اسمحوا لي ايها السادة نقاد الأدب الحساني أو البيظاني لأتطفل انا بدوري باديا ملاحظات على بعض نقدكم لما يقدم الشباب من ابداع أدبي خلال المسابقات التي تقام من حين لآخر والذي ربما بعضكم لايمكنه مجاراتهم فيها رغم قلة الزمن الممنوح لهم فيها عكس وقتكم المفتوح على الاخر!!
ايها السادة اني اتابع من منفاي معظم مجالسكم الادبية تحت مختلف العناوين!! من بداع التوحيد و بداع الجيل و كذا المداح و غيرهم كثير:
انه من خلال تلك المتابعة تولدت لدي ثلاث ملاحظات اساسية يجب الانتباه اليها لاحقا ما دمنا نهتم برقي هذا الأدب الرفيع كلا منا على طريقته الخاصة!
الملاحظة الاولى: تتعلق بغزو بدأت ملامحه تحت الرمال او هو جمر تحت الرماد يستهدف اللغة العربية من خلال محاولة عزلها عن ربيبتها اللهجة الحسانية في مجال الأدب تجلى بعض ذلك من خلال رفضكم البات لأي مصطلح من هذه اللغة يدخل في مجال (الكاف) او (الطلعة) ، رغم ان ذلك التداخل كان شائعًا لدى شعرائنا و (مغنينا ) و كان ذلك في تضمينهم في القرآن الكريم و الشعر الفصيح و كذا الامثال العربية، الا - انه اصبح الان - كما ألاحظ ان اي نص ظهرت فيه كلمة فصحى الا و يستفز صاحبه لأنه اتى بما لا ترضون عنه او كأنه اتى بمنكر على اثره يعاقب بتخفيض قيمة نصه الادبي ، مما جعل كل ذلك المتسابقين يحذرون من اي عبارة غير ملحونة يضعونها في نصوصهم !
و هذه المحاولات الهادفة لإقصاء اللغة العربية من حضارتنا اليوم سبق ان ظهرت امثلة منها في معظم الافلام المصرية و كذا بعض المجلات و الجرائد ، كما حصل شئ من ذلك في المغرب مثل جريدة ( التقشاب) و في موريتانيا جريدة (اشطاري)!
حاصله ان ادخال اي مصطلح فصيح في نص حساني يعد لدى نقادنا بمثابة بعير اجرب ادخل عنوة في قطيع ابل فما ينتظر من رعاته الا طرده او نبذه بالكامل.
الملاحظة الثانية: تتعلق بكونكم جعلتم من المسابقة الادبية عبارة عّن مناقصة او مقاولة على نوعية من اطلع او الكيفان في مجالات فنية مثل (لبير) او (لبتيت) او اسقير او غير ذلك على ان يتم انتاج الطلعة خلال عشرين دقيقة و الكاف في دقيقتين و (تافلويت المكعد) في دقيقة او اقل من ذلك!
اذن صارت المسابقة عبارة عن مناقصة يتم التعاقد عليها بشرط ان يتم الانتاج في وقت محدد و التيفلواتن محددة ايضا و ذلك مقابل وعد بجائزة مقدمة من جهة معينه يعتبر ذكر اسمها اشهارا مدفوع القيمة مسبقا !
اذا هذا النوع من المسابقات ان كان يخدم الادب بإحيائه من جهة فإنه يضر به من جهة اخرى كإجبار البداع على انتاج نص في مجال لا يرغب اصلا فيه سواء كان ذلك النص مدحا او غزلا او هجاء، كما يضر ايضا بنزاهة النقد و التقويم ، وذلك الان ادب الحوليات لا يقارن بأدب ( حفظل ول جمل بارك)!
الملاحظة الثالثة: تتعلق بمعيار النقد لديكم الأن لأن معظمه كما يبدو مزاجيا يتعلق بالحالة النفسية التي يعيشوها الناقد ساعتئذ ، فإن كان على موعد طيب او عطاء مجزي او تحت تأثير الموسيقى و الاضواء فإن نقده سوف يكون متأثرا -لا محالة - بذلك المزاج ما لم تحدد معاير سابقة يخضع لها النص الادبي في مختلف المجالات ، أضافة الى الوزن المتعلق بالسواكن و المتحركين .
ان النقد المزاجي قد عرف في مصر و كان د/طه حسين من المحسوبين عليه في نقده لقصيدة معينة عندما قال عنها انه لا يرى فيها سوى قلب راقصة ! ولدينا نحن ايضا ظهر هذا النقد في كاف قد قاله محمد عبد الرحمان و لد انكذي الذي قد دعي الى سهرة فنية سرقت خلالها عمامته، فما كان منه الا ان قال : ( صراك مطكي ماه كول سمع للهول او جه مدربي :: هيج فيه الصركة و الهول يهيج مافي القلب)
اذا و الحال هكذا فلم يكن امام هاؤلاء النقاد من احكام يصدرونها حول نصوص المتسابقين سوى الكلمات المعروفة لديهم : (هح ) او (اسكي) او (بوي انت مغني) ، و اذا كان المتسابق نال عندهم اعلى درجة يقولون له : ( والله ال اسكي انت مغني)!
و الاخطر من ذلك ان النقاد احيانا يكونون ثلاثة حاضرين في مجلس واحد ويمر عليهم المتسابق تباعا وربما ما قال الاول فيه لا يستطيع الاخرون المتبقيون الا مجاملته في رأيه او قريبا من ذلك.
وقد كان من الاحسن من وجهة نظري ان يقابل المتسابق كلا منهم على حدة و لا يعلم احد من النقاد الاخرين ما دار بينهما الا عند جمع النقاط لدى اللجنة التي يحق لها التصريح بنتائجها.
ايها السادة رغم الملاحظات السابقة لاشك انكم عملتم من اجل ترقية ادب البيظان و النهوض به ، كما حاولتم تذويب الفوارق الاجتماعية و المهنية بين المتعاطين لهذا الادب الرفيع حتي اصبح من لم يكونوا يمتهنونه ادرى بتفاصيله و نكته من أولائك الذين توارثوا امتهانه، انهم يحاولون في بعض المجالس محاكاة المنشدين الا انهم للأسف لم يهتموا بممارسة الجانب الموسيقي و الذين مازالوا يخجلون من تعاطيه جهارا على الاقل، ان الفن ككل جزء لا يتجزء و يتكون من كلمة و لحن و نغم، فهذه الالفاظ الثلاثة تعد توائم سميائية لا يمكن ان يعيش اي منها بعد موت احدهم.
و الذي اتمنى لو رأيت نقادنا يعقدون مجالسهم لنقد الموسيقين و يأخذون من ايديهم آلة العزف او النفخ الناي ( النيفارة)و يمارسون عليها نفس الفن المتسابق في شأنه دون خجل او وجل و الا يقولون لهم يجب ان تعملوا ما عملنا نحن الأن امامكم كما كان يقول نقاد الكلمة عليكم ان تبدلوا هذه الكلمة بهذه التي نقترح عليكم نحن ، و تناسوا ان لكل ذوقه و ان الوقت لدى المتسابقين محدد بالدقيقة و لا يشبه الوقت المفتوح لدى الناقدين!
و في الختام لكم مني الشكر و التقدير و الاحترام
ذ/ اسلم ولد محمد المختار ولد مانّه