المأمورية الجديدة لرئيس جامعة انواكشوط العصرية ورهانات متابعة الإصلاح / د.محمد الراظي بن صدفن

يلعب التعليم العالي والبحث العلمي دورًا بارزًا في مجال التنمية الشاملة للمجتمع ، وذلك نظرًا للإسهامات الكبيرة التي قام بها في تغيير واقع العديد من الشعوب نحو الأفضل. وفي هذا السياق، فقد بات من المعروف أن حركة التطور المجتمعي مقرونة بالحركة العلمية فيها . لذلك فإن الجامعة تعتبر منبرًا للعلم والمعرفة والفكر ، وهي في الوقت ذاته تشكل الأساس الذي من خلاله يتم بناء نهضة المجتمع وتطوره حاضرًا ومستقبلًا.

وتأتي المأمورية الجديدة لرئيس جامعة انواكشوط العصرية بعد مضي خمس سنوات من إطلاق الوزارة الوصية علي قطاع التعليم العالي والبحث العلمي لحزمة من الإصلاحات الهيكلية المهمة شملت مجالات متعددة مثل الإطار المؤسسي والقانوني، والعرض التكويني ومساراته، والحوكمة والقيادة، والمراقبة والتقييم، والبحث العلمي وضمان الجودة، والشراكة مع المحيط الإقتصادي والإجتماعي، والحياة الجامعية، والتكنولوجيا الرقمية، والتعاون الدولي، والتفاعل الثقافي والتبادل الطلابي،...وغير ذلك من الإجراءات الضرورية للنهوض بالتعليم الجامعي بصفة عامة .

ومن أجل مواصلة هذه الإصلاحات وتصحيح النواقص الملحوظة خلال المأمورية السابقة، فإن رئيس الجامعة الجديد مطالب بالتركيز علي مايلي:

- متابعة عملية تأسيس ضمان الجودة ونظام الإعتماد علي مستوي مختلف الكليات والمعاهد التابعة للجامعة. ونقترح في هذا المجال، إنشاء مصالح أو بنيات مكلفة بهذه المهمة علي مستوي المؤسسات، تعمل علي تطوير الهندسة البيداغوجية ومقرونية الشهادات وتعديل عروض التكوين عند الحاجة ،

- رسم خطط تنفيذية لغرض تنمية مهارات الموظفين الأكاديميين من خلال تعميم التكوين المستمر وتحسين الخبرات،

- تحسين مستوي تدريبات القيادات الإدارية بالجامعة،

- ترقية البحث العلمي من خلال زيادة الإنفاق عليه وإيجاد مزيد من التنسيق بين مكونات مدارس الدكتوراه ومختبرات البحث علي مستوي الكليات وهو مايمكن من خلق مدرسة فكرية ذات تقاليد علمية يمكن للبحث العلمي أن يستند عليها في معالجته لمشاكل البلاد ،

-القيام بالتنسيق اللازم مع الوكالة الوطنية لترقية البحث العلمي بغية تحديد برنامج أولويات من أجل إنطلاقة حقيقية لتوجيه البحث العلمي الجامعي في خدمة التنمية الإقتصادية و الإجتماعية للبلد،

- تبني سياسة الإقتصاد المعرفي من خلال تفعيل دور الكليات والمعاهد في نشر ثقافة المعرفة في المجتمع عبر تطوير النشر ( الأطاريح، المجلات الدوريات والبحوث المتخصصة...الخ)،

- تعزيز الشراكة بين الجامعة ومختلف القوي الفاعلة في المحيط الإقتصادي والإجتماعي مثل: ( الإتحادية العامةلأرباب العمل الموريتانيين،الغرفة الصناعية والتجارية ، الغرفة الزراعية، المؤسسات الصناعية الكبري في البلد وسائر الهيئات والشركات الخدمية المشغلة...)،

- تطوير التكوين المهني بواسطة زيادة الشعب المهنية وإنشاء قاعدة بيانات حول الكفاءات المهنية في القطاع الخاص التي يمكن أن تتدخل في إطار تكوينات طلاب هذه الشعب وإيجاد الشراكات اللازمة لدعم تربصات التكوين  بالنسبة للطلاب،

- تثمين شهادات الماستر والدكتوراه علي مستوي سوق التشغيل وذلك بالتركيز علي الكيف وليس الكم وعدم التساهل مع اعتماد قبول الطلبة في سلك الدراسات العليا إلا علي أساس التميز،

- إعتماد سياسة جديدة لمتابعة دمج الخريجين علي مستوي سوق العمل تمكن من إختبار نجاعة وفاعلية مخرجات التعليم الجامعي وتسهم في تصحيح وتوجيه مسارات التكوين من أجل ملائمتها مع متطلبات تنمية البلد.  وفي هذا الإطار، فإننا نوصي بإنشاء المرصد الجامعي لمتابعة دمج الخريجين كبنية قائمة بذاتها علي مستوي إدارة الجامعة،

- تطوير وتفعيل عمليات الشراكة مع الجامعات الإفريقية والعربية والدولية وذلك بهدف تطوير التفاعل الثقافي وزيادة التبادل الطلابي وأعضاء هيئة التدريس والوصول إلي إقامة مشاريع مشتركة في مجال البحث العلمي،

- توظيف أفضل لتكنولوجيا المعلومات من أجل تحقيق تحسن مطرد في أداء الموارد البشرية،

- تطبيق سياسة إتصال محكمة وفعالة مع الجميع وتقوية الثقة بين إدارة الجامعة وهيئات التدريس والطلاب والعمال ومع جميع الشركاء الخارجيين الوطنيين والدوليين،

- تطوير الحوكمة الرشيدة عبر إرساء مفهوم الجامعة المبادرة وذلك بإتخاذ ما يلزم من خطوات لتحسين النجاعة الداخلية والخارجية ومواصلة التسيير المحكم للموارد و خلق قطب خاص بالخبرة والاستشارات الجامعية يمكن من تعبئة موارد إضافية لدعم الميزانية العامة للجامعة،

- إشاعة ثقافة التقييم لتشمل جميع أطراف العملية التربوية بدءا بالطلاب والمدرسين مرورا بطواقم الإشراف التربوي والإداري وانتهاءا بقيادة المنظومة التربوية الجامعية.

والخلاصة إنه من أجل مواكبة التطور الحاصل اليوم في العالم الذي أنتقل من الإقتصاد الصناعي حيث التركيز علي المنتجات إلي عالم المعرفة الذي يعتمد علي الخدمات والخبرة ، فإنه يكون لزاما علينا إحداث التغيير المطلوب في مجال تعليمنا الجامعي ليستجيب لمتطلبات البلد التنموية وهو ما ركز عليه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في برنامج " تعهداتي" .

كما أن الرهان علي مواصلة الإصلاحات في منظومتنا التربوية الجامعية يبقي هدفًا لاغني عنه لإيصال المجتمع الي الحالة التي يري فيها نفسه الأداة التي تذكي روح المواطنة وتعزز التماسك الإجتماعي وتحقق الوحدة الوطنية الشاملة التي نسعي اليها جميعًا.

14. يوليو 2020 - 18:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا