نقطة البداية في التصليح : التوقف عما لا يصلح ! / التراد سيدي

في كتاب الله آية ذات معنى جامع مانع (( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيرو مابأنفسهم)) إن الحاجة لتصليح الحال وتصحيح السلوك والمسار أصبحت من الأمور المسلم بإلحاحها وتعتبر مسألة إجماع عام وليست فقط من رأي جزء من الانتلجنسيا الوطنية التي تدرك بحكم اطلاعها أمورا لا يدركها الكثيرون. لقد أصبحت قناعة الأكثرية تتجه نحو العمل للتغيير والتصحيح سلوك ونهج اقتنع الجميع بضرورة تجاوزه وتبديله أو تعديله فقط بقت مشكلة كيف تكون البداية ونقطة البداية تبدأ من التوقف عن السلوكيات السائدة التوقف عن التساهل مع الخيانة وعدم الأمانة عن الزبونية و الوساطة والمحابات. اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة وحسن السلوك للمسؤوليات المختلفة إدارية تشريعية قضائية وعدم تعيين أي أحد في أي منصب إلا بناءا على سجله العملي ومؤهله ومحاربة التزوير في الشهادات وفي سير العمل واعتماد المكافأة والحساب بصرامة وبعدل. إن التوقف عما يجري من سلوكيات معوجة له الأولوية المطلقة فلا نستطيع تحقيق أي تغير أو تقدم مالم نتوقف عن سلوكيات سائدة كلفتنا من الأضرار ما لايمكن تقدير حجمه مما يفرض التوقف عما كنا فيه وتصحيح المسار لأنه مالم نتوقف فليس لنا عمل نعمله أو نهج ننهجه لأن نقطة البداية للتصليح تتمثل في التوقف. لنتوقف عن وضع الثقة في غير أهلها فمن خان مرة فلن نأمن أن يخون مرات فلا يمكن أن نعيد الثقة في من أثبت عدم الأهلية أو الأمانة ولا يمكن أن يرشح للبرلمان والمجالس الجهوية والبلدية من ثبت عدم نزاهته.. ولايجوز أن يتمتع مختلس المال العام بما اختلس ويكتفى بإبعاده من الوظيفة فلا بد من استرداد ما أخذ من مال وبقاء المختلس في السجن مدة حسب حجم جرمه إن تمتع المختلسين بما اختلسو عملا مشجعا على رذيلة اختلاس المال العام و يجب أن يعتبر ترك المختلس دون عقوبة مشاركة في الجريمة مساعدة فيها وتشجيعا عليها لأن من أكبر المساعدة والتشجيع ترك المختلسين يتمتعون بما اختلسوا كما أن تدوير الفاسدين وتأهيلهم و ترقيتهم لا يمكن اعتباره إلا خدمة لتوسع الفساد وترسيخه لذا يجب تغيير هذا السلوك وتبني اتجاه جديد يشجع على الاستقامة والأمانة والنظافة باختيار الأحسن والأكفأ وتشجيعه ومكافاته ومعاقبة السيء ومحاسبته على رؤوس الأشهاد وإبعاده ونبذه إذا شئنا تغيير مابنفوسنا فلنوقف هذا العبث الذي يسود حياتنا وتبني سياسات قابلة للإستمرار وخدمة مجتمع شديد الحاجة للعدل والمساوات والتقدم والرفاه والسلام كل ذلك يتوقف على تصحيح وتغيير كثير مما تعودنا عليه من أنماط حياة وسياسات خاطئة كادت تكون جزئا من كياننا وشخصيتنا فالكثيرون لايمكن أن يتصوروا بلدهم خال من الزبونية والوساطة والتلاعب بالمال العام والكسل والتملق والنفاق للسلطة وأهل الجاه فهذه الصفات السيئة صارت لصيقة بنا متمكنة من نسيجنا بحيث يشكل اقتلاعها ونبذها وتجاوزها وتبني سلوكيات حضارية مستمدة من مبادئ ديننا وقيمنا السامية شيء في غاية الصعوبة برغم انسجامه مع مصالحنا ومتطلبات حياتنا ومع صعوبة التخلي عما تعودنا فإننا مرغمون على التغيير مهما كان وكلما كان ذلك أسرع يكون أفضل وكلما كان أشمل يكون أحسن إن الماضي مضى بما فيه ولسنا قادرين على علاجه إننا مطالبون بعلاج الحاضر والنظر لما يصلح المستقبل كل شيء يتعلق بالحاضر والمستقبل علينا تناوله وعلاجه وأكثر شيء حاجة للعلاج هذا الفساد الذي يسود مجتمعنا ويفسد سياساتنا كلها ويهدد كياننا ويحرمنا من التمتع بخيرات بلادنا ويحولنا فقراء برغم غنانا ويجعلنا الفساد ضحايا ينهشنا الثلاثي البغيض الفقر والجهل والمرض ونحن بحول الله قادرون على التصدي وقهر هذا الثلاثي المقيت لولى الفساد وسوء التسيير اللذان يعيقاننا ويمنعاننا من استخدام وسائلنا بشكل صحيح لقهر أعدائنا وإسعاد شعبنا والوقوف على أقدامنا كبشر سويين .. عندما نتغير سنجد أنفسنا أمام مهام عظيمة طالما انتظرها شعبنا فلنبدأ الخطوة الأولى وسنتابع الخطوات.... بإذن الله وحوله وقوته.

 

21. يوليو 2020 - 12:21

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا