إن حصاد عشر سنوات عجاف متتابعات مرت علي بلادنا منذ حكم ولد عبد العزيز يجعل الوقت قد حان _ قبل مغادرته منصبه وكذا شهود عهده الذين مازال معظمهم علي قيد الحياة -ان نضع ميزان التاريخ لنقيم من خلاله الإنجازات و الإخفاقات التي رافقت تلك الحقبة التاريخية متخذين الحكم علي هذه الإنجازات او الإخفاقات بما تقضي به بيضة القبان الواقفة بين كفتي مزان التاريخ !
إن السيد الرئيس لما وصل الى الحكم بواسطة إنقلابين عسكريين الأول منهما ممهدا للثاني ، قد استبشرنا به خيرا يومئذ لثلاثة أسباب أولهما فساد نظام معاوية ولد الطايع و الثاني كونه رفع شعار مكافحة الفساد و الثالث مؤازرة الفقراء الذين تلقب بإسمهم كما قام بتجميد العلاقة مع إسرائيل رغم اننا كنا نطالب بقطع تلك العلاقة و الى الأبد، ثم انه قام في البداية بتخفيض بعض أسعار المواد الغذائية متخذا ذلك طعما اصطاد به معظم المواطنين لليقبلوا طرحه الذي برر به الاستلاء على السلطة بالقوة خرقا للدستور .
وهنا في إطار هذا التقويم أمامنا كفتين نضع في الأولي منهما ايجابيات حكم ولد عبد العزيز و الثانية الإخفاقات
الإنجازات : قام ببناء بعض الطرق ولكن للأسف ترهل معظمها و صارت اخاديد في عامها الأول مما تسبب في حوادث سير مؤلمة ، ثم بني بعض المباني الحكومية التي يقال عنها هي الآخري كان تمويلها جاهزا في ظل النظام المنقلب عليه ، ثم بنى مطارا واحداً ( يلحس قاربه) _كما قيل لصاحب الثور المشهور _ و له مدرجان فقط ، ولا زال مهجورا حتى الآن، علما انه تمت عملية بنائه بمقايضة كما يفعل ( التيفاية او التبتابة) ، و قدم مقابله اكثرية المطار القديم وبعض المدارس القديمة وكثيرا من القطع الأرضية الثمينة شمال و شرق مدينة انواكشوط بالإضافة الى عائدات من ( سنيم) و بعض المساعدات الخليجية .
و من الناحية الثقافية و الدينية احدث برنامجين احدهما إذاعي سماه إذاعة المحظرة ، و الثاني سماه تلفزة المحظرة ، و من الناحية السياسية قام بتغير العلم الوطني بإضافة شفتين عليه مصبوغتين بما يشبه احمر الشفاه ، ثم نشيدا وطنيا كان عبارة عن ندوة شعرية كل شاعر من الحاضرين شارك فيها ببيت من الشعر مما أفقدالنشيد وحدة الموضوع و رمزيته.
و أخيرا و ليس آخرا ختم إنجازاته بأعظمها وهو تغير اسم شارع جمال عبد الناصر لليسميه بشارع الوحدة تخليدا لتظاهرته ضد احد المعارضين وكان هذا الأمر الجلل تم إعلانه في تجمع اشبه مايكون ( بجوقة ) عبثية دعا لها الفضولين و و العاطلين و المخنثين و المنافقين و الكسلاء.
وهنا نطرح سؤالا مؤداه كيف ترنح سهم من كنانة السيد الرئيس لليصيب قلب شارع جمال عبد الناصر و يخطئ في نفس الوقت التصيب نحو خاصرة او ظهر أي من شارعي الجنرال ديگول او الرئيس كندي، فهل السبب كونهما ( برانيين ) أم ثئر
أيديُولوجي ام مذا !!
أما كفة الإخفاقات فنكتفي فيها ببعض الإخفاقات لكون المقال لايتسع لها كلها ففيها مثلا افلاس شركة ( سونيمكس ) التي كانت شريان الحياة بالنسبة للفقراء الذين تلقب بإسمهم ، ثم إفلاس مشروع السكر الذي كان سيقام في ( فم لكليتة) وكذا إفلاس شركة السكر في انواكشوط و شركة صيانة الطرق و شركة اسنيم التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني هاهي تقترب من الموت السريري .
و أيضا في سنوات الجفاف المتتابعة رصدت لها ميزانيات تقترب من مائة الف مليار لصالح المنمين و لكنها ذهبت الى الجيوب الخاصة و بالتالي تسبب ذلك بزيادة أسعار أعلاف الحيوانات ثم تعرض معظم المقاطعات في الداخل في عهده الي العطش مما تسبب في هجرة سكانها خصوصا مدينة ( كيفة) التي تعد ثاني مدينة في البلاد من حيث تعداد السكان ثم إنتشار الجريمة في معظم الولايات و خاصة مدينة انواكشوط ، وكذلك إنتشار ظاهرة الدعارة الفردية و الجماعية و ظهور الإلحاد و الشعوذة دون مواجهتهما بما يلزم ، و انتشرت البطالة بين الأطر و مختلف الفيئات الاجتماعية.
و نتيجة لهذه الإخفاقات و هزلية تلك الإنجازات اصبح السيد الرئيس لزاماً عليه أن يبحث جاهدا من أجل إيجاد أمر ما يشفع له و يبرر تاريخيا إنفاق عشر ميزانيات و ما أضيف اليها من مساعدات و ديون، لذا نجده يتصرف كمن يحاول إنقاذ نفسه من غرق وشيك تمثل ذلك في تغير إسم شارع جمال عبد الناصر ارتجاليا وكذا الطريقة التي اخرج بها تأكيده الأخير لعدم المأمورية الثالثة و ذلك بتقديم الخبر في التلفزة كنبأ وحيد مع تلعثم مقدمته و اضطرابها .
و أخيرا انصحك أيها السيد الرئيس بأن تعلم ان مافات من الإنجازات لا يسجد له البعدي وان الذي لم تستطع فعله خلال عشر سنوات و أنت في أوج السلطة لا تقدر عليه و أنت لم يبق أمامك من الوقت الا مدة أربعة اشهر تتخللها إنتخابات رئاسية مثيرة للجدل ، و الناس قدبدأوا يبحثون عن البديل المنتظر الذي سيخلفك ، ولم يبق أمامك اليوم لتعويض مافات الا ان تقوم بالإشراف علي انتخابات حرة و نزيهة تقدم مقاليد الحكم لمن يفوز فيها ، و تذهب مرفوع الرأس الى بيتك ، وليس من المناسب أوالمقبول بعد ذلك ان تحاول الالتفاف علي السلطة بالطريقة (المدفيدية ) او ( العبد لله گليه ) (او العبد العزيزية ) ، و حينئذ سوف يقدر لك الشعب ذلك العمل الرائع وكذا الرئيس الجديد الذي سوف نتمنى عليه أن يصدر عفواً شاملاً عنك وزملائك الذين إشتركوا معك في اكثر من انقلاب عسكري .