كنت كتبت مقالا، تحت عنوان: "غزواني، وتباشير الغد المنتظر"، وها أنا اليوم بعد أن خرجنا من الحجر، أعيد الكرة، مؤكدا ما كتبته من قبل، واضعا بالعشرة بصمتي على حروفي، وهي ممهورة باسمي.
لقد اختبرت الأيام رباطة جأش النظام الجديد، وقدرته على التحمل، وممارسة مهامه، بكل إخلاص وأمانة، وتفان في خدمة الأمة، بعزيمة وإصرار، فكانت المطبات والمتاريس بحجم الكوارث، المصطنعة، والطبيعية، إذ وجد رئيسنا وحكومته أمامهم وضعا كارثيا، فالإيرادات العامة شبه منعدمة، بسبب الفساد، الذي مورس كجريمة منظمة، استهدفت الذمة المالية للأمة، فلم تبق لها، لا دانقا، ولا خردلة، لتترك أمتنا المجيدة تائهة في الصحراء على وجهها، هائمة بين السفوح والأودية، بلا ماء ولا مرعى، في جو مجدب مقفر، بعد أن اقتلع الفساد مصادرها من جذورها، فلتهم إيراداتها العامة، قروضها، وضرائبها، ورسومها، وغراماتها، وحوتها، وحديدها، ومساعداتها، ودومينها العام .....
ولم نكد نصعق بأخبار الخزائن الخاوية، حتى عبر كوفيد إلينا، ودخل دون استئذان، واضعا في طريقنا عقبة كأداء، تحتاج من الأمة أن تستنهض الهمم، وتقف بشموخها وكبريائها، لمجابهة العاصفة، دون أن تنكسر، أو تضعف عزيمتها، وهو ما كان بفضل الله ومنته، وتوفيقه لرئيسنا، ووزيره الأول، وحكومته، وقيادات الجيش.
وإذ وصلنا اليوم لمرحلة التعايش مع الفيروس، على غرار باقي دول العالم، نظرا للحاجة الملحة لممارسة الأنشطة الطبيعية، التي لا غنى للآدمي عنها، فإن التحديات ما تزال قائمة، وإن كانت الصورة ليست بالقتامة الأولى، فأمتنا المجيدة تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تحقيق النصر على خلايا الفساد، ومافيا الجريمة المنظمة، والفقر والجوع والمرض، ووباء كوفيد.
المؤشرات تدعونا لنتباشر، وقراءتي الشخصية الذاتية لها، تمنحني الفأل، وطمأنينة مريحة، يتهمني البعض أني مبالغ فيها، لكنني لا أرى ذلك، واحترام اختلاف الآراء مسألة ديموقراطية مهمة، وأساسية في تكوين العقل الجمعي، وتقدم، وازدهار الأمم.
إن المؤشرات التي أقصدها على كل حال، ليست صورية، ولا نظرية محضة، بحيث تجعل تفكيري من الناحية العملية لمعان سراب بقيعة، فعلى العكس من ذلك، إنما أقصده مجموعة من العلامات العملية، تمنحنا الأمان والسلم في الوقت الحالي، وتفتح الباب على مصراعيه لنأمل خيرا كثيرا، يتحقق بمسار الأيام، الممتلئة عملا ونشاطا وتخطيطا، ومن ملامح ما أقصده، هذه المؤشرات التالية، أدناه:
وقوف النظام مع الشرائح الضعيفة، إبان قوة المعركة في مواجهة كوفيد، حيث قسم المال، وأطعم الطعام، وقام بالتحسيس ضد المرض.
الضرب بيد من حديد على كل المتطاولين على الدولة باسم القبيلة، والميثولوجيا، والأسطورة، والبعد الأثنولوجي البغيض.
المضي قدما في سبيل مكافحة الإفلات من العقاب، بوجود تحقيق برلماني، يلبي مطالب شعبية، نعتقد أنها ستنتهي بتوقيع العقاب على ممارسي الفساد، بعد –طبعا- تفعيل السبل القانونية الإجرائية والموضوعية، المؤدية لمساءلة الفاعل الأصلي، لجرائم العشرية، والمساهمين والمشاركين، والفاعلين المعنويين، والمجرمين عبر الغير، وبالتفويض.
مقارعة الجريمة الجديدة، التي تستهدف الإدارة، وإرباك الإصلاح، بثبات الشكيمة، وإعادة الاعتبار للحرس الوطني، بالتزامن مع التحقيق المستنير في القضايا المطروحة، مما يشكل ضمانا لحيوية وديناميكية عمل الإدارة، وينبئ عن قرب مساءلة الفاعلين، وكسر شوكتهم، حفاظا على سمعة البلاد، ومصالح العباد.
للأسباب السابقة، يظل الأمل قائما، إلى أن يكون واقعا ... ان شاء الله.