لقد رأيت فيما يرى النائم رؤيا مبشرة لأهل الحق الحمد لله لكن تعبيرها قد يتحقق بعد بضع سنوات إن شاء اللـه بيد أن اللافت في هذه الأيام مما له صلة بالرؤيا والتعبير ذاك التشابه والتفاوت من جهة وتلك الموافقات والمفارقا ت من جهة أخرى بين رؤيا عزيز مصر وحلم "عزيز" اليوم [ ترامب] بل ربما اعتبرت تلك المفارقات والموافقات من أفضل الأمثلة لطلاب "البلاغة " السياسية سواء تعلق الأمر بأحوال "المسند والمسند إليه من فن "المعاني" أو "الطباق والمقابلة" من فن "البديع" أو التشبيه "البليغ " الذي لا يتعرض فيه لذكر "الوجه" أو"الأداة" بل يقتصر فيه على ركني "المشبه والمشبه به" من الأركان "الأربعة" إن تعلق الأمر بفن "البيان
وبما إن "الرحم" المعرفية لا تتنكر لعوادي السنين ظلت "الصلة" "المعنوية" قائمة بين "جوهر" الفنون وإن اختلفت المصطلحات التي يسميها بعض دارسي "اللسانيات" بـ"الأوعية" فما يصطلح "النحاة" على تسميته "عمدة " في مقابل "الفضلة" هو تماما من الناحية المعنوية عين المسند والمسند إليه في فن المعاني الذي هو أحد الفنون الثلاثة المكونة لـ"مادة" "البلاغة" من لدن عصر"السكاكي" إلى الآن، كما أنه غير مختلف من الناحية المعنوية عن "الموضوع" و"المحمول" في القضايا الحملية أو "المقدم" و"التالي" في القضايا الشرطية في فن "المنطق"’ فالموافقات والمفارقات في رؤيا عزيز الأمس وحلم "عزيز" اليوم ـــ لولا خشية الإيحاء بالإغراء بما قد ينبت النفاق في القلب ــــ لشبهتها "عددا" بتاءات "ما يخرص" في الموسيقى الشعبية، غير أنى لا أقف من تلك المفارقات والموافقات إلا على النقاط التالية:
1 - فبينما عبر يوسف الصديق عليه السلام رؤيا الأول سعى يوسف العتيبة إلى تحقيق "حلم" الثاني المتمثل في جزء منه في جمع ما يمكن وما لا يمكن من محتويات "العناصر الأربعة"{الغاز، النار، التراب، الماء} ذلك الحلم الطامح بخيال قد يجمح دون ورع ــ لو أن لأصحابه من الأمر شيئا ــ إلى التفكير حتــــى في إعــادة إنتـاج "ابريمر" القطري وإن في قاعدة "العديد" أو ربما "ابريمر" أمريكي ــ ولو أن الحلم بشقيه مكتوم ــ ليتولى هذا "الابريمر" مراجعة "قواعد المنطقلوجيا" أو لوجيا المنطق السياسي "الإباحية" لتبديد أموال الشعب "القطري" على غرار ما "أنجز" للشعب العراقي الشقيق بالأمس ثم "تسويق" ذلك في "دوائر" القرار السياسي مع إيجاد "مفاتيح" بديلة عن "قاعدة" "تربيع الدائرة" أو "التصرف" في "قواعد" حساب "المثلثات" بما يزعج أبا الريحان البيروني أو يقلق "ابن الهيثم".
وقد لا يستغرق الوقت أكثر من أسبوعين لنجد كما من الفتاوى البلاطية تجمع على أن دائرة "أرخميدس" لم تكن إلا مثالا لا يحتذى به في الفكاكة والفجاجة والفهاهة من جهة وأن [آينشتاين] عندما أخطا في نظرية "الكم" لم يكن على صواب في "النسبية" وأن إلباس الحق بالباطل قد يكون "أحسن" من الباطل المحض من جهة أخرى صحيح أن تلميذا في المرحلة الثانوية قد يجد أمثلة كافية لما يسميه "الأصوليون" بـ"فساد الاعتبار" فعدد بقرات عزيز الأمس {14} فقط أما "عزيز" اليوم فهو راعي البقر وبالتالي يختلف "وضعه"’ كما أن السنوات العجاف في رؤيا الأول هي سبع أما عجاف الثاني ـ إن لم تتعثر ـ فثمانية شبه مؤكدة، بل ربما تمهد لسنوات أخرى بترشيح {كوش ـ نار} أو غيره.
على أن "التدرج" من "تنقيح المناط" إلى "تحقيق المناط" قد لا يتفق على أنه زيادة على "النص" وحتى وإن اتفق على ذلك، فالمتفق عليه الآخر هو أن "الأصوليين" لم يتفقوا على أن الزيادة على النص تعتبر "نسخا".
وبالانتقال إلى "مسالك العلة" يتأكد أن "العلة" من أصعب ما يتدارسه أهل "المعارف" فالعلة في الطب مثلا هي أكثر تعقيدا من مجرد الأمراض العادية المعروفة أسبابها وأعراضها، كما أن العلل عند أهل "المصطلح" قد لا يتجرأ للحديث عنها غير أضراب الدارقطني وابن معين، ولكم توقف "المناطقة" عند "العلل الأربع" عامة لا سيما "الفاعلية" و"الغائية" على أن ذلك لم يخفف العبء عن صيارفة الكوفة والبصرة الذين طالما أعيتهم حروف {واى}.
2 - أن إسعاد أهل "بئر السبع" وما حولها لم يكن متواريا في معطيات قصة الصديق عليه الصلاة والسلام، كما أن "إسعاد" أهل غزة بـ"دحلان" غير مستبعد في سعي "يوسف" لتحقيق حلم الثاني، وإن بوحي من "سيد" "يوسف" ولو ترتب على ذلك دفع فاتورة "الإعمار" من خمس شبيه السيوب [النفط] ــ أو من غيره ــ إن صحت رسالة وائل بن حجر: {فى التيعة شاة لا مقورة الألياط ولا ضناك وانطوا الثبجة وفى السيوب الخمس...} على أن ذلك إن تحقق ــ لا تحقق ــ لن يتجاوز بل لن يصل إلى "درجة" مساواة أحد فصول نظم الفردوسي "للشاهنامة" البالغ ستين ألف بيت، لكن ربما ذكرنا برواية "زرايب العبيد" الحديثة، مما يؤكد صدق أمير الشعراء وابن باديس وغيرهما في قوة العراقيل التي تحول دون الحصول على الحرية بعد أن فتش عنها الثاني ــ من ضمن ما فتش عنها فيه ــ في قصور الأغنياء وأكواخ الفقراء من جهة، وبعد أن أدرك الأول - تماما مثل إدراك "أحرار رابعة" أنها بكل يد مضرجة تدق من جهة أخرى.
3 - مفارقة بين عزيز ـ "حاكم" ـ صالح لشعب غالبيته ليست كذلك بل تعبد آلهة متعددة [مشركة] في مقابل حاكم ـ {ولي عهد متنفذ} ـ ليس بذاك المستوى لشعب يفترض أن يكون صالحا جديرا بساسة أكفاء كفاءة صاحب المختصر المالكي ـ [الدين والحال] ـ حتى لا نقع في "لحن" أكبر من ذاك الذي قومه المازني للخليفة بليل أو ذاك الذي قومه صاحب "الروزنامجة " ــ {الصاحب ابن عباد الطالقانى} ــ في مجلس أبي سعيد السيرافى للقارئ في كتاب "الجمهرة" وحتى لا يكون ثمة من "اللا تجانس" ما يستدعي من الذاكرة اعتراض ابن أبى ربيعة على قران سهيل والثريا:
أيها المنكح الثريا سهيلا ***
عمرك الله كيف يلتقيـــان
هي شامية إذا ما استقلت ***
وسهيل إذا استقل يمــــان
أو ما شابه ذلك مما غناه معبد من شعر الأحوص ــ وكم غنى معبد شعر الأحوص ــ:
[سلام الله يا مطر عليها ***
وليس عليك يا مطر السلام
فطلقها فلست لها بكفء ***
وإلا يعل مفرقـك الحسا م].
4 - لكن دعوة الأول إلى التوحيد وتسفيهه الأرباب المتفرقة والتشبث بالمبادئ والقيم في عزة نفس جلية من داخل سجنه وغربته و... مع حسن تسييره رغم وسائله البدائية {ترك المحصول الزائد في سنبله} لا يقابله إلا "عزة" "قوارنة" العرب و"تمسكهم" بل و"تمسيكهم" ـ لدرجة "التعصب" ـ وحسن تسيير 360 مليار دولار في 100 وهو {مبلغ زهيد} قد لا يكون كافيا لإنتاج عقول قادرة على صنع الأسلحة الذرية بـدل أن تشتريها بله ما دون ذلك خاصة إذا ما صدر من سلطة يربطها عقد أوثق من عقد [روسو Jacques Rousseau] الاجتماعي ـ الذي أعتبر بمثابة إنجيل الثورة الفرنسية ـ أو هكذا ينبغي أن يكون تقديرهم لذلك العقد على أقل تقدير.
لكن "قصة الحضارة لا يحسن سردها غير أمثال [وول ديورانت W. Durant ] أو [لاندو R. Landau] أو من يؤمنون بأن كل لحظة تعيشها تموتها وأن الضربة غير القاضية تزيد صلابة وأن الضرب إذا كان يكسر الزجاج فإنه يبلط الحديد.
ولئن فشلت مصالحة ابن رشد ومن بعده ابن تيمية بين "العقل والنقل" ولم تفلح وساطة الجرجاني بين المتنبي وخصومه فلنتطلع إلى رسالة غفران المعرى القطري عسى أن تجد في "أدباء" أحياء عوران قيس ما يشفع لهم في دخول "الجنة".
ومهما يكن عتبنا أو ملاحظاتنا على جزء من تصرفات بعض ساسة الدوحة فان كوامن قيم الإسلام وتركيبة "الخريطة الجينية "الوراثية" {Genetic Map} العربية في دمائنا وحوافز الشهامة والعزة تمنعنا من أن ننبس ببنت شفة عنها في مثل هذه الظروف، بل ربما سكبنا عليها ذنوب ندى عربية كذنوب شأ س الخالدة، هذا إذا لم يفلحوا ــ في مد جسور بين تركيا وإيران لتخفيف التوتر بين السنة والشيعة وتوجيه جهود الأمة المبددة لنصرة القضايا المصيرية وخاصة الأقصى ـــ {الأقصى الذي استطرد هنا بخصوصه إعادة ما طالبت به عبر قناة "الوطنية" من لزوم مطالبة الصادقين في الأمة جميعا لتركيا عسي أن تقبل استضافة "أسبوع الأقصى" ما بين الجمعتين الأخيرة والتي قبلها من شهر شوال من كل عام ــ على أن يكون مفتوحا أمام جميع المؤمنين الصادقين في ذكرى إغلاقه وتعطيل صلاة الجمعة فيه ــ حتى يصل المشاركون فيه إلى سبعة ملايين فساعتها لكل حادثة حديث} [انتهى الاستطراد] ـــ، أما إن نجح القطريون في مد تلك الجسور ولم يكن ذلك على حساب السعودية أو الإمارات ــ اللتين تبذلان جهدا في "مكافحة" "الإرهاب" عدو الإسلام ــ فساعتئذ يجدر بالقطريين أن يتمثلوا قول الأول: [ قطعت جهيزة قول كل خطيب] وحق لهم عندها أن يزينوا صفحات التاريخ بخط عريض منمق بحكاية شيخنا المرحوم {عدود}:
كم من خطيب أخى عي و طمطمة ***
فدم لدى القول معروف إذا انتسبا
من أهل بيت سما آباؤه نجــب ***
كانوا رؤوسا فأضحى بعدهم ذنبا
ووقتئذ ينالون تشريفا من المدونx ولد y x يكفر ذنب القطيعة الذي لم يرتكبه بل ربما توجهم اللسان الأصدق بتاج شرف الإنشاد مع المقنع الكندي على الأرجح:
فإن الذي بيني وبين بني أبي ***
وبين بني عمي لمخــــتلف جدا
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم ***
وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
[ولا أحمل الحقد القديم عليهم ***
وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
وريثما تتحقق الرؤيا المبشرة ــ بالمن على الذين استضعفوا في الأرض ــ بعد خمس سنوات ــ إن شاء الله تعلى ــ فكل عام وذو مجازكم سعيد.