يتردد هذه الأيام على ألسنة الساسة والتربويين كلمة اصلاح منظومتنا التربوية واختلفت الاراء والمطلقات وتشعبت وذهب القائمون على الأمر إلى أن عملية الإصلاح تتلخص في ثلاث أمور 1الكتاب المدرسى 2التكوين المستمر3البنية التحتية ثلاث محددات اعتبروها كفيلة بالاصلاح المنشود ونحن وان كنا نتفاءل خيرا بكل سياسية تهدف إلى إصلاح التعليم يجب أن لا ننس أن وضعية التعليم الحالية تتطلب هدما وبناء من جديد لامجرد ترميم لأن منظومتنا الحالية هشة إلى درجة أنها لايمكن اعتمادها اساسا يبنى عليه فلابد من غربلة حقيقية وإرادة جادة لامجرد ورشات تنفق فيها أموال طائلة ولا تأتى بجديد ٠
كما أن أي إصلاح لابد أن يضع فى عين الاعتبار وضعية المدرس المادية المزرية فهو حجر الزاوية والعملية برمتها تقوم عليه فهو ربان السفينة لذا لابد من مراجعة للرواتب التى يتقاضاها المدرسون ومحاولة مواءمتها مع تكاليف الحياة فالسفينة تحتاج ربانا قادرا على السير بها إلى بر الأمان 'ولا يختلف اثنان في أن المدرس هو أساس العملية فكيف لمن لايجد مايسد به حاجياته الضرورية يصنع جيلا متعلما فلابد أن تراعي ظرفه المادى الصعب وإذا كنا ننشد الإصلاح ننطلق من 1وضع المدرس فى ظرف مادى يخوله القيام لمهامه دون اللجوء إلى وسيلة أخرى لتغطية كلفة الحياة
2الحد من الاكتظاظ داخل الفصول بحيث يصبح المدرس بامكانه القيام بعمله فى جو من السكينة 3تحديث المناهج وتوفير الكتاب المدرسي ووسائل الإيضاح 4اشراك المدرس الميدانى فى سياسية الإصلاح الذى تعتزم الحكومة القيام بها 5خلق بنية تحتية مدرسيه قادرة على أداء الدور المنوط بها ٠
ولندرك أن الإصلاحات المتكررة لن تستطيع أن تحقق شيئا مالم نجعل المدرس يتقاضى راتبا محترما فمادام المدرس داخل الفصل مشدوه البال يفكر فى وسيلة أخرى يعيش عليها فلن يتحقق الإصلاح لكن بمجرد أن يصبح راتب المدرس يكفى لمؤن الايجار وتكاليف الغذاء والدواء حينها يمكن أن يصنع المعجزة '٠
ليس بمراجعة المناهج والتكوين المستمر نتغلب على معوقات التعليم'فمن المعلوم أن العملية قائمة على أطراف كل يؤدي دورا وإذا اهملنا جزءا من هذه الأطراف جاءت العملية عرجاء على غرار عرج الاصلاح 'فالعملية تقوم على رساله ومرسل ومرسل إليه وفضاء حاضن لهذه العملية ولكي تتكلل العملية بالنجاح لابد أن يساير كل طرف الطرف الآخر أما لو قصر طرف أو كان معاقا لسبب ما فالعمل مشلول لامحالة فلو جهزنا الفصول باحدث وأرقى التجهيزات ولم تراعى المستوى المادي والمعنوي للمدرس فذاك كمن يقول (الجبل هاه الجبل هاه)
واذا عدنا قليلا الى الوري أيام استقلال البلاد فأغلب التلاميذ درسوا تحت الأشجار والكهوف والخيام وكانت مخرجات التعليم احسن بكثير من مخرجاته اليوم 'قد يقول أحدهم أن المدرس ايامها كان يتقاضى راتبا زهيدا لكن الاسعار ايامها فى متناوله 'اما اليوم فالاسعار فى ارتفاع مستمر دون أن يواكب ذلك ارتفاع فى الراتب على غرار الاسعار ٠
وليس المستوى المعنوى للمدرس بأقل شأنا عن المادى فيجب أن نعيد الاعتبار للمدرس وذلك من خلال البطاقة المهنية واعطائها القيمة اللائقة بالمدرس فكيف بمدرس يسهر على تكوين كوادر الدولة لايمكن أن يلج إلى حق من حقوقه فى دوائر الدولة إلا بوسيط دون أن تشفع له بطاقته المهنية ٩
هذه الخطوات السالفة الذكر إذا حرص القائمون على الشأن على تطبيقها فإنهم بذلك سيحققون الفرق بين حاضرنا التربوي مستقبلنا التربوى وانا على يقين أن قيادة البلد على بصيرة من ذلك فقد وعد بإصلاح التعليم وبالوقوف إلى جانب المدرس وتعهد بالرفع من وضعه المادى للعهد عند الرئيس معنى.
فأي أمة لن تستطيع أن تنهض الا بالعلم وسدنته
قم للمعلم وفيه التبجيلا**كاد المعلم ان يكون رسولا **
ويقول المثل** أن تعلمنى كيف اصطاد سمكة خير من أن تعطينى سمكة **
فبالتعلم تسمو الشعوب وترتقي إلى اعلى المراتب٠
وانت ايها المدرس لابد من التفانى في العمل ونبذ الكسل وتعى انك مسؤول و تتحمل مسؤولية جسيمة فعليك أن تتحل بروح الجد والمثابرة والضمير المهنى وتعلم انك محاسب عن تقصيرك ففى الاثر**رحم الله عبدا إذا صنع شيئا اتقنه **
وبتضافر جهود الجميع يحصل الإصلاح المفقود قال تعالى **وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون**
ولاتزال هذه الدولة بخير مادام فيها مصلحون وساسة ينشدون الإصلاح وهم أهل
للإصلاح وقادرون عليه ٠