لو طلب مني رأي حول إصلاح التعليم الأساسي ، لكان أول ما يخطر ببالي نوعان من ألإجراءات: إجراءات استعجالية ينبغي البدء في إنجازها و إكمالها في فترة قصيرة و إجراءات يحتاج تنفيذها إلى فترة أطول :
أولا : الإجراءات الاستعجالية
ينبغي البدء بتنفيذ الإجراءات التالية في أسرع وقت ممكن و إكمال إنجازها في ظرف لا يتعدى سنتين و ترسيخ الممارسات الإيجابية التي تحملها. و ستمكن هذه الإجراءات من تحضير الأرضية المناسبة التي بدونها من الصعب تطبيق أي إصلاح على أرض الواقع :
تشكيل خلية على المستوى المركزي، تعمل مع كافة الإدارات، بما فيها إدارة التخطيط و ألتعاون، تكلف بالاستشراف و تقويم أداء القطاع و تقديم الرأي حول سيره. و ينبغي أن تضم بعض الأطر التربويين و الفنيين من الوزارة و أشخاص مصادر من مختلف التخصصات ذات الصلة بمهامها. تعد هذه الخلية كل ستة أشهر تقريرا حول وضعية القطاع توجهه إلى الوزير الوصي.
تفعيل الخريطة المدرسية و تجميع المدارس الموجودة في حيز جغرافي واحد ( 3 كلم أو أقل). و سيمكن هذا التجميع من ترشيد استخدام المدرسين و ضمان الاستمرارية التربوية و تحسين الأداء بفعل وجود مجموعة من المعلمين في مكان واحد يتقاسمون معلوماتهم ويتبادلون تجاربهم المهنية.
إعداد و استخدام جذاذة مواصفات كل بنية من هيكلة القطاع Fiche de poste تحدد ، بالإضافة إلى مهامها ، العدد الذي تحتاجه من الموظفين و العمال و علاقتها بالبنيات الأخرى و مواصفات الموظفين و المسؤولين و تحديد علاقات العمل ، وذلك لتفادي تداخل المهام و لترشيد المصادر البشرية و اختيار الكفاءات المناسبة في الوظيفة المناسبة لسد الباب أمام التحويلات و التعيينات الفوضوية.
تحديد عدد المدرسين الذين تحتاجهم المدارس حسب البنية التربوية و انتقاء مديري المدارس على أساس معايير موضوعية.
تحويل المعلمين إلى المدارس حسب الحاجة التي تمليها البنية التربوية و عدم تفريغهم أو تحويلهم إلى المفتشيات و الإدارات دون حاجة مهنية ملحة.
توزيع المفتشين بين المقاطعات و الدوائر توزيعا معلقنا يراعي الحاجة في الكم و الإنصاف في الكيف و تفعيل المتابعة عن قرب و رد الاعتبار لتقارير التفتيش و تزويد المفتشين بالوسائل الضرورية التي تمكنهم من أداء مهامهم
تفعيل مصلحة الإنعاش التربوي على المستويين المركزي و الجهوي و ذلك لإنعاش الساحة التربوية بأنشطة موازية للدراسة تساعد في الرفع من مستوى أداء المدرسين و من تحسين مستوى تحصيل التلاميذ.
إعداد دفتر التزامات لكل من المعلم و مدير المدرسة والمستشار التربوي و مفتش الدائرة و مفتش المقاطعة و المدير الجهوي و وضع آلية لمتابعتهم على أن يتم تكوينهم على التسيير وفق النتائج La Gestion Axée sur les Résultats (La GAR)
إلزام المسؤول الأول عن كل حلقة من حلقات الإدارة التربوية ( مدير المدرسة و مفتش الدائرة و مفتش المقاطعة و المدير الجهوي للتعليم الأساسي ) بإعداد تقارير فصلية و إحالتها إلى مسؤوله المباشر، على أن تركز هذه التقارير على المعطيات المتعلقة بالبنية التربوية و أعداد التلاميذ و البنى التحتية و مستوى التحصيل و المعوقات و الحلول التي تم اعتمادها لمواجهتها و أهم المشاكل التي ما زالت قائمة. و سيمكن استغلال حصيلة هذه التقارير المستوى المركزي من إعداد تقرير سنوي يوزع على جميع الشركاء و من تصور خطط عمل سنوية و استراتيجيات للمستقبل .
رفع مستوى التحفيز بالنسبة للمعلمين و مديري المدارس و المستشارين التربويين و المفتشين و زيادة منح التلاميذ المعلمين.
اكتتاب ما يفي بحاجة مدارس تكوين المعلمين من المكونين طبقا للمواصفات المحددة في مرجع كفاءاتهم و إخضاعهم لتكوين أولي متخصص في المدرسة العليا للتعليم، يهيئهم لمزاولة مهامهم.
التطبيق الصارم لمبدإ المكافأة و العقوبة و محاربة التغيب و التسيب .
وضع خطة لخصخصة الكتاب المدرسي و ذلك لضمان جودته عن طريق فتح تأليفه أمام المنافسة.
ثانيا : الإجراءات التي يكتمل إنجازها خلال أربع سنوات
يتم البدء في إنجاز هذه الإجراءات بالتوازي مع الإجراءات السابقة:
تنظيم تقويم للمدارس الأساسية العمومية و الخصوصية يتناول جميع جوانب التحصيل بمكوناته المختلفة و العوامل المؤثرة فيه. و يهدف هذا التقويم إلى اكتشاف مميزات المدرسة الأساسية الوطنية الراهنة و تحديد نقاط قوتها و نقاط ضعفها و العوامل المسببة لبعض الاختلالات الإدارية و التربوية الملاحظة. و سيساهم تحليل نتائج هذا التقويم في توضيح الرؤية حول ما ينبغي أن يكون عليه أي إصلاح مستقبلي.
تشكيل لجنة من الخبراء التربويين و الفنيين يعهد إليها باقتراح تصور لإصلاح تربوي يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية و الحضارية للبلد و ضرورة الانفتاح على العالم و حاجات التنمية و ألإمكانيات المتاحة، على أن يتم عرض هذا التصور على مختلف الفاعلين خلال أيام تشاورية، و ذلك لإثرائه و اقتراح اعتماده.
بعد المصادقة على قانون الإصلاح ، يبدأ العمل في إعداد البرامج و الكتب و إخضاعها للتجريب .
إعادة هيكلة مدارس تكوين المعلمين حتى تستجيب لمتطلبات الإصلاح، على أن يتم في هذا الصدد:
تقليص مدة التكوين إلى سنتين
إعداد مخطط تكويني يركز على التمهين و يتم تناول الجانب الأكاديمي فقط من خلاله .
تدعيم قدرات مدارس التطبيق
زيادة مستوى تحفيز المكونين و معلمي التطبيق
توفير إطار للتشاور بين مدارس تكوين المعلمين و ذلك لتوحيد ما أمكن من أساليب التكوين مع مراعاة خصوصية كل مدرسة.
إنشاء خلية للبحث التربوي و إنتاج مراجع و أدوات التكوين في مدارس تكوين المعلمين.
ولا شك أن الوضعية التي يعيشها اليوم نظامنا التعليمي و الإجراءات التي يتطلبها إصلاحه تحتاج، بالإضافة إلى الإرادة السياسية القوية التي أعلنت عنها السلطات العليا للبلد ، تكاتف جهود إدارات مركزية و جهوية تتسم بالجدية و الفعالية، لها قناعة راسخة بضرورة إصلاح القطاع و بأهمية التشاور و التنسيق و مدرسين و طواقم تأطير مخلصين لمهنتهم واعين لأهمية دورهم في هذا ألإصلاح . و سيشكل دعم السلطات الجهوية و المحلية و المنتخبين و التعاطي الإيجابي من طرف الآباء مع كل إجراءات الإصلاح الرافعة الصلبة التي ستمكن القائمين على نظامنا التربوي من تطويره و تحسين أدائه سبيلا إلى الولوج بوطننا الحبيب إلى مصاف الدول المتقدمة.
وفق الله الجميع و حفظ موريتانيا