السيد الرئيس.. لم يبقى إلا أن تواجهوا الأمور بقوة! / التراد سيدي

السيد الرئيس إن الجميع يعلم أنكم استلمتم البلد بالحالة التي نرى وبالسلوك وأساليب الحكم والتسيير المعروف بسوئه والفوضى المستشرية والترهل في الإدارة ومختلف المؤسسات فلم تكونوا أنتم الذين أوجدتم هذا الوضع أوشاركتم في وجوده ولا أحسب أن سلفكم الذي لاشك في أنه استخدم هذا الوضع واستغله لتحقيق بعض المآرب لكنه لم يكن هو الذي تسبب في كل هذا الذي يسود مما لا يمكن قبوله ولا استمراره.

إن حكم النظام الأول الذي عرفته موريتانيا اتسم بقدر غير قليل من النظافة وحسن التسيير رغم نقص التجربة وضعف الوعي لقد كان مفتشو المالية في عهد المغفور له المختار بن داداه يثيرون الفزع و الرعب الشديد في المسيرين وكانت مبالغ بسيطة من العملة تبعث زعماء كبارا للسجون وقد انتحر البعض في ذلك العهد عند العلم بقدوم المفتشين.

ولقد كنا رغم التسيير الجيد لمسؤولي النظام نتهمهم بالزبونية وبسيطرة المترجمين وأبناؤهم وأبناء الإقطاع وننعتهم بمختلف الأوصاف لكنهم كانوا مع ذلك أفضل مما رأينا بعد ذلك عند من خلفوهم لقد حاول ولد هيدالة رغم سذاجة سياساته مراقبة التسيير وقام بزيارات تفتيشية وأعطى تعليمات لكن أعماله كلها اتسمت بالسطحية وضعف التأثير و لقد اتسعت أساليب النهب وأنواع الإختلاس في عهد ولد الطايع الذي لم يشتهر بالتملك شخصيا رغم تسهيله لأعوانه التملك وأنواع الفساد وأثناء نظام اعل ولد. محمد فال انتعش الاهتمام بضبط وربط المؤسسات والإدارات بنظام أقرب للحداثة رغم قصر مدة النظام وكان نظام سيدي بن الشيخ عبدالله واعدا بتوجه إداري تسييري معقول ورغم تدخل بعض أهل القصر في أمور الإدارة أحيانا فلقد اتسم بالمعقولية ولقد دشن محمد بن عبدالعزيز نظامه بدعوة واضحة وصريحة لمكافحة الفساد وزاد من مصداقية الدعوة زيارة أحياء البؤس في انواكشوط وفتح مخازن مفوضية الأمن الغذائي الأمر الذي أقنع كثيرين بتميزه وإخلاصه في خدمة الفقراء ومن بين من اقتنع بصدق ولدعبد العزيز مثقفون ومفكرون لايمكن خداعهم بسهولة لقد أقنع محمد المفكر محمد يحظيه بن ابريد الليل والكاتب اللامع والسياسي المخضرم ولد إشدو لقد سخر الإثنان قلميهما للإشادة بتميز ولد عبدالعزيز وإذا كان ولد ابريد الليل أدرك حقائق الرجل وعمله المستميت لجمع المال وبكل الصيغ فإن الرجل المتميز ولد إشدو استمر مع الكثيرين يرون في محمد نموذج الرئيس المتميز.

لقد بلغ ولد عبدالعزيز في جمع المال واستخدام النفوذ لكل المحيطين والمتعاونين في هذه السياسة الساعية للاستيلاء على كل شيء وتملك كل شيء.

ضمن هذه الظروف تطور الفساد إلى مديات غير مسبوقة وصار كل شيء ممكن لافضيحة تفضح ولا قبح في تسيير يفلس المؤسسات ويصفي المشاريع ويحول المال من تمويل مشاريع إلى أملاك خصوصية

في تاريخنا القريب انعدمت المقاييس وتفنن المفسدون في فسادهم والمتهاونين في تهاونهم وأصبحت مئات الملايين تفقد هنا أو هناك حالة يومية وأسبوعية وشهرية وصار المطلوب من المختلس الذي تكتشف سرقته إرجاع ما اختلس ولا ضير عليه ويتم تدويره وترقيته في أحايين كثيرة

هذا الوضع هو الذي جعل الفساد يصل للمؤسسة الأهم والأكثر تحصينا وحماية البنك المركزي إن الوصول للبنك المركزي يوضح أن لاخطوط حمراء في وجه الفساد والتلاعب الأمر الذي يفرض موقفا واضحا وحاسما ضد الفساد ضد الترهل ضد اللامبالاة.

إن هذه العملية الأخيرة أوضحت لكم السيد الرئيس نهاية التساهل مع الفساد والتهاون والتلاعب إن اختيار المسؤولين يشكل الخطوة الأولى في الطريق الصحيح و وضع نظم وبرامج و قوانين جزائية هو الخطوة الثانية.

إن ما يسود من سلوك ومن فوضى وترهل في إدارتنا ومؤسساتنا و مايسود من فساد مستشري مترسخ بفعل عشرات السنوات من حكم الذين لا يولون اهتماما لغير الحكم والسلطة واستمرار الحكم والسلطة إن محاربة الفساد لم يكن ممكنا مع الزبونية

والاعتماد على المصفقين المتملقين المحيطين بأهل الحكم إحاطة السوار بالمعصم لقد استلمتم سيدي الرئييس حالة تعتبر النزاهة سذاجة و الاستقامة ضعفا

والإخلاص طُباوية والتواضع ضعفا هذه قيم المجتمع الذي قررتم أن تقودوا سفينته لبر الأمان أذا تابعتم ما كان يجري فهو هذا الذي ترون فلن تستطيعوا بلوغ بر الأمان بسفينة وطننا بالأسلوب والسلوك ونمط العيش السائد وإنما لابد من موقف حاسم قاطع ينهي المهزلة ويدشن عهدا جديدا بسلوك جديد ونهج جديد.

لم يبقى ممكنا التلاعب بمصالح الوطن واعتبار كل شيء ممكنا بلا رادع الكل يتصرف بالمال العام تصرف السفيه بماله والكل متهاون بواجباته فهذا أخذ مئة مليون و ذاك أخذ أكثر أو أقل بلا حياء وهذا تغير حاله وحال أهله في سنوات قليلة وذاك صار زعيما لقبيلته والمتحدث باسمها لأنه كان وزيرا أو مديرا استولى على مايصلح به حاله فكل من مر بوظيفة معتبرة جعلها وسيلته لإصابة الفقر بالضربة القاضية.

هذا ماننتظره منكم السيد الرئيس واجهوه بقوة ونحن معكم والجماهير الغفيرة معكم الفقراء والمهمشون وذو الإحتياجات الخاصة معكم كل من ينتظر خيرا من الدولة معكم لأن الفساد يمنع وصول خدمات الدولة لمستحقيها و وضع الأمور في مكانها لذا نحن نعلق كل آمالنا على رؤية لكم جديدة وسياسة جديدة تأتي بنتائج مفيدة الوطن يستحقها وينتظرها....

 

9. يوليو 2020 - 22:43

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا