فور تسلم رئيس الجمهورية للسلطة ، قام بتشكيل حكومة على أسس متوازنة ، بعضها على أساس الكفاءات ، و بعضها على أساس الحاجة لمعرفة الملفات في القطاعات ، و بعضها على أساس تفكيك ما قد يسببه مسح الطاولة بالنظام السابق من محاولات لخلق احتقان سياسي أو صراع داخل هرم السلطة ، و قد كانت كل القرارات تتسم بالهدوء و الروية ، و لا يمكن أن تعتبر بأي حال من الأحوال أن الأمور سارت بصورة مثالية ، لكن التدخل لإصلاح الاختلالات كان بحدث بسرعة، و كانت الشفافية في التعاطي هي الإطار العام للنظام .
كرس رئيس الجمهورية مبدأ فصل السلطات و ترك البرلمان يمارس حقه الذي يكفله الدستور في متابعة عمل الحكومة ، و إنشاء لجنة للتحقيق في قضايا الفساد ، و لم تتعرض هذه اللجنة لضغوط في عملها ، و لا زال الموريتانيون يحبسون أنفاسهم في انتظار النتائج .
سيكون على السلطة القضائية التحقيق القضائي في التقرير الذي سيصلها و تقديم أحكام قضائية نافذة، و لا يتوقع أن يقف الرئيس في وجه القضاء، و قد كان تعامله مع الأفراد المتهمين و الخاضعين للتحقيق جد طبيعي ، إذ بقوا في مواقعهم ، و لا يتوقع اتخاذ إجراءات ضدهم حتى تتم إدانتهم.
أعطى رئيس الجمهورية منذ البداية الضوء الأخضر لمحكمة الحسابات بنشر بعض تقاريرها، و مكن الصحافة من أخذ المعلومات ، و تمت مراجعة قضايا كثيرة تم كشفها من طرف مدونين و صحافة استقصائية، قد ظهر وزراء في مواقف كثيرة لتبرير ما ينشر عن قطاعاتهم أو نفيه .
من أجل حماية كرامة الفرد تم تفعيل قانون يحارب تلفيق المعلومات و الأخبار الكاذبة و التشهير ، و أصبح بإمكان أي مواطن رفع قضايا ضد مسؤولين و مؤسسات و شخصيات عاديين ، و من أجل حماية ثوابت المجتمع الدينية و القيمية تم رفع قضايا ضد المساس بالثوابت الدينية و الإلحاد التطرف .
و قد شهدت الساحة السياسية الوطنية بروز قضايا جوهرية تمس المجتمع ، أبرزها قضية مخلفات العبودية، و قد تراوح مقدموها بين التطرف و الاعتدال ، و لكن الأمور ظلت هادئة و لم تحدث ردود فعل من قبل الاعتقال أو الاستجواب، رغم تجاوز الحدود القانونية في بعض الأحيان ، لكن بالمقابل ظهرت أصوات وطنية ذات عمق فكري قابلت التطرف بالواقعية و الطرح المتزن و الدعوة التماسك و الالتحام .
تم إنشاء "تآزر" كفكرة لمحاربة التهميش القضاء على الشرخ الاقتصادي ببن فئات المجتمع، و تم التوجه لسياسة تنموية لصالح الفئات الضعيفة، و تمت مناقشة سياسة تربوي سيبدأ العمل بها في السنة القادمة، و ظهرت نتائج إيجابية في قطاع الصحة و التجارة و الأمن.
ظهور جائحة الفيروس الذي اجتاح العالم اربك المشهد ، و قد كانت التعامل معه في البداية صارما و أعطى نتائج إيجابية ، لكن عقلية المواطن المتخلفة أثرت سلبا على الإجراءات و غيرت الوضعية، لكنها لا زالت تحت السيطرة ، و يتم تغييرها بطريقة مرضية ..
نشطت الدولة العميقة بصورة شرسة لتشويه الصورة ، و بث الشائعات و تقديم معلومات مغلوطة عن الرئيس و أعضاء الحكومة ، لكن الهدوء الروية و الاستعداد لإعطاء المعلومات الدقيقة كان هو الطابع السائد .
على المستوى السياسي سعى الرئيس إلى إشراك المعارضة و الشخصيات الوطنية في التشاورحول القضايا الوطنية ، و قد شهدت السنة لقاء العديد منهم ، مما طبع المعارضة بكثير من الهدوء و العقلانية ، و قضى على الصراع الملون بالأسود و الأبيض ببن طرفي النظام .
نجح الرئيس بالخروج بالحزب و البرلمان من دوامة العشرية بطريقة سلسة ، و قد غاب عن ذلك روح الانتقام و تصفية الحسابات، بل بطريقة جد مسؤولية و حركة داخلية جد قانونية .
خلال هذه السنة من الحكم استطاع السلطة أن تنمي في عقول المواطنين بعض الإحساس بمفهوم الدولة ، و الشعور بالمواطنة، و أن تشعر المسؤولين أنهم أمام مسؤوليات كبيرة و أنهم مراقبون من طرف السلطة التنفيذية و التشريعية و الصحافة و المواطنين ، و أحيت الكثير من الأمل في بناء البلد على أسس مدنية ، قد نحتاج بعض الوقت لنعيشها ، لكننا أصبحنا نأملها و نتطلع لها ..