ذكرني مقال نشر قبلي، حول يوم من أيام المدرسة الجمهورية، بموضوع ذي صلة.
يتمثل في تجربة مهنية، لابأس بذكرها، في هذا الصدد.
ذلك أني قضيت فترة معتبرة، في مدرسة كانت، وإلى حد قريب، من أبرز مدارس الوطن، وكان لفترة مروري بها، بالغ الأثر على مستقبلي المهني، بل وزادتني ثراء ومثلت بحق المدرسة الجمهورية الموعودة، والتي لو سارت بقية المؤسسات التعليمية على نهجها، لقفز الوطن أشواطا على طريق التنمية والنماء، نظرا لما امتازت به هذه المدرسة من صفات نجملها فيما يلي:
- حضور كل طاقمها التدريسي يوميا، وعلى الأقل بخمس دقائق قبل الثامنة.
- رفع التلاميذ للعلم يوميا وقبل الدخول، على أنغام النشيد الوطني.
- دخول التلاميذ إلى الفصل في صفوف، بعد تحية العلم.
- التحضير اليومي للدروس والمؤشر من طرف المدير.
- استراحة العاشرة مدة ربع ساعة، يراقب فيها التلاميذ من طرف مدرسين، بإشراف مباشر من المدير.
- خروج التلاميذ من القسم وساحة المدرسة بعد النزول، في صفوف، بدءا، بالسنة الأولى.
.- دفاتر تمارين لكل قسم، موجودة ومرتبة بخزانة مكتب المعلم أو المدير، تستغل في وقتها ولكل من الأولاد والبنات لون خاص من الأغلفة.
- وجود كل الوثائق والمعلقات لدى الطاقم التربوي؛ المدير والمدرسين.
- دروس تجريبية أسبوعية.
- استقبال التلاميذ المعلمين، اكتشافا ومشاهدة وتطبيقا.
- وجود مختلف المكونات الوطنية بالمدرسة.
- وجود مكتبة نموذجية بالمدرسة.
-وجود حديقة مدرسية.
- حارس مدرسة منضبط ومسؤول.
- كل هذا، وغيره كثير؛ بإشراف مباشر من مدير مزدوج حازم يقظ، صار مفتشا نهاية هذه الفترة. يعينه في كل ذلك مدرسون أكفاء - باستثناء كاتب السطور- صاروا هم كذلك، من كبار رجالات التربية لاحقا.
أتدرون ما هي هذه المدرسة؟
إنها المدرسة رقم7(مدرسة تطبيق) بالعاصمة، المدرسة التي تم بيعها أخيرا، هي وبقية أخواتها، وتحويلها إلى سوق كبير، أكثر ما يحيط بها، دكاكين بيع الشاي، بأنواعه. لتصبح أثرا بعد عين.
ونظرا للموقع الاستراتيجي، لهذه المؤسسة، فكثيرا ما أمر بمكانها من حين لآخر، وكلما مررت استذكرت، أبيات الشاعر"عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي":
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
أنيـس ولــم يــســمر بـمـكـة سـامــر
فــقلــت لهــا والقـــلب مـنـي كأنــما
يلجــلجـه بيـن الجــناحيــن طــائــر
بــلى نــحــن كــنــا أهــلــها فـأبــادنا
صــروف اللــيالي والجـدود العواثر.