ الدولة الحديثة..أن تلوح أمام المؤسسة العسكرية فرصة ما ولاتبدو راغبة في غير الحفاظ على النهج الديمقراطي القائم,ولعل الإجابة في منظور الواقع  أسهل بكثير من التساؤل ذاته ,وهي أن الشعب راض عن قيادته المختارة من قبله ديمقراطيا,وأنه أيضا ـ وهذه أولى في حياته السياسية ـ يراقب ويشارك النظام تسيير البلاد وبالتالي فليس من داع ولاسبب لتقويض حكم الشعب,خاصة وأن الإنقلابات في زمن الربيع العربي أضحت مرفوضة بقوة الجماهير الطا محة للمضي في فلك الحرية والديمقراظية.ثم إن جيشنا الوطني جيش جمهوري بامتياز,لعب دوره النبيل في تحقيق الأمن والحماية الوطنية بعيدا عن الشبهات والوصفات المغرضة.

ومن هنا كانت ملامح الإستقرار تشق طريقها بأمان إلى الوطن الموريتاني في ظل قيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز,وهو استقرار أخذ سنده من تحقيق أساسيات الدولة وطموحات الجماهيرالكامنة في العناية بالفقراء والمهمشين,ومحاربة الفساد والرشوة والتلاعب بمقدرات البلاد..إضافة إلى كثير من الإنجازات في مجال البنى التحتية من شبكات طرق توفيرمياه وكهرباء ,وكذلك في مجالات تحسين أداء الإدارة والصحة وفرض هيبة الدولة التي غدا بموجبها الموظف يستشعرصرامة أوامر الرئيس وجديته في تحقيق الإصلاح,مماكان له انعكاسه الواقعي في تقريب خدمات المرفق الإداري من المواطنين..ضف إلى ذلك جهود الرئيس عزيز الملحوظة في متابعة تسيير المال العام,وهي جهود كللت بالنجاح وأعادت إلى خزينة الدولة عشرات المليارات من الأوقية جراء مستردات الفساد.

هذه الإنجازات ـ والتي يجدر بها إلحاق دكاكين العملية التضامنية, ورمضانيات,وخطة أمل ـ لامست واقع الوطن  وحياة المواطن ,وشقت ـ بالتالي ـ دروبا في أفئدة الناس ماعادت تسمح بالسير في اتجاه الحكم لغير الرئيس المنتخب,وهو وحده الرئيس عزيز.وهكذا انشغلت الجماهير في غالبيتهاـ طيلة علاجه ـ بمتابعة أنباء صحته وتقصي أبعادها,بدل الإهتمام بالتحريض وتهيئة رأي عام ضده,وهوما برهن من وجه آخرعلى دعم الشارع لسير المؤسسات الدستورية,الشيء الذي انعكس هو الآخرعلى حصول الإستقرار,وهذا الأخير ينظر إليه في الواقع بمقاييس الوئام والحكامة الرشيدة,وينظر له في المستقبل بتحول موريتانيا نحو الديمقراطية المعاشة واقعا ماثلا في حياة الناس,وقابلا لتجذير أعراف في شبه المنطقة.وهذه الديمقراطية لاتعني أي تعارض مع وجود معارضة تنتقد,وتكشف العورات,وترشد إلى الأخطاء ومساوئ التسييروالتصرفات, في كنف القانون وتحت مظلة الدستور,لاتلك التي تحجب الحقائق,أوتبالغ وتنكر ضوء الشمس فهذه المواصفات الأخيرة ليست من قسمات السكينة والتعايش.

لقد عاد الرئيس من أربعينيته العلاجية,واستأنف مزاولة أنشته بشكل اعتيادي,قبل أن يذهب ثانية للعلاج,والأهم أن هذه العودة الجديدة من رئيس الجمهورية إلى فرنسا لن يصاحبها كثير من اللقط,بعدما تبين للجميع أن نظامنا السياسي استقر,وغدا يسمح للرئيس من موقعه كبشر( يمرض ويشفى) أن يتعالج, ويسافر,ويعود لأن في البلد نظام مؤسساتي.ويبقي التنبيه واردا إلى أن ماهو حاصل اليوم في موريتانيا ـ  و قد تأكد مؤخرا ـ  من ديمقراطية واستقرار,جاء نتيجة الشفافية والتوازن في التسيير,وهذا من ضمان حصول الوئام السياسي والإقتصادي,والإجتماعي فهنيئا للوطن وللرئيس.

 

 

7. ديسمبر 2012 - 16:39

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا