لقد تم تصنيف فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) بأنه "جائحة" لما يشكل من خطورة على العالم أجمع. تتشكل خطورته في كونه مستجد ا، فإذا كان من عائلة معروفة فإنه هو في حد ذاته يبقي مجهولا وبدون علاج. تشكل معركة الوعي المجتمعي الرهان الأكبر في معركة مكافحة هذا الوباء. فالمجهودات الحكومية لا يمكن البتة أن تنجح في كبح انتشار الفيروس القاتل دون جهود الأفراد والمجتمعات. لقد كان تعامل الحكومات مع المجتمعات يعتمد في الأساس على التوجيه وطلب المواطنين التزام منازلهم. تشكل الحالة الموريتانية حالة مفارقة، فالحكومة بدأت بشكل مبكر فرض إجراءات احترازية تمت الإشادة بها وبنتائجها في المرحلة الأولى، لكن مرحلة ما بعد منتصف شهر مايو شكلت منعطفا خطيرا في منحنى انتشار فيروس كورونا في بلادنا. تجدر الإشارة إلى أن عاملين اثنين- من بين عوامل أخرى- يبدوان مقلقين ومثيرين للانتباه. يتعلق الأمر بالوفيات خارج المستشفيات أو على الأقل على أبوابها؛ وكذا ظاهرة انتشار الزواج بحجة انخفاض التكاليف في فترة ينصح فيها أصلا بالتباعد الاجتماعي. هنا يتبين أن قلب المعركة ليس المجهود الحكومي فحسب بل الوعي المجتمعي وضرورة انخراط مؤسسات المجتمع المدني والأفراد في هذه المعركة كي يبقي الوضع تحت السيطرة.