هذه العبارة لا أهميّة لها ، "الفلان بصفة خاصة ليسوا أعداء لأحد"!
استخدم رئيس الفرنسي إمانويل ماكرون هذه العبارة في خطابه الذي ألقاها في نواكشوط خلال مشاركته في قمة دول الساحل الخمس وفرنسا المنعقدة بتاريخ ثلاثين حزيران يونيو 2020، جاء ذلك في سياق حديثه عن الوضع الأمني في منطقة الساحل. بعد هذه العبارة ظهرت سيول من التعليقات والتسجيلات في وسائل التواصل الاجتماعي، تحاول تفسير، لماذا ذكر الفلان بالاسم دون غيرهم، هل لأنهم وحدهم الإرهابيون في تلك المنطقة، أم أن هناك رسالة وصلت إليه بخصوص استهداف ممنهج للفلان في المنطقة و أنهم وراء تلك الرسالة كما يزعم البعض، أم ما ذا حدث بالضبط؟
كلنا يعرف أن رؤساء الدول لا يتحركون لوحدهم، ولا سيما رؤساء الدول الكبرى مثل فرنسا، فهم يتحركون مصحوبين بالجيوش من علماء الاجتماع والتاريخ والنفس إلى آخر ذلك، هذا فضلا عن رجال المخابرات و رجال الأمن و خبراء المنطقة في كافة المجالات. وبناء على هذا فأنا أرى أن ذكر سيد ماكرون الفلان بالاسم لا يخرج من هذه الأمور. إما:
أولا: أنه مدرك تماما لما يتعرض له الفلان في المنطقة من إبادة جماعية بدعم من جيشه بشكل مباشر كما هو في أفريقيا الوسطى، أو غير مباشر كما هو في مالي، ويتوقع منهم –عاجلا أم آجلا- ردة فعل محاولة منهم للدفاع عن أنفسهم و ممتلكاتهم، وإن حدث قد تصل الشرارة إلى جيشه ومصالحه لا محالة، وبما أن معه علماء النفس يعرفون نفسيات الفلان جيدا، وأنهم عاطفيون، يرشدونه إلى استخدام مثل هذه العبارات للضغط على مشاعرهم، وهي وحدها كفيلة لتشتيت أفكارهم وخططهم إلى حين.
ثانيا: أو أنه يريد أن يوصل رسالة ما إلى بعض زعماء دول الساحل الخمس، مفادها أن ليس لنا أعداء دائمين أو أصدقاء دائمين، وإنما لنا مصالح دائمة، كما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كوندوليزا رايس" ذات مرة لزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عليه رحمة الله، عندما زارت ليبيا بعد رفع حصار الأمريكي عن الجماهيريّة. علما بأن القمة انعقدت بالتزامن مع خروج الماليين في المظاهرات المطالبة باستقالة رئيس المالي إبرهيم بوبكر كيتا، ولو علمنا أن الذي يتزعم ذلك الحراك هو إمام ديكو، سنفهم رسالة ماكرون المفترضة. وبالتالي يمكن أن يكون الفرض الثاني صحيحا، بمعنى أ ن رئيس الفرنسي يريد أن يقول لهم نحن مستعدون أن نتعامل و نتعاون مع أي كان، ولو كان فلانيا متدينا، إذا رأيناه مناسبا ومستعدا لحماية مصالحنا، فلا شأن لنا بدينه أو عرقه أو أمور أخرى تخصه هو.
مهما يكن، فإن استخدامه لهذه العبارة أثار لغطا كبيرا غير مبرر بين المدونين الناطقين بالبولارية، بمن فيهم بعض القادة السياسيين، وخاصة في واتساب، مما يؤكد أنهم عاطفيون جدا، إن لم أقل سطحيون، يهتمون بأمور تافهة ويستهلكون فيها وقتا وطاقة، ويتركون أمورا جوهرية. إذ لا يُنتظر أن يقدم سيد ماكرون شيئا ذا قيمة للفلان، لسبب بسيط، هو أن الجمهورية الفرنسيّة هي المسئولة عن كل مآسي ومعاناة الفلان في القارة برمتها و في هذه المنطقة على وجه الخصوص.
برأيي الشخصي؛ هذه العبارة ليست ذات أهمية، و لا تستحق كل هذا الاهتمام و النقاش أو استهلاك كل هذا الوقت وهذه الطاقات، لو كانت صادرة من أحد رؤساء دول مجموعة الخمس في الساحل، لكانت أكثر قيمة و أمهيّة من صدورها من رئيس فرنسي!.
عبدولاي يريل صو