محطات من المسار السياسي للتيار الإسلامي في موريتانيا / إسماعيل بن موسى بن الشيخ سيديا

altما كان للتيار الإسلامي وهو يشق طريقه بهدوء وثقة وتوكل على الله الواحد الأحد أن يهمل العمل في الجانب السياسي...

لقد ظهر الاهتمام بهذا المجال فى وقت مبكر من عمر التجربة الإسلامية المعاصرة في موريتانيا...

وكانت البداية برفع الصوت عاليا والمنادات بتطبيق الشريعة الإسلامية، وتغيير المنكرات نادت بذلك جماعات المساجد في أواخر السبعينيات ومن المعروف أن تلك الجماعات إنما هي تشكيلات منبثقة عن المحاولات الأولى لتبلور التيار الإسلامي.

وكانت المواقف السياسية بعد ذلك تترى كل ما جد جديد على الساحة الموريتانية. كما تنوعت التعبيرات عن السعي الجاد للمشاركة السياسية...

فخاض الإسلاميون غمار الانتخابات البلدية، وعندما صدر القانون المنظم للأحزاب في 25 يوليو 1991 جهزوا ملفا متكاملا لحزب سياسي كانوا يأملون أن يتم الترخيص له، ثم انخرطوا في المعارضة السياسية لنظام ولد الطائع، وبعد سقوط هذا النظام في 3 أغشت 2005 حاولوا مجددا دخول المعترك السياسي.. فكانت تجربة حزب الملتقى الديمقراطي (حمد) ثم تجربة "الإصلاحيين الوسطيين"، وأخيرا تجربة حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية تواصل، وهذه محاولة للوقوف عند أبرز تلك المحطات.

1 / تجربة حزب الأمة: فور الإعلان عن الأمر القانوني: 024 / 91 الصادر يوم: 25 يوليو1991 اشتد الحراك في الساحة السياسية الموريتانية، وبدأت مختلف الجهات والتشكيلات والتوجهات تعد العدة لدخول المعترك السياسي عن طريق طلب الترخيص لأحزاب تمثلها.

وهكذا اجتمعت مجموعة من الإسلاميين في يوم: 13 نوفمبر 1991 في جمعية عامة بالمنزل رقم: 70 (ب) في الحي (ف) بمدينة نواكشوط، وقرروا إنشاء حزب سياسي باسم (حزب الأمة).

وقد جاء فى طلب الترخيص الموجه إلى وزارة الداخلية فى اليوم الموالي للاجتماع ما يلي نصه: "... وانطلاقا من القانون المنظم للأحزاب وخصوصا فى مواده: (7، 8، 9،11، 10) فقد اجتمع المؤسسون المرفقة أسماؤهم فى جمعية عامة يوم: 13 / 11/ 1991، واتخذوا بالإجماع القرارات التالية:

1- تأسيس حزب سياسي تحت اسم حزب الأمة. وتضيف الرسالة (الطلب) الموجه لوزارة الداخلية: (ووعيا لكل هذا فإننا نحن الموقعين نرفع هذا الطلب إليكم سيادة الوزير، راجين الترخيص لحزبنا: حزب الأمة الذي نريده لبنة إيجابية فى البناء السياسي للتعددية الديمقراطية فى بلادنا).

وكانت الهيئة القيادية الرئيسة للحزب تتشكل من 16 عضوا نذكر منهم على سبيل المثال: - فضيلة الأستاذ الداعية محمد بن الشيخ محمد المصطفى ولد سيد يحي. - فضيلة الشيخ الإمام عبد العزيز سي رحمه الله نائبا أول للرئيس. - فضيلة الإمام صمب ولد محم النائب الثانى للرئيس. - الخبير الاقتصادي: الداه ولد أحمد ولد المرابط أمينا عاما. - الأستاذ: محمد جميل بن إبراهيم بن منصور أمينا عاما مساعدا.

وقد تقدم مؤسسوا الحزب بملف متكامل وفق ما ينص عليه قانون الأحزاب إلى وزارة الداخلية، ومن بين الوثائق التى تضمنها الملف: - النظام الأساسي للحزب. - البيان السياسي العام.

لكن وزارة الداخلية رفضت مجرد استقبال الملف، وقد وثقت بعض الصحف الصادرة فى ذلك الوقت قيادة حزب الأمة وهي تقف أمام أبواب الوزارة ولا تجد من يستقبلها.

وقد أصدر حزب الأمة بعد هذا الإجراء بيانا عاجلا فى مساء يوم: 18 نوفمبر1991 وهو نفس اليوم الذي تم فيه الرفض.

ويوصف هذا البيان في أدبيات الحزب بالبيان رقم: 1 ونظرا لأهميته نورد نصه الكامل:

قال تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين). أيها الشعب الموريتاني المسلم: لقد تقدمت جماعة من أبنائك المؤمنين الصادقين أئمة ودعاة وأطرا ونساء وشبابا بملف كامل الشروط والمستلزمات القانونية لوزارة الداخلية يوم الاثنين: 12 / 05 / 1412هـ الموافق 18/11/1991 قصد الترخيص لحزب سياسي يدافع عن إسلام الأمة من غير احتكار له ولا وصاية عليه، هذا الإسلام المهدد بسياسة التغريب والعلمنة التي تنتهجها السلطات الحاكمة بغير ما أنزل الله ويسعى جادا للمحافظة على الوحدة الوطنية ترسيخا لمقومات الاستقرار ومحاربة لكل دعوات التجزئة والانقسام. وجاء جواب الوزارة هزيلا في شكله متناقضا في مضامينه، جاء هذا الجواب رافضا لحزب الأمة لأسباب ثلاثة: 1- كونه يحمل اسم "الأمة" والأمة مفهوم ديني حسب تعبيرهم (المادة: 1). 2- كونه يتخذ شعارا قرآنيا (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (المادة: 2). 3- كونه يسعى إلى سيادة المنهج الإسلامي شعبيا ورسميا (المادة: 6). وبالجملة لأنه يعمل لتطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف مجالات الحياة: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون).

أيها الشعب المسلم: إن هذا الرفض المتحدي لكل النصوص الشرعية والضوابط القانونية المعمول بها في البلد جاء بعد الترخيص لكل الجماعات والأحزاب على اختلاف مناهجها، ومشاربها ليؤكد التخوف والرفض الرسمي لكل ما هو منطلق من تعاليم إسلامنا العظيم، كما يؤكد وبشكل سافر تبعية لدوائر الكفر العالمي التي يستعد النظام لزيارة إحداها مقدما بين يديها عربون الرفض لحزب الأمة الأبي، هذا فضلا عن برهنته الواضحة على النية الرسمية في احتواء العملية الديمقراطية تكريسا للحكم الفردي وإقصاء للمنافسين الأصلاء.

أيها الشعب المسلم: إننا في حزب الأمة الذي دشن النظام برفضه منعرج الانحراف الحقيقي عن المسار الديمقراطي وعيا منا لهذه الحقائق واستشعارا منا لمسؤوليتنا أمام الله ثم أمامك لنؤكد رفضنا لهذا الرفض غير القانوني، ونعاهدك على المضي قدما في هذا الطريق مهما كانت العقبات والتحديات.

(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

حزب الأمة نواكشوط: 12 جمادى الأولى 1412 هـ 18 نوفمبر 1991م.

كما تنادى بعد ذلك الأئمة والدعاة المؤيدون للحزب إلى عقد ندوات جماهيرية حاشدة فى عدة مساجد جامعة فى مختلف أنحاء نواكشوط... وصلت حدود العشرين ندوة كان عنوان الندوة الأولى منها: "ندوة رفض الرفض".

وتوصلت قيادة حزب الأمة برسائل تأييد ومساندة من بعض الأئمة من مختلف ولايات الوطن وكانت تلك الرسائل تقرأ على الجمهور في الندوات المسجدية فيتفاعل معها تفاعلا حماسيا منقطع النظير.

2 / تجربة حزب الملتقى الديمقراطي (حمد): خاض الإسلاميون مع مطلع العام 2003 صراعا مريرا مع نظام معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع، كانت فيه الهجمة شرسة وقوية على كل ما يمت للدعوة بصلة فتم سجن رموز العمل الإسلامي من أئمة ودعاة وأساتذة، وأغلقت أهم مؤسسات العمل الإسلامي التعليمية والدعوية والخيرية، وقامت السلطات بحملة إعلامية قوية استهدفت تشويه صورة الإسلاميين لدى الرأي العام والنيل من منهجهم الوسطي المعتدل.

لكن الإسلاميين لم (يهنوا ولم يحزنوا) وقاوموا بالأساليب السلمية، فأقيمت عشرات الندوات وكتبت مئات المقالات ونفذت الاعتصامات والوقفات أمام السجن المدني، وأصدرت الوثائق التي توضح المنهج والخط مثل وثيقة: (هذه دعوتنا) التي نشرت في الصحف والمواقع الإعلامية على نطاق واسع سنة 2003.

ولم يغب الهم السياسي عن الإسلاميين في هذه الفترة الحرجة، فبعد انتهاء الانتخابات الرئاسية لعام 2003 والتي دعم فيها الإسلاميون المرشح الرئاسي محمد خون ولد هيدالة، بعد انتهاء هذه الانتخابات وما شابها من عمليات التلاعب وتزوير، قرر الإسلاميون مع مجموعة من الشركاء السعي لتشكيل حزب سياسي.

وهكذا و (على تمام الساعة السادسة بعد الظهر من يوم: 5 إبريل سنة 2004 اجتمعت الجمعية التأسيسية لحزب الملتقى الديمقراطي فى المنزل رقم: 100 حي م / مقاطعة تفرغ زينه).

كما ورد في محضر اللجنة التأسيسية للحزب التى ضمت 105 من الشخصيات السياسية والعامة من بينهم السادة:

- عبد الله ولد محمد المختار ولد محمد فال. - الشيخ المختار ولد أحمدو ولد حرمة ولد بابانا. - المختار ولد محمد عبد الله ولد محمد ولد محمد موسى. - دياورى كانيي. - الطيب ولد محمد محمود. - الحاج عمار كان. - محمد محمود ولد المختار امبارك. - زينب بنت الدد ولد عمار. - الحسن عبد القادر أنداي. - السالك ولد سيد عبد الله ولد سيد محمود.

وقرر المشاركون في هذا الاجتماع إنشاء حزب الملتقى الديمقراطي، وتقدموا بملفه لوزارة الداخلية بعد أن تأكدوا من إحترام الملف لكل الشروط المطلوبة لتأسيس حزب سياسي.

وكان ذلك في يوم الأربعاء 7 إبريل سنة 2004 لكن الوزارة أيضا رفضت حتى مجرد استقبال الملف تماما كما حدث مع حزب الأمة فى سنة 1991.

وقد جاءت حيثيات هذا الرفض مفصلة فى البيان الذى أصدره المكتب السياسي للحزب يوم الأحد 11 إبريل سنة 2004.

إذ جاء في نص البيان المذكور: (...وفي يوم الأربعاء 7 إبريل الساعة 12 والنصف، وصلنا إلى وزارة الداخلية لتقديم الملف للجهات المعنية، ووجدنا جميع المكاتب مغلقة باستثناء مكتب مدير الشؤون السياسية والحريات العامة، حيث وجدنا المدير المساعد صدفة ولكنه سرعان ما اختفى بعد أن قال إنه غير معنى باستقبال الملفات التي قال إنه ينبغي أن تودع لدي مكتب الاستقبال مقابل وصل إيداع، ويظهر أن الأمر لا يعدوا خدعة من طرفه، فعندما اتجهنا إلى مسؤول مكتب الاستقبال رفض استقبال الملف، وقال إن استقبال ملفات الأحزاب من اختصاص إدارة الشؤون السياسية والحريات العامة وحدها، وعلى تمام الرابعة والنصف كانت المكاتب خالية من جميع الموظفين الإداريين، وجاءنا عناصر من الأمن وطالبونا بإخلاء الوزارة، وفجأة إذا بالوزارة مطوقة بشرطة مكافحة الشغب، فقررنا الانسحاب من الوزارة والعودة لها فى اليوم الموالي.

وفي يوم الخميس 8 إبريل رجعنا إلى الوزارة لنجد بابها الخارجي مغلقا وعليه حراسة مزدوجة من الشرطة والحرس، وأبلغنا الحراس أن لديهم تعليمات بمنعنا من الدخول، وبعد مفاوضات طويلة قرر أحد وكلاء الحرس أن يذهب إلي مدير الشؤون السياسية والحريات العامة ليبلغه بوجودنا، هذا الأخير سمح بمقابلة شخص واحد فقط، وقد انتدبنا له النائب جاور كانيي الأمين العام للحزب، وبعد 45 دقيقة من الانتظار غير المجدي عاد النائب ليخلفه الدكتور الشيخ ولد حرمه ولد بابانا رئيس الحزب الذي استقبله مدير الشؤون السياسية والحريات العامة بعد عشرين دقيقة من الانتظار، ويبلغه شفهيا بقرار الوزارة رفض استقبال الملف ورفض الاعتراف به متذرعة بثلاثة أسباب:

- وجود عناصر إسلامية في قيادة الحزب. - وجود عناصر متابعة قضائيا. - وجود عناصر محكوم عليها قضائيا). 3 / تجربة الإصلاحيين الوسطيين: وبسقوط نظام ولد الطائع فى يوم 3 أغشت سنة 2005 دخلت البلاد مرحلة جديدة، وكان الإسلاميون من أول من رحب بهذا التغيير، وأصدروا بيانا في اليوم الموالي للانقلاب أي يوم 4 إبريل، وهو بيان موقع من طرف 18 شخصية من أبرز الشخصيات الإسلامية، ذكروا فيه أن الإسلاميين عبروا (طيلة ذلك الحكم عن رفضهم ومعارضتهم الشديدة لسياساته وتوجهاته، وعانوا بسبب ذلك ما عانوا من قمع واضطهاد وتشويه دعائي وإقصاء سياسي لا تزال شواهده ماثلة فى عشرات المعتقلين والمشردين والملاحقين إلا أن ذالك لم يدفعهم إلى القيام بأية ردة فعل متشنجة بل ظلوا أوفياء لخطهم الوسطي الرافض للعنف والمتمسك بالخيارات الوطنية والداعي إلى الحوار بالتى هي أحسن لحل كل المشاكل والتغلب على كافة الأزمات).

وعلى الصعيد السياسي واصل الإسلاميون تمسكهم بحزب الملتقى الديمقراطي، واعتبروا (أن السلطات الجديدة عبرت بشكل واضح أنها جاءت من أجل معالجة مخلفات ما تركه النظام السابق من ممارسات استبدادية، وأهم مظهر من مظاهر الاستبداد هو اعتقال الناس ومطاردتهم، ومنع الناس من التعبير السياسي، وأكبر مثال على هذا المنع – هو بالتأكيد حزب الملتقى الديمقراطي، ومن الطبيعي جدا أن تكون معالجة هذا الملف والاعتراف بهذا الحزب مكونا رئيسا فى الساحة السياسية من أهم النقاط التي يعالج بها الاختلال السابق).

وقد جاءت هذه التصريحات ضمن مقابلة صحفية أجراها الأستاذ محمد جميل بن منصور مع جريدة أخبار نواكشوط فى عددها رقم: 160 الصادر بتاريخ: 15 أغشت 2005.

وقد أوضح الأستاذ محمد جميل فى تلك المقابلة مسألة مهمة إذ قال: (...التيار الإسلامي في موريتانيا حالة سياسية قائمة، له رأيه، له جمهوره، معروف باعتداله ووسطيته وديمقراطيته، وينبغي موضوعيا أن يكون له مكانه فى الخريطة السياسية الموريتانية الجديدة، وإلا فإن الوضع ما زال يعانى خللا كبيرا تلزم معالجته).

ومنذ ذلك الوقت بدأ الإسلاميون فى التشاور من أجل إيجاد إطار سياسي يعبرون من خلاله عن أنفسهم، وفى نفس السياق وضعوا حدا لمشاركتهم فى حزب الملتقى الديمقراطي بعد تمادى وزارة الداخلية في رفضه، وأعلنوا عن ذلك في بيان أصدروه يوم: 5 نوفمبر سنة 2005.

وبعد فترة وجيزة كان الحدث التاريخي على مستوى الساحة الإسلامية، إذ تم الإعلان في يوم 23 نوفمبر سنة 2005 عن ميلاد "لجنة المتابعة والاتصال للإصلاحيين الوسطيين" وكان ذلك في حفل كبير في أحد الفنادق وسط العاصمة نواكشوط.

وجاء في بيانها التأسيسي: (ولأننا أخذنا على أنفسنا الالتزام بخط الوسطية الإصلاحية والتشبث بالديمقراطية والعمل المدني والقانوني فقد أجرينا ما استطعنا من المشاورات لنعلن في هذه المرحلة عن تشكيل لجنة المتابعة والاتصال للإصلاحيين الوسطيين حتى تعمق التفكير فى خيارات المستقبل بروية وتوازن، وتجري اللازم من الاتصالات والمشاورات).

وقد تشكلت هذه اللجنة من 21 عضوا، ولا يخفى حجم التضحية الذى أقدم عليه هؤلاء الفضلاء والفضليات الذين تشكلت منهم لجنة المتابعة والاتصال في ذلك الظرف السياسي الحرج لذلك نذكر أسماءهم تنويها وإشادة:

- محمد جميل بن منصور (منسق اللجنة). - الشيخان ولد بيب. - الطيب ولد محمد محمود. - با ممد دمبا. - السالك ولد سيد محمود. - الحسن ولد محمد. - حبيب ولد حمديت. - محمد غلام ولد الحاج الشيخ. - ياي أنضو كوليبالي. - أعمر ولد ناجم. - محمد يسلم ولد سيد المختار. - محمد ولد محمد امبارك. - أم المؤمنين بنت أحمد سالم. - زينب بنت الدد. - آسية بنت علي. - الهيبة ولد الشيخ سيداتى. - إسلم ولد الدمين. - بركة بابو. - با عبد المنير. - عبد وتى ولد عالى.

وقد نشر (الإصلاحيون الوسطيون) وهو الاسم الذي أصبح متداولا بقوة، نشروا وثيقة مهمة هي وثيقة (الرؤية سياسية) في فاتح فبراير سنة 2006، ومما جاء في مقدمتها التمهيدية: (فتح تغيير الثالث من أغسطس 2005 آفاق التغيير أمام الموريتانيين فتجددت آمالهم في الشأن العام، وتداعوا في أشكال مختلفة ينادون للإصلاح ويسعون للتغيير، وينشدون وضعا جديدا يرتق خلل الماضي ويبشر برقي الغد.

ولم يكن الإصلاحيون الوسطيون بدعا من ذلك، فلئن فوت لهم حق الإطار القانوني المتاح للجميع، فإن صيغ المشاركة في الحياة العامة لم تتوقف لديهم على شكل المؤسسة الحزبية، واحتفظوا بحقهم فيها، ونددوا باستثناء طالهم، لا تقبله قواعد العدل ولا أساسيات الديمقراطية، ورفضوا أن يجعلوه مبررا يحجب المشاركة ويوقف المسير.

والتأم الجمع في مبادرة تنسق المواقف وتوضح الفكرة، وتجلي الوسائل، وتتيح للغير الاتصال والتفاعل في حوار الحسنى وبلاغ الحكمة، واستقبلنا في هذه المبادرة أنواع الناس: صحفيين متطلعين، وسياسيين محاورين، وبين هؤلاء وأولئك جموعا مؤيدين متعطشين للشعار، ومستوضحين للمنهاج، فأوضحنا وحاورنا وشرحنا وبينا).

واتخذت مبادرة الإصلاحيين الوسطيين مقرا لها فى عمق العاصمة الموريتانية نواكشوط، وقامت بأنشطة إعلامية وسياسية قوية، وشاركت في صناعة وإدارة الأحداث السياسية المكثفة التي شهدتها المرحلة الانتقالية.

فكانت بذلك تمهيدا وأي تمهيد لقيام حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية تواصل.

وهو ما دأب الحزب وقياداته على تأكيده في كل مناسبة، وقد جاء في الخطاب الافتتاحي لمؤتمر الحزب الأول الذي ألقاه السيد الرئيس القائد محمد جميل بن منصور – حفظه الله – ما نصه: (فها نحن بحمد الله وتوفيقه نلتئم في المؤتمر الوطني العام لهذا الحزب الفتي قبل اكتمال عام على رفع الحظر عنه وإعطاء أهله حقهم في التنظيم والتعبير والعمل، مؤكدين بذلك حرصنا على الشرعية والبناء المؤسسي.

إن لقاءنا اليوم في هذا المؤتمر الجامع مناسبة لحمد الله على كل حال ومرحلة، نحمده سبحانه على مرحلة الانطلاق والإحياء، وعلى فترات الاحتكاك والاستهداف، وعلى أيام التضييق والتهميش، ونحمده سبحانه على محطات الحرية والاعتراف والحضور. فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله في كل حال.

وهذه مناسبة إخواني أخواتي لنترحم على إخوان لنا علمونا، وأناروا الطريق لنا، وبذلوا الغالي والنفيس لترتوي شجرة الإسلاميين، فالإصلاحيين الوسطيين، فتثمر التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل).

21. ديسمبر 2012 - 15:57

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا