تهميشات على مشروع قانون النوع / د.محمد المختار محمد المامي

بل عرض تلك التهميشات لابد أن نشير إلى أن هذا المشروع لم يأت من فراغ وإنما جاء نتيجة لمحاولات جادة بذلها و يبذلها دعاة التغريب والإلحاد في هذا البلد ، وهي محاولات قديمة قدم كيان الدولة الموريتانية كان أهل الخير في هذا البلد يقفون لها بالمرصاد كلما عنت كما حصل مع دستور ابنيجارة مثلا ،ولكن ذلك لم يزع أصحاب تلك المحاولات عن مرادهم ولو جزئيا حتى تسللت إلى الدستور وهو أبو القوانين وأساسها والمهيمن عليه مواد عامة تؤسس لهذا النوع من القوانين بل وتعتبرما يعارضها لاغيا لعدم دستوريته، ومن ذلك ( المادة الأولى من الدستور الضامنة للمساواة بين المواطنين أمام القانون بما في ذلك المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات) و(المادة العاشرة الضامنة للحريات العامة بما فيها حق التنقل والإقامة وحرية الرأي والتفكير وحرية الاجتماع )، و(المادة السادسة والثمانون التي تخول المجلس الدستوري إلغاء أي حكم يعتمد على قانون يمس بالحريات والحقوق العامة التي يضمنها الدستور ).
ومن هنا فلا نستغرب أن يطرح هذا النوع من القوانين ، بل إذا ظلت هذه المواد في الدستور فانتظروا الأسوأ كالمطالبة بالمساواة في الميراث وحقوق المثليين وإباحة بيع الخمر والمخدرات وفتح دور البغاء وغير ذلك.
لم لا  ؟ أليس ذلك داخل في الحريات العامة التي يحميها الدستور ؟

التهميشات على المشروع:

الحقيقة أن أغلب ما في هذا المشروع موجود في قوانين أخرى كالقانون الجنائي والمدونة العامة لحماية الطفل وقانون الأسرة وقانون التمييز فهي تغني عنه ولكن لما كان هدف القانون الأساسي والواضح هو تحطيم الأسرة وإلغاء قوامة الرجل على المرأة بتفعيل المادة العاشرة من الدستور كما نصت على ذلك المادة (35) من المشروع نفسه ،كانت الإضافة في جوانب أساسية تعتبر آليات لتحقيق ذلك منها:

o إنشاء مؤسسة للرصد والمتابعة تتابع تلك الحالات في المجتمع لتشجيع أصحابها على الدخول في معارك مع من ولاهم الله عليهم ليتخلصوا من ربقة الولاية كما نصت على ذلك المادة (8) من المشروع.
o إعطاء مؤسسات المجتمع المدني الحق في رفع الدعاوى حسبة إذا رأت ما يدعو لذلك كما نصت على ذلك المادة (54)من المشروع.
o تجريم من لم يشارك في هذا الأمر من أفراد المجتمع باعتباره متسترا على الجرم كما نصت على ذلك المادة (30)من المشروع.
o فتح مضافات على حساب الدولة لرعاية الخارجات على مقتضيات القوامة سواء كان الإخلال في حق المرأة من طرف زوجها أو من طرف القيم عليها من اب أو أخ أو وصي أو وكيل كما نصت على ذلك المادة (19)
o تخصيص محاكم تحقيق وحكم خاصة لذلك كما نصت على ذلك المادة (40 إلى 45)من المشروع.

هذا وقد صيغ المشروع بحنكة بالغة تهدف إلى استغفال السذج حتى يمردون ضجيج وانتهزت له الفرصة المناسبة والوقت الأنسب لإخراجه وتمريره .
أما الإخراج فكان بذكر المواد المؤسسة له من الدستور في آخره حتى لاينتبه المغفلون إلى الهدف الأساسي له، وأحالت على الشريعة الإسلامية في المادة (55) من المشروع فيما لم ينص عليه المشروع دغدغة لعواطف السذج البسطاء من هذا الشعب المسكين.
وما الذي بقي للشريعة حتى يحال عليها ؟
هذا بالإضافة إلى حشد الكثير من المواد المتعلقة بالإجرام ضد المرأة التي كفلت معالجتها قوانين أخرى بكل وضوح وجلاء تغطية على الجوانب المراد التركيز عليها والمتعلقة  بالآليات التي تكفل تحقيق ما يريدون ؛ فلو أن ولي المرأة أو الفتاة منعها من السفر أو الخروج من البيت أو الاجتماع مع غير محارمها كما تنص المادة العاشرة من الدستور فليعلم أنه عرض  نفسه للعقوبة وليعلم أنها ستجد مكانا يأويها وأهلا يرعونها ومحامون يدافعون عنها ومحاكم تقضي لها.
وأما الوقت المختار للإخراج فهو هذا الوقت الذي ينشغل الناس فيه بهذا الوباء ليلهم ونهارهم لا يهمهم غيره ، فهو وقت يستغفل الناس فيه وتمرر الأمور فيه دون خجل أو وجل.
والخلاصة التي أريد أن أصل إليها أن هذا القانون كارثة على الأسرة باعتبارها اللبنة الأولى للمجتمع فإذا هدمت فقل على المجتمع السلامة.

ومن ثم فلا يجوز لنا أن نتساهل في تمرير هذا القانون بل يجب أن نقف في وجهه بكل ما هو متاح شرعا وقانونا,
ويجب أن نسعى كذلك لمعالجة الجذور التي بني عليها في الدستور الحاكم للقوانين حتى لا نبقي الباب مفتوحا لما هو أسوأ.
ولنا في هذا أسوة ، فالكثير من الدول لم تقبل بقانون النوع لأنه يصادم فطرها وتأباه شعوبها ، ومن أراد ذلك فليطلع على اتفاقية قانون النوع وتحفظات الدول عليها، وهي منشورة بحمد الله تعالى.
وما يقال بأن المنظمات الدولية والدول المانحة تشترط الموافقة على هذا القانون لإعطاء فتاتها أمر يجب أن لا نلتفت إليه فإن الله هو الرازق وهو المعطي وقد قال لرسوله لما أمره بمنع المشركين من دخول مكة فخاف الناس قطع الميرة عنهم (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله ).
وما فائدة فتاتهم إذا تمزق المجتمع بتمزق بنيته الأساسية.

ونحن ولله الحمد بلد أغنانا الله بموارد اقتصادية هائلة لو رشدنا تسييرها لأغنينا أنفسنا وأغنينا العالم من بعدنا.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

16. يونيو 2020 - 8:05

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا