متابعة الناس فيما يثبت للفرد عدم صلاحيته أو صلاحه. إننا جميعا في الفضاء العربي - الإفريقي نعيش أزمة فكرية تتمثل في انعدام خط واضح يحدد برنامجا صالحا لقهر الصعوبات التي تعترض عملنا للتغلب على الجهل والمرض والفقر المتحصنين بالتخلف الذي يأبى التزحزح عن مواصلة الثبات والصمود في وجه مختلف المحاولات التي بذلتها مختلف الأطراف و بمختلف الوسائل مدارس معاهد جامعات تحديث السكن تعميم الإنارة تحديث وسائل الاتصال تغيير كل شيء إلا العقل فإنه باقي ثابت على تخلفه متمسك بحٌزَمِ منطلقاته الخرافية تعطل رؤية الأمور رؤية صحيحة والتعامل مع مايعيقنا في مهامنا للحفاظ على حريتنا وتأمين شعبنا وتوفير شروط حياة مقبولة تناسب ما عليه حال العالم من حولنا إن العالم من حولنا عرف ما يجب وبدأ مسيرة بعضه تقدم كثيرا وبعضه تقدم بمستويات مختلفة لكنه تقدم على كل حال. أما نحن فلم نحدد بالضبط أهدافنا بحيث يتأتى البحث عن وسائلنا لبلوغها لذا فنحن مقيمون في تخلفنا مستمرون في حيرتنا نتقدم خطوة ونتراجع خطوة أو خطوات نحدد هدفا ونعمل لهدف يناقضه نعمل كما يعمل الأعمى يحفر حفرة ويبصق خارجها إن من أهم مشكلاتنا مشكلة الهوية التي لم نستطع أن نصحح النظرة لها مذ بدأ التحديث يؤثر علينا بمفاهيم القومية والوطنية والأممية.. فالكثيرون أسرى تعريفات للهوية لا تضع المصلحة في مكانها من الأهمية لتحديد الهوية متجاهلا دور ترابط المصالح التي شكلت أهم العوامل الموحدة لأكثر أمم الأرض مثل أمريكا وكندا وروسيا واستراليا وغيرهم وغير مستوعبين للدوافع التي جعلت أوروبا بكل ما يفرقها من اختلاف في اللغة والأصل ومن تاريخ من الصراعات الدامية سعت للوحدة واستخدام عملة موحدة مكان عملاتها القومية التاريخية و بذلت مجهودات ضخمة للمزيد من الإندماج كل ذلك بسبب عامل المصالح بوصفه العامل الأكثر أهمية في عصرنا الحالي بينما بقى مفكرون وسياسيون مركزين على العوامل الأقل أهمية مثل اللغة والتاريخ المشترك يزيدونهم بالآمال والآلام وهما عاملان يتولدان من وحدة المصالح لا من اللغة أو التاريخ. إن عدم إدراك وحدة المصالح بين الشعوب العربية الإفريقية التي تتداخل ديموغرافيا وجغرافيا وتتشابه مشاكلها بنيويا وتتكامل اقتصاديا وكل شيء يدعم حتمية الروابط التي لا يمكن للناظر الأمور بتجرد إلا أن يسلم بحتمية وحدة الفضائيْن و أي محاولة لوجود تمايز أو افتراق بين المجموعتين سيخلق من المشاكل والصعوبات ما يجعله مستحيلا إن النظرة للخريطة ومستوى تداخل السكان يوضح استحالة وجود حل التداخل السكاني غير الوحدة الاندماجية التي يدعمها التكامل في الثروات ووحدة السوق والمستوى الاجتماعي والثقافي والإقتصادي كل هذا الواقع شديد الوضوح لم يقنع من قرروا مفهوما للقومية ينطلق من جُزيآت مهمة لكنها ليست بأهمية ترابط المصالح الذي إن كان أوجد هذه الأمة الضخمة امريكا و أوجد هذا المجهود الذي تبذله أوروبا مدفوعة بوحدة المصالح فهذان المثالان يكفيان. الذين يعتقدون أن الأمة العربية باقطارها المعروفة قادرة على تكوين وحدة نطرح عليهم نقاطا يدرسونها أولا: من أين سنوفر المياه؟ ونحن في الغرب تقع مصر والسودان على نهر ينبع من مناطق اشقائنا في تانزانيا ويمر بوروندي وأوغندا والنيل الأزرق من هضبة اثيوبيا ألا يشكل الماء مصلحة وجودية لا يمكن الاستغناء عنها؟ وفي المشرق العربي يمكن لدجلة والفرات الذان تعتمد عليهما العراق وسوريا أن يستمرا جاريين دون اتفاق مع تركيا التي ينبع منها ماء النهرين الخالدين ؟ وهناك مياه إيرانية يمكن للعراق الاستفادة منها فهل يمكننا أن نفكر بالمستقبل ولانضع في ذهننا إمكانية الوحدة مع محيطنا كله و على رأس محيطنا في الأهمية القارة الإفريقية كلها. إننا في حيرتنا وتخبطنا نحتاج إلى إعادة النظر في بعض مانعتبرها مسلمات وهي ليست كذلك فمن لا يرى ضرورة الوحدة العربية الإفريقية لم يفكر بتاتا في الروابط التي تربط هذا الفضاء والحاجة لنهضة جديدة سيوفرها التكامل في الثروات وطاقة العمل وسعة السوق وقدرة الوصول لكل الأسواق عبر عقد المواصلات الدولية من رأس الرجاء الصالح إلى خليج السويس وخليج عمان وباب المندب ومضيق هرمز !!! إن الوحدة العربية الإفريقية ستشكل ولادة أمة عظيمة في عالم لا يفيد فيه شيء أكثر مما يفيد الحجم فكيف إذا كان مع الحجم الثروة البشرية الخلاقة للشعبين العربي الإفريقي والثروات الضخمة والمتنوعة التي تزخر بها مختلف أراضي هذا الفضاء الفريد في الغناء وفي استراتجية الموقع الرابط بين كل أرجاء العالم...