اوشكت المهلة الممنوحة للجنة التحقيق البرلمانية، في بعض ملفات فساد العشرية السوداء، على نهايتها؛ في انتظار إكتمال تقريرها وعرضه على الجمعية الوطنية؛ ومن ثم الإيعاز إلى النيابة وشرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية، للتحرك واتخاذ ما يلزم، بشان المفسدين المحتملين؛
بالتزامن مع ذلك، علقت الحكومة حالة الطوارئ التي محضت عملها، أشهرا تباعا، للتدابير المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا، والتصدي لتداعيات حالة الإغلاق التي فرضتها الإجرا ءات الاحترازية؛ لتلتفت الحكومة، بعد، إلى ما ينتظرها من مهام جسام؛
ولا يخطئ السمع والبصر والفؤاد، مبررات هذا التوجه نحو المهام الاصلية للسلطات، والالتفات إلى استحقاق المأمورية الرئاسية؛ وعلى رأس تلك المبررات الصارخة، تسارع عقارب ساعة السنة الأولى من مأمورية الرئيس الغزواني، نحو التعامد عند "الصفر"؛
مع الانشغالات الطارئة الضاغطة، كانت نشوة الجماهير قد تراخت، وغاب حماسها العارم المعبر عنه، للانخراط في برامج وورش التعهدات والوعود والالنزامات التي بشر بها رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني، يوم تقلد مسؤولياته الجسام؛
لكن الجماهير، ورغم انشغال الرئيس وفريقه بالوباء وتداعياته ومقتضياته، ظلت في وضع الاستعداد، ترقب اللحظة التي تقرع فيها الحكومة جرس الانطلاق من جديد، نحو الاهداف الوطنية الكبرى، بعد التخفف من الشواغل الطارئة؛
الهم الوطني الاكبر، وهدف اللحظة المهيمن، وغاية الغايات، اليوم، رسميا وشعبيا، هو إحراز النصر المبين، وبأقل الخسائر، في معاركنا الشرسة، القائمة والمرتقبة، ضد غيلان الفساد، وحيتانه وثعابينه، التي ابتلعت كل مقدرات البلاد وثرواتها في البر والبحر؛
لو اكتفت تلك المفترسات بابتلاع الثروة المادية للدولة والمجتمع، لهان الامر، لكنها ولغت في الأعراض وداست المقدسات والقيم،، وعبثت بالدستور والقانون، ودمرت النظم التعليمية والقضائية والإدارية، وأهانت الوطن في رجاله وبناته وحماته، وتنكرت لماضيه، واستهزأت بحاضره، وفرطت في مستقبله.
إن حملة تطهير وتنظيف حقيقية، عاجلة، وشاملة، للحياة الوطنية، في كل أبعادها، باتت اليوم، اكثر من متعينة، خاصة بعد أن استنقذ أهل الوطن الطن، من فم التمساح، ووضعوه، بإرادتهم، الحرة، في أيد أمينة؛
والمطلوب، في حده الادنى، هو حملة جرف تقتلع جبال الفساد وتلاله المتراكمة التي أزكمت الانوف، على مر العقود؛ على أن توازيها حملة كنس لقمامات الفساد المبعثرة المتناثرة، ليس من الدوائر والسوح والشوارع والميادين، فحسب؛ بل ومن النفوس والضمائر أيضا؛