تتجه مجموعة دول الساحل الخمس" G5 " إلى بناء ومراكمة المزيد من ثقة العالم والشركاء الدوليين ، وقد نجحت قمة نواكشوط المنعقدة تحت رئاسة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ، في كسر خوف العالم من جائحة كورونا التي أسقطت كل الأولويات وأجبرت العالم على التفرغ لواجهة آثار الجائحة المرعبة ، وليس حضور الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الاسباني وغيرهم من الضيوف الكبار الذين حضروا أو شاركوا عبر تقنية "visioconférence La" في أعمال القمة سوى دليل قوي وحاسم على الشعور المتنامي والإحساس القوي لدى العالم والقوى الفاعلة بضرورة الانخراط دون تردد أو خوف في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه منطقة الساحل منذ ما يربو على عقد من الزمن ، قبل أن تصل تأثيراتها السلبية وارتداداتها المدمرة للاستقرار والتنمية إلى باقي بلدان العالم ؛ لقد أنهكت وأرهقت هذه الوضعية المعقدة معظم بلدان المنطقة بسبب طول نفس الحرب المفتوحة مع الجماعات الإرهابية ، وتجار المخدرات والجريمة العابرة للحدود ، وحرب أخرى مفتوحة على المجهول لا تقل خطورة ، تتمثل في التأثيرات المناخية وهشاشة البنية الاقتصادية ما جعل دائرة الفقر والتخلف تتسع في صفوف شعوب المنطقة مما أنتج بيئة مناسبة وفرصة ذهبية للجماعات الإرهابية لتفريخ واكتتاب المزيد من المتطرفين والإرهابيين .
في الواقع تكاد بلادنا تكون البلد الوحيد في منطقة الساحل الذي يقف على قدميه بثبات بعد نجاح البلاد في وضع مقاربة وطنية لواجهة الإرهاب والتطرف العنيف ، ولا تعتمد هذه المقاربة البعد الأمني فقط ، بل مَعنيةٌ أكثر بالبعد التنموي والاقتصادي ، وكذلك البعد الفكري والتنظيري ، حيث تمت مواجهة منظري الإرهاب ومستبيحي دماء الناس باسم الدين بالحوار والإفحام ، ونستطيع القول إن المقاربة الموريتانية نجحت في بلورة رؤية متكاملة للحد من مخاطر الإرهاب والعوامل المرتبطة به ـ الفقر ، التخلف ،الهشاشة المجتمعية ـ ، والتي تجعل المجتمع دون وعي منه حاضنة للفكر المتطرف.
اليوم يحق أن نفخر ونباهي العالم بعد نجاح بلادنا في تنظيم قمة نواكشوط ، عالية المستوى، حضورا وتنظيما ، ومخرجات ، في وقت يحبس فيه العالم أنفاسه وتعزل البلدان نفسها مجبرة ومكرهة بسبب جائحة كورونا ، ورغم كل ذلك استطاعت القيادة الحكيمة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ، والعمل الدؤوب الذي قامت به حكومة معالي الوزير الأول أن تجعل من عاصمة بلادنا محطة لأنظار العالم والصحافة الدولية والإقليمية ، وفعلا شكلت مخرجات القمة فضاء جديدا للتحالف الدولي من أجل الساحل واستطاعت القمة وضع خارطة طريق واضحة المعالم ومحددة الأهداف ستعمل مجموعة الخمس في الساحل وشركاؤها الدوليون من أجل بلورتها على أرض الواقع سبيلا إلى القضاء النهائي والتام على كل عوامل الهشاشة والإرهاب.
إن الامتنان العظيم والشكر الكبير الذي عبر عنه حضور القمة لشخص فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني،ومن خلاله لجهود بلادنا في مواجهة المخاطر المحدقة بمنطقة الساحل والعالم بأسره لخير دليل على أن المقاربة الوطنية نضجت وبات العالم يقطف من يانعات رطبها ، ونعتقد أنه أصبح حريا بقادة رأينا وصحافتنا الوطنية أن تنخرط في حملة وطنية من أجل تثمين نتائج قمة نواكشوط وبسط ونشر مخرجاتها.